افتتاح منتدى الجزيرة: الأزمة الخليجية مرتبطة بالمشروع الإقليمي

افتتاح منتدى الجزيرة: الأزمة الخليجية مرتبطة بالمشروع الإقليمي ودخلت مرحلة الجمود

28 ابريل 2018
منتدى الجزيرة تناول الأزمة الخليجية (العربي الجديد)
+ الخط -
افتتحت اليوم السبت فعاليات "منتدى الجزيرة" الثاني عشر، في الدوحة، الذي يناقش على مدى يومين قضايا الخليج والعرب والعالم في سياق التطورات الجارية. 

وفي جلسة الافتتاح لفت رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، إلى مفارقة كبيرة تتمثل في التقارب بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، وما يعتري العالم العربي من تفرّق وشروخ عميقة.

وقال "الكوريتان، رغم الخلاف الأبدي بينهما، فاجأتا العالم قبل أيام بجلوسهما للحوار، لكن لا يزال العرب غير قادرين على الجلوس على طاولة الحوار". وأشار إلى أن الأزمة الخليجية المفتعلة من قبل دول الحصار أصابت منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الصميم.

وأجمع المشاركون في الجلسة الأولى للمنتدى التي حملت عنوان "ملف الأزمة الخليجية حصيلتها ومساراتها المقبلة، بعد نحو عام على اندلاعها"، على أن الأزمة الخليجية دخلت في طور الجمود، وأن التوافق الخليجي والوصول إلى حلول للأزمة الخليجية مستبعدان في هذه المرحلة.

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر ماجد الأنصاري، إن حالة النزاع ستظل مستمرة والوصول إلى التوافق الخليجي أمر مستبعد في هذه المرحلة، فنحن نتحدث عن صراع على موارد التأثير السياسي في المنطقة، والصراع سيستمر إلا إذا نفدت الموارد، مضيفاً "الأزمة الخليجية تحولت من مرحلة التصعيد إلى مرحلة الاستقرار، ويرجع ذلك إلى عدم قدرة الآليات المتبعة في حل هذه الأزمة".   

بدوره، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت فيصل أبو صليب، إلى أن "الهدف الحقيقي وراء الأزمة الخليجية كان إجبار قطر على تغيير سياستها الخارجية، والهدف الثانوي كان تغيير نظام الحكم في قطر، وعزلها عن محيطها الإقليمي". كذلك لفت إلى أن الأهداف الثلاثة عشر المعلنة من دول الحصار لم تكن الأهداف الحقيقية، بل الهدف هو تغيير السياسة الخارجية لدولة قطر. وأضاف أن محاولة عزل قطر عن محيطها الإقليمي لم تنجح بسبب قوة العلاقات القطرية السياسية والتجارية على المستوى العالمي، مضيفاً "هذه الأزمة غير مسبوقة لأنها تعدّت المسار السياسي الرسمي، إلى الشعوب".

أما الأكاديمي العُماني المتخصص في الشؤون الاستراتيجية عبدالله الغيلاني، فأشار إلى أن "الأزمة الخليجية أحدثت تصدعات وشروخاً على المستوى الاجتماعي والسياسي، وخلقت نوعاً من التوحش السياسي الرسمي بين دول المنطقة".

ورأى أن "الدول الخليجية أصبحت أكثر انكشافاً وضعفاً أمام الهيمنة العالمية وصارت عرضة للابتزاز السياسي والاقتصادي ومشاريع الهيمنة الإقليمية. هذه الأزمة أضعفت الدولة الخليجية إلى حد بعيد"، مضيفاً "هناك استهداف جوهري للسيادة القطرية في الأزمة، ولا تزال هناك مراهنة من دول الحصار على الاستنزاف التدريجي لقطر، كي يتم التحول والاستجابة".

واعتبر الغيلاني أن الأزمة الخليجية مرتبطة بالمشروع الإقليمي في المنطقة العربية، والكويت وعمان ليستا بعيدتين عن مدارات هذا المشروع، وقال نحن كعمانيين بدأنا الشعور بوخز هذا المشروع، فالأزمة أشاعت مزاجاً من الفزع، خاصة في الكويت وعُمان.

وكانت الباحثة الإيطالية المتخصصة في شؤون الخليج والشرق الأوسط، سينزيا بيانكو، قد عرضت لمواقف الولايات المتحدة الأميركية في الأزمة الخليجية، وقالت إنها أصبحت أقل مصداقية خلال هذه الأزمة، فيما حذّر أستاذ العلوم السياسية في جامعة تيزي وزو الجزائرية محمد سي بشير، من موت سريري لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، ومصير مشابه للمجلس لمصير اتحاد المغرب العربي.

العرب وإيران احتمالات المواجهة

وبحثت الجلسة الثانية للمنتدى مسألة الخليج وايران بين التعاون والتنافس واحتمالات المواجهة، إذ عرض المشاركون في الجلسة طبيعة تاريخ العلاقات العربية الإيرانية، وقالت الباحثة في مركز الجزيرة للدراسات فاطمة الصمادي إن توقع الساسة الإيرانيين لمستقبل العلاقة بين إيران والسعودية هو "التوتر والصراع"، فالوجود العسكري في المنطقة هاجس إيران الدائم، ودائماً ما تُحمِّل إيران السعودية المسؤولية عن الوجود العسكري الأميركي فيها، لافتة إلى أن مستقبل العلاقة بين السعودية وإيران هو ما سيشكِّل مستقبل العلاقات في العالم الإسلامي.

فيما اعتبر النائب في البرلمان اليمني عبد الكريم الأسلمي أن اليمن تحوّل إلى أداة صراع ما بين اليمنيين والخليجيين، وقال إن "السعودية والإمارات لا تسعيان إلى هزيمة إيران في اليمن بل تسعيان إلى تحقيق مصالح وأهداف مكشوفة ومعروفة، فالسعودية تبحث عن ممرّ بحري للنفط، والإمارات تبحث عن وجود لها على سواحل المنطقة"، وقال "لم تمكَّن الدولة اليمنية أبداً من السيطرة على ثرواتها وموانئها".

وقال عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي بوريس زالا، إن الإيرانيين يعملون في المنطقة بطريقة منظّمة ومحكمة، بينما الأطراف الأخرى في المنطقة العربية تعمل بأسلوب من الخواء ووجدت تلك الأطراف نفسها مجبرة على الالتحاق بتركيا أو إيران.

أما مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في طهران، كيهان برزكر، فقال إن الضغط السعودي على إيران لن يغير من سلوكها، وإيران ليست المصدر الأساسي لعدم الثقة في المنطقة، وهي لم تستفد من الأزمة الخليجية بل رأت فيها تهديداً.

وكان نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في العراق باسل حسين قد أشار إلى أن "هناك سعياً من إيران للتعامل مع الدول العربية كإيران الثورة، في الوقت الذي تتعامل فيه مع بقية دول العالم كإيران الدولة فقط".

ويبحث منتدى الجزيرة الثاني عشر، الذي يشارك فيه نحو 250 باحثاً، على مدى يومين، عدداً من القضايا، أبرزها هل تفجر الأزمات الاجتماعية والاقتصادية موجة ثانية من التغيير في المنطقة والشرق الأوسط، في ظل تغير التحالفات الإقليمية والدولية والقضية الفلسطينية في سياق الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، والإعلام أثناء الأزمات والمراحل الانتقالية، والسيناريوهات المستقبلية التي تنتظر منطقة الشرق الأوسط.

المساهمون