هل يسعى رئيس الحكومة التونسية إلى كسب ودّ الصحافيين؟

هل يسعى رئيس الحكومة التونسية إلى كسب ودّ الصحافيين؟

02 يونيو 2018
اتُهم الشاهد باستغلال التلفزيون الرسمي لتصفية حساباته(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أنه ستكون هناك تبعات للكلمة المتلفزة لرئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، التي بثها التلفزيون الرسمي، يوم الثلاثاء الماضي، وشنّ فيها هجوماً كاسحاً على حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي، محملاً إياه مسؤولية ضعف حزب "نداء تونس" (الحزب الحاكم)، ومساهمته هو وفريقه في نقل الصراع الدائر داخل الحزب إلى أروقة الحكم في تونس.

تصريحات الشاهد كانت بمثابة المفاجأة للكثير من السياسيين، لكنها كانت أيضاً محل نقد الكثير من الإعلاميين والسياسيين لا لمحتواها السياسي بل لتوظيف رئيس الحكومة التلفزيون الرسمي في صراعاته مع نجل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، وهو ما اعتبره البعض توظيفاً للتلفزيون لخدمة أغراض شخصية وليست للقيام بعمل يهمّ التونسيين ككل، مثلما صرح بذلك منسق حزب "تونس أولاً"، رضا بلحاج، الذي اعتبر أن الشاهد وظف "وسائل الإعلام العمومية لتصفية حساباته السياسية والتشبث بالسلطة".

بعض الإعلاميين طرحوا فرضية أن يطلب حافظ قايد السبسي الذي شنّ عليه رئيس الحكومة التونسية الهجوم بحق الردّ في القناة والتوقيت نفسهما، كما تفرض القوانين المنظمة للعمل الإعلامي في تونس. لكن مصادر مقربة من رئاسة الحكومة أفادت "العربي الجديد" بأن الشاهد لم يوظف وسائل الإعلام الرسمية لخدمة أغراض شخصية، وكان واضحاً عندما اعتبر ممارسات حافظ قايد السبسي والفريق المقرب منه ليست شأناً حزبياً يهم "نداء تونس" فقط، بل أصبح يهمّ كل التونسيين لأنه أثر سلباً على سير الإدارة الرسمية التونسية، وبالتالي من حق الشاهد باعتباره رئيس الحكومة طرح الموضوع في التلفزيون الرسمي لكل التونسيين.




الشاهد في صراعه مع حافظ قايد السبسي يريد استرضاء الإعلاميين وكسب ودهم، وهو ما بدا من خلال استقباله لنقيب الصحافيين التونسيين، ناجي البغوري، مساء الخميس، وهو الاستقبال الأول لرئيس الحكومة بعد خطابه الأخير، الأمر الذي يترجم أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلام في الأيام المقبلة.

ترجمة وجدت صياغتها العملية في القرارات التي اتخذها رئيس الحكومة التونسية لفائدة القطاع الإعلامي، إذ تعهد في هذا الصدد بخلاص أجور الصحافيين والعاملين في إذاعة "شمس أف أم" الذين يخوضون إضراباً عن العمل، كما وعد بمواصلة دفع الأجور والمستحقات المالية إلى حين إتمام عملية البيع نهائيا لهذه الإذاعة، وأكد حرصه على أن تراعي كراس شروط بيع إذاعة "شمس أف أم" الصبغة التحريرية وحقوق العاملين وامتيازاتهم ودعمها والتنسيق مع إدارة المؤسسة في معالجة الوضعيات الهشة للعاملين حالة بحالة.

رئيس الحكومة التونسية في لقائه مع نقيب الصحافيين التونسيين تطرق إلى الوضع الصعب الذي تعيشه الصحافة الورقية، خاصة في ظل موجة إغلاق المؤسسات الإعلامية التي تصدر صحفا ورقية. وتمّ الاتفاق على ضرورة وضع الاتفاقيات السابقة في هذا الصدد بين الهياكل المعنية والحكومة قيد التنفيذ، ومنها الإعفاء من خلاص بعض الديون وتوزيع الإعلانات التجارية الرسمية وحث الإدارات الرسمية والوزارات على رفع عدد الاشتراكات السنوية بهذه الصحف.

لقاء الشاهد البغوري تطرق إلى وضع الحريات الصحافية على ضوء التقرير السنوي حول حماية الصحافيين الذي كانت قدمته النقابة في الفترة الماضية، وأشار إلى تصاعد في الاعتداءات الممنهجة من قبل وزارة الداخلية في ظل تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب. وتم التعهد بالبحث في هذه الملفات وتحديد جدول زمني لتفعيل الاتفاقيات كلها.

هذه التعهدات من قبل رئيس الحكومة التونسية ستساهم ولا شك في حلّ عديد المشاكل التي يعرفها القطاع الإعلامي في تونس، لكن توقيت الإعلان عنها هو ما طرح تساؤلات عدة حول المغزى منها، في ظل حالة الصراع المعلنة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزبه "نداء تونس" ممثلاً في مديره التنفيذي حافظ قايد السبسي، فهل هي عملية استرضاء وكسب لود الصحافيين؟ أم أنها هدية الوداع لرئيس الحكومة؟ الأيام المقبلة ستجيب عن هذه الأسئلة.


المساهمون