فشل وثائقي إسرائيلي في ربط المسلمين الفرنسيين بالإرهاب

فشل وثائقي إسرائيلي في ربط المسلمين الفرنسيين بالإرهاب

01 فبراير 2018
مسيرة في الذكرى الثانية لضحايا اعتداء باريس (سيافوش حسيني)
+ الخط -
لم يتمكن معلق الشؤون العربية في قناة التلفزة الإسرائيلية "14"، تسفي يحزكيلي، من كتمان خيبة أمله الكبيرة، عندما فشلت الحلقة الأولى من التحقيقات التي أعدها حول المنظمات الإسلامية في أوروبا والولايات المتحدة، في تقديم أي دليل على مزاعمه بأن هذه المنظمات تُعد واجهة لـ "جماعة الإخوان المسلمين" وتمثل تهديداً وجودياً للغرب، إلى جانب أنها تعمل على دعم "المنظمات الإرهابية" في الشرق الأوسط.

في الحلقة الأولى من التحقيقات تحت عنوان "بهوية زائفة: جهاد يوم الدين" التي بثت مساء يوم الثلاثاء، حاول يحزكيلي، الذي انتحل شخصية لاجئ فلسطيني يعيش في الأردن ويحمل جواز سفر سوريا، أن يقدم دليلا على أن المنظمات الإسلامية في أوروبا مستعدة للتعاون مع جهات يمكن أن تهدد الأمن الأوروبي، من خلال تلقيها تبرعات من هذه الجهات.

وتوجه يحزكيلي، الذي تم إعداده على يد رجل استخبارات إسرائيلي تخصص في إعداد المستعربين الذين يعملون في إطار الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، أولاً إلى باريس، حيث مقر اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا UOLF، وقدّم نفسه على أنه رجل أعمال فلسطيني معنيّ بتقديم التبرعات للاتحاد. وقد حاول يحزكيلي عندما عرّف عن نفسه أمام عضو إدارة UOLF، قطبي عبد الكبير، أن ينتقد فرنسا وسياساتها إزاء المسلمين، ومردفاً أن هذا هو السبب الذي يدعوه للتبرع إلى الاتحاد.

وصُدم المعلق الإسرائيلي عندما رد عبد الكبير، ليس فقط برفض التبرعات، بل أيضًا بإطرائه على الدولة الفرنسية وطابع تعاطيها مع مواطنيها الفرنسيين، مشدداً على عمق التزام المسلمين في فرنسا باحترام دولتهم وطابعها. وعبّر يحزكيلي عن خيبة أمله من اللقاء مع عبد الكبير، عندما قال "هذا يتصرف كنمر في ثوب خروف، لقد قال لي عليك أن تحتفظ بالتبرعات لنفسك".

لكن بمعزل عن الحقائق التي أبرزها التحقيق، وتدلل على أن كل ما يعني المسلمين في فرنسا وأوروبا بشكل عام هو الحفاظ على نمط حياتهم الإسلامي كمواطنين أوروبيين وفق ما تكفله القوانين والنظم الأوروبية، إلا أن تعليقات يحزكيلي طوال الحلقة الأولى ظلت تشدد على أن هؤلاء يُظهرون غير ما يخفون، وأن كل ما يعنيهم هو إعداد النشء الإسلامي في أوروبا، لكي يتحين الفرصة للانقضاض وإقامة دولة الخلافة الإسلامية على أنقاض القارة العجوز.

على سبيل المثال، ظل يحزكيلي يدّعي أن المدارس الإسلامية في أوروبا، وتحديداً في فرنسا، تثقف الطلاب على الجهاد ضد الغرب وتزرع فيهم الإعجاب بـ "حركة المقاومة الإسلامية" (حماس)، لكن الجولة التي قام بها في المؤسسات التعليمية الإسلامية الفرنسية والمقابلات التي أجراها مع طواقم التدريس نسفت مزاعمه، إذ تبين أن التدريس يهدف إلى زرع قيم الإسلام الوسطي، إلى جانب تأكيد طواقم التدريس على عمق احترام هذه المؤسسات للدولة الفرنسية وقوانينها.

وعندما عجز يحزكيلي عن تقديم أي دليل على مزاعمه، توجه للمكتبات الإسلامية في فرنسا وسأل صاحب إحداها عما إذا كانت تحوي كتباً لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي، وحين قدم له أحد الكتب، علق بالإشارة على مواقف قديمة للقرضاوي تتعلق باليهود وغيرها، كي يشيطن الوجود الإسلامي في القارة.

ومن أجل التغطية على فشله في تقديم أي دليل يدين المنظمات الإسلامية في فرنسا، لجأ يحزكيلي إلى إجراء مقابلات مع شخصيات عربية تتبنى مواقف أيديولوجية مضادة للإسلام والعروبة. فقد أجرى مع باحث مصري يعمل في الولايات المتحدة، توفيق حميد، الذي حذر من أنه في حال لم تتخذ أوروبا إجراءات عاجلة ضد المنظمات الإسلامية العاملة فيها فإنه "لن يتأخر اليوم الذي تشهد فيه شوارع أوروبا عمليات رجم للنساء".

وعلى الرغم من أن يحزكيلي لم يتمكن من تقديم أي دليل على ربط المنظمات الإسلامية في فرنسا بـ "جماعة الإخوان المسلمين"، إلا أنه ضمّن نهاية الحلقة الأولى مقابلات مع قيادات أمنية إسرائيلية بهدف الحديث عن الجماعة. إذ أجرى مقابلة مع الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية "الشاباك"، يورام كوهين، الذي ادعى بأنه لا توجد فروق جوهرية بين "الإخوان المسلمين" وتنظيم "داعش"، وأن التنظيمين وإن اختلفا في الوسائل، فإنهما يلتقيان في الهدف.

ولا يمكن تجاهل الدوافع الأيديولوجية التي تحرك يحزكيلي، فهو ينتمي إلى التيار الديني الحريدي، أكثر التيارات الدينية اليهودية تطرفاً، ويحرض دوماً على شيطنة العرب والمسلمين.


المساهمون