المنصات الإعلامية في اليمن... ساحات حرب

المنصات الإعلامية في اليمن... ساحات حرب

14 ديسمبر 2018
الحوثيون سيطروا على وسائل إعلام جاهزة (محمد حويص/فرانس برس)
+ الخط -
تبدو الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً حريصة على إبقاء الصورة الشكلية لنشاط مؤسساتها الإعلامية التي أسستها في العاصمة السعودية الرياض مشابهة لتلك الخاضعة لسيطرة جماعة "الحوثيين" في العاصمة صنعاء.

تجاوزت الحرب في اليمن، بعد انقلاب "الحوثيين" وحليفهم الرئيس المخلوع، الراحل علي عبد الله صالح، في سبتمبر/أيلول من عام 2014، بُعدها العسكري، وظلت بإيقاع البندقية تتبادل حملاتها وهجومها على الشاشات والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأواخر الشهر الماضي، أطلق صحافيون موقع صحيفة "الثورة" الحكومية، كواجهة بديلة للنسخة التي يديرها "الحوثيون" منذ عام 2014، لكنها قد لا تشكل أي فارق، امتداداً للدور الهش الذي تلعبه وسائل الإعلام التابعة للحكومة. إذ باتت الحكومة اليمنية تملك نسخاً عدة من وسائل الإعلام الرسمية التي سيطرت عليها مليشيا "الحوثيين"، وأبرزها محطتا "اليمن" و"عدن"، وإذاعة "صنعاء" و"وكالة سبأ" التي تتخذ من الرياض مقراً لها.

لكن التعثر الإداري لا يزال مستمراً، إذ أعلنت صحيفة "26 سبتمبر"، الناطقة باسم الجيش اليمني، عن توقّف إصدارها الورقي في مارس/آذار من عام 2018 الحالي، بعد احتراق مطبعة صحيفة "أخبار اليوم" الخاصة في عدن، واقتصار طباعتها ورقياً في المناسبات الوطنية والخاصة.

إعلام حكومي هش
لا تزال وسائل الإعلام الحكومية تتلقى دعماً مالياً وميزانية تشغيلية من الحكومة السعودية، كما هو الأمر بالنسبة لرواتب مسؤولي وزارة الإعلام وموظفيها الموجودين في الرياض.

يشرح الصحافي اليمني وضاح الجليل، لـ "العربي الجديد"، أن "الحوثيين وحليفهم صالح حولوا مؤسسات الإعلام الرسمية التي سيطروا عليها إلى جزء من منظومة الدعاية والترويج لأهدافهم وخططهم، والتحريض على كافة الأطراف والجهات والفئات والمناطق التي تقاوم توسعهم المليشياوي".

ويضيف الجليل "تعدّى الأمر إلى استخدامها كمنابر طائفية تروّج للحملات المليشياوية وتبررها وفق منطق مذهبي، وتحرّض ضد أنصار الحكومة والقوى السياسية المناوئة للانقلاب".
ويشير إلى أن "الحوثيين بقدر ما سيطروا على وسائل الإعلام الرسمية وحولوها لخدمة مشروعهم الطائفي، تمكنوا من إنتاج مواد إعلامية واستغلالها بشكل أفضل من الحكومة الشرعية. وظهرت وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الحوثيون أكثر قوة وتأثيراً من وسائل إعلام الحكومة".

ويوضح أن "الحكومة اليمنية لم تستطع أن تحقق نقلة تُذكر في إعلامها، لأسباب تتعلق بالفساد والتسيب والاتكالية وتغيير الكوادر والمسؤولين عن الإعلام الحكومي من دون محاسبة أو تقييم لمهامهم"، مشيراً إلى أن "الحوثيين سيطروا على وسائل إعلام جاهزة بكامل معداتها، وكان لديهم الكثير من الإعلاميين المؤهلين والجاهزين لأداء المهام الإعلامية الطائفية، في حين اضطرت الحكومة الشرعية إلى بناء وسائل إعلام جديدة ورفدها بطواقم عمل غير مؤهلة بشكل كاف".

ومنذ سنوات طويلة، لم تكن وزارة الإعلام يسودها ضعف في إدارة مؤسساتها الإعلامية، كما هو حاصل الآن، رغم التعيينات الكثيرة في قيادة الوزارة، وغياب وزيرها عن التواجد داخل اليمن. وعلى الرغم من محاولات "العربي الجديد" التواصل مع عدد من مسؤولي الوزارة وإدارات الصحف الحكومية، إلا أنها لم تتلق أي إجابات، وفضّل البعض الاعتذار.



حجب قنوات الحوثيين وإطلاق خدمة اتصالات
أعلنت الحكومة اليمنية، في الثامن والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن حجب تلفزيون "المسيرة" التابع لـ "الحوثيين" على مدار "نايل سات"، بعد مساع مشتركة مع التحالف العربي. وتحدّث وزير الإعلام، معمر الإرياني، حينها عن تطلّع حكومي للعمل على إيقاف بث بقية القنوات التلفزيونية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء، في إشارة إلى قنوات "اليمن" و"سبأ" و"عدن".

في المقابل، أعلن "الحوثيون" عقب حجب "المسيرة" عن بثها على قمر روسي، في تحدٍ للحكومة والتحالف، والإبقاء على نشاطها الإعلامي والترويجي، وطمأنة أنصارها.

وفي سياق التحركات الحكومية، أطلقت وزارة الاتصالات اليمنية، منتصف العام الجاري، "شركة عدن نت"، في مسعى لكسر عزلة السيطرة على إدارة "الحوثيين" لخدمة الإنترنت، وتحكمهم في الشبكة العنكبوتية في البلاد، التي استهلت بحجب المواقع الإلكترونية المناهضة لهم.

لكن تحكّم الحوثيين لم يتوقف عند حجب المواقع، بل وصل الأمر إلى اتهامات أثارها ناشطون حول تعقّب المستخدمين، ومراقبة المرور على الشبكة، وقطع الخدمة عن مناطق عدة في البلاد.

ويقول الصحافي أحمد البكاري إن "الحكومة الشرعية ظلت في الرياض، تاركة كل القنوات الرسمية الفضائية إلى جانب الإذاعات والوكالة الإخبارية الرسمية وغيرها من الوسائل في يد مليشيا الحوثيين تعمل بكل حرية ضدها على مدى 4 سنوات".

ويضيف البكاري، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "إعلام الحوثيين نجح في نقل الملف الإنساني للعالم، وقدم نفسه بأنه يتعرض لحصار وقصف من خلال وسائل الإعلام الحكومية التي يسيطر عليها".

ويتابع "على عكس الحكومة الشرعية التي ليس لها صوت سوى قناتين فضائيتين، ووكالة إخبارية سبأ، وجميعها لم يكن أداؤها على النحو المطلوب كي يتناسب مع متطلبات المرحلة الحرجة، نتيجة غياب الرؤية الاستراتيجية لمجاراة إعلام مليشيا الحوثيين".


المساهمون