من إدلب إلى الغوطة...قصص سورية تفطر القلب

من إدلب إلى الغوطة...قصص سورية تفطر القلب

09 فبراير 2018
هرب علي من الموت فاصطاده في ملجئه (فيسبوك)
+ الخط -


بعد ثماني سنوات دامية عاشها السوريون في معظم أنحاء بلادهم تقريباً، شهد الأسبوع الماضي محرقة يهتز لها الوجدان، نفذها النظام السوري، والطيران الحربي الروسي، في سلسلة عمليات قصف لأحياء سكنية في قرى وبلدات إدلب، والغوطة الشرقية.

الموت المتجول بين المدنيين حمل مجدداً، صوراً وفيديوهات ترصد الألم السوري وحكاياته التي تفطر القلب، عمن تركوا وحدهم يتجرعون آلامهم وسط عالم يتفرج:

 
الطفل علي فرّ من الموت فلاقاه في ملجئه:

قتل الطفل علي محمد الترك، البالغ من العمر 3 سنوات، مع جدته البالغة من العمر 70 عامًا، جراء القصف الحربي الروسي قبل بضعة أيام، على قرية ترملا، قرب كفرنبل بريف إدلب.

وكان علي قد نزح مع أمه وأخيه البالغ من العمر سنة و4 أشهر، من منزلهم في بلدة كفرنبودة بحماة، إلى بيت جديه في قرية ترملا، في الأول من شهر فبراير/ شباط، بعد ساعة من قصف الطيران الروسي للمنطقة، أملاً بملجأ آمن. غير أن الموت الذي هربوا منه، تربص بهم هناك.

والد الطفل محمد خلف المحمد الترك، الذي يعمل موظفًا في مديرية صحة حماة الحرة، قال في تصريح لـ"العربي الجديد": "كنت في قرية كفرنبودة، وكانت عائلتي في منزل أهل زوجتي، عندما سمعت خبر قصف ترملا، فذهبت إلى هناك ووجدت طفلي شهيدًا جميلًا".

وعبر صفحته في فيسبوك رثى محمد ابنه الصغير قائلاً: "الشهيد الطفل. ابني وفلذة قلبي ونور عيوني علي... جراء القصف الحربي الروسي ع قرية ترملا... قدّر الله وما شاء فعل".

وأوضح الأب المكلوم "أن زوجته وابنه الآخر نجوا بأعجوبة، إذ كانا أمام المنزل، في حين كان علي وجدّته داخله، عندما وقعت القذيفة، واستشهدا متأثرين بجراحهما"، وأضاف: "حملت جثمان ابني الصغير بعد استشهاده وعدت إلى قريتي كفرنبودة، ودفنته هناك، حيث أهله ومنزله".


 

أبو صالح أنقذ الناس... وعجز عن إنقاذ أمه:

كان أبو صالح الغوطاني، الذي يعمل مع أخيه أبي جمال، مع قوى الدفاع المدني، يساعد في إنقاذ الضحايا في الغوطة الشرقية، التي تتعرض منذ أيام لحملة قصف جوي روسي مكثف، عندما وقعت قذيفة على منزله، وأدت إلى وفاة أمه البالغة 80 عامًا.

وقف منقذ الأرواح أمام جثة أمه العالقة بين الأنقاض، يترح عليها تارة ويصرخ تارة طالباً النجدة من زملائه عبر جهاز النداء لمساعدته بانتشالها، عاجزاً ومعتذراً إليها: "يا أمي دخيلك لا تآخذيني يا أمي، أنا عم أنقذ العالم وما قادر أنقذك يا أمي".


وتسلط حادثة أبو صالح الضوء على بشاعة ما يتعرض له عمال الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" كل يوم، وهم يقدمون التضحيات ويقومون بأعمال بطولية، لإنقاذ المدنيين من الموت الذي تسقطه عليهم طائرات النظام.

 

 

وتشابه هاتين القصتين آلاف القصص، لسوريين كابدوا في حرب ظالمة وما يزالون، ما لا يمكن أن يتخيله أو يحتمله أحد. وإن كان العالم قد قابل آلامهم بحياد بارد، فإن السوريين يتداولون بأنفسهم آلامهم، إصراراً على أنهم ليسوا مجرد أرقام تزيد أو تنقص.