البرلمان المصري يفاجئ نوابه بقانون "كارثي" للصحافة والإعلام

البرلمان المصري يفاجئ نوابه بقانون "كارثي" للصحافة والإعلام

10 يونيو 2018
أثار القانون غضب الصحافيين (أسماء وجيه/ Pool /Getty)
+ الخط -
من دون إدراجه في جدول أعمال البرلمان المصري، أو إطلاع النواب على مواده، فاجأ رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، أعضاء المجلس، اليوم الأحد، بطرح مواد مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد للتصويت، الذي يستهدف فرض مزيد من التضييق على عمل الصحافيين والإعلاميين، وتقنين حبسهم احتياطياً في جرائم النشر، بالمخالفة للدستور، في حالات التحريض على العنف، أو الطعن في أعراض الأفراد، أو في "الجرائم التي تمسّ الأمن القومي".

واعترض عدد قليل من النواب على طرح القانون بشكل مفاجئ، خاصة لما سبّبه من غضبة بين جموع الصحافيين، والإعلاميين، إذ تساءل النائب الصحافي، أحمد الطنطاوي: "لماذا كل القوانين المهمة، والمثيرة للجدل، لا تدرج في جدول أعمال المجلس (البرلمان)، حتى يطلع عليها النواب؟"، متابعاً "هناك 20 نائباً وافقوا على القانون في لجنة الثقافة والإعلام المختصة، فماذا عما يقارب 600 نائب هم مجموع أعضاء المجلس".

وأضاف الطنطاوي "نحن المسؤولين عن تمرير القانون من عدمه، والأولى أن يفي مجلس النواب باستحقاق دستوري آخر هو قانون حرية تداول المعلومات، لأنه لا يمكن تطبيق مواد قانون الصحافة والإعلام الجديد في ضوء حجب تداول المعلومات عن العاملين في المهنة"، مستطرداً "الصحافيون يعملون في ظروف لم تشهد لها البلاد مثيلاً من قبل، وهناك اتجاه عام نحو تكميم الأفواه والتضييق على عملهم".

من جهته، أعلن النائب طلعت خليل رفضه مشروع القانون، قائلاً "كان يجب أن يدرج في جدول الأعمال، ونحن لم نستطع الاطلاع عليه، وهناك مواد ملتبسة، على غرار المواد (19) و(62) و(71)، وقد تنسف حرية الرأي من الأساس، ولا تتناسب مع فلسفة القانون المطروحة"، مستنكراً عدم إرسال نسخة من القانون إلى النواب قبل مناقشته بعدة أيام.

بدوره، قال النائب ضياء الدين داوود "كأنني أمام محكمة، ولم أطلع على المستندات. نحن أمام قانون استحقاق دستوري مهم، يستلزم إثراء المناقشات، من خلال إعداد دراسات مقارنة، والوقت لا يسعفنا، برغم أننا نستطيع أن نراجع القانون باستفاضة، حتى يؤهل لحياة يستحقها المصريون، لأن حرية الرأي والتعبير هي الآن المكسب الوحيد لثورة 25 يناير، وأخشى أن يضيع تحت الكبت أو الضغوط".

وقال عضو لجنة الإعلام في البرلمان، أسامة شرشر، مهاجماً رئيس اللجنة، المحرر العسكري السابق، أسامة هيكل، بالقول: "كان هناك تسرع في إصدار قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، ومن خلال الممارسة ظهرت عوراته وخطاياه وأخطاؤه في التطبيق"، مضيفاً "العبرة ليست في إصدار التشريعات، والآلة الإعلامية باتت أكثر خطورة من نظيرتها العسكرية، خاصة في ما يتعلق بتشكيل الرأي العام العالمي".

كذلك شدد على أنه "لا بد من تأجيل التصويت على القانون، ودعوة الجماعات المعنية لجلسات حوار مجتمعي لأخذ آرائها، والاستماع إلى الصحافيين والإعلاميين، حتى لا يخرج هذا التشريع بشكل غير قابل للتطبيق. لا بد من التأني في إصدار هذا المشروع المثير للجدل"، مطالباً بعودته إلى اللجنة النيابية المختصة لمزيد من الدراسة، واستشارة رأي نقابة الصحافيين في مواده.


وردّ هيكل معقباً "اللجنة عقدت 39 اجتماعاً لمناقشة مشروع القانون (أغلقت أمام الإعلام جميعها)، الذي أحاله المجلس إلى لجنة في جلسته المعقودة بتاريخ 12 ديسمبر/ كانون الأول 2016، وأخذت آراء الهيئات التي أوجب الدستور أخذ رأيها"، مشيراً إلى تقسيم القانون لثلاثة تشريعات جديدة للصحافة والإعلام، هي "قانون المجلس الأعلى للإعلام، وقانون الهيئة الوطنية للصحافة، وقانون الهيئة الوطنية للإعلام".

في المقابل، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان علاء عابد: "هذا القانون انتظرناه طويلاً، وحرية الرأي والتعبير منصوص عليها في كل الدساتير المصرية، اعتباراً من دستور 1923 وصولاً إلى دستور 2014. ولا يمكن أن تكون تلك الحرية من دون تمكين حرية النشر للصحافيين. ولكن في الوقت ذاته نحن نريد الإعلام الحر المسؤول خلال الفترة القادمة. وليس الإعلام المحرض على العنف أو التمييز، أو كوسيلة من وسائل الضغط الخارجي".

وقال القيادي في ائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، سعد الجمال، إن مشروع القانون يمثل استحقاقاً دستورياً، والهدف منه هو تنظيم الإعلام في مصر، شريطة أن يخضع لحقوق وواجبات واضحة"، متابعاً "حرية الرأي مكفولة في كل دساتير العالم، والأصل أنه لا توجد ديمقراطية دون حرية في التعبير. ونحن نعيش في مرحلة استثنائية، ويجب ألا يتعارض الإعلام مع مقتضيات الأمن القومي المصري".

كان عضو مجلس نقابة الصحافيين، عمرو بدر، قد كتب على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك" "يا صحافيين، ويا إعلاميين.. ويا كل المهتمين بحرية الرأي والتعبير والصحافة: قانون تنظيم الصحافة والإعلام كارثي بكل معنى الكلمة، ومعاد للحريات الصحافية بوضوح، والمواد 4 و5 و19 منه نصوص مشبوهة، ومطاطة، لا معنى واضح لها.. وتستخدم كلمات من نوعية التعصب، والكراهية، وممارسة نشاط معادٍ للديمقراطية، والتعرض للحياة الخاصة للمواطنين، والمسؤولين.. وكلها كلمات وجمل غير منضبطة، وبلا تعريفات واضحة".

المساهمون