صحافيو فلسطين بلا عمل... إلى "فيسبوك" در

صحافيو فلسطين بلا عمل... إلى "فيسبوك" در

13 ديسمبر 2018
يستهدف الاحتلال الإسرائيلي صحافيي فلسطين (عبد الحكيم أبورياش)
+ الخط -
لم يُفلح جنود الاحتلال الإسرائيلي بإسكات صوت الصحافية الفلسطينية المتطوعة إسراء العرعير، أو منعها من مواصلة عملها وتغطيتها المتواصلة للأحداث الجارية في قطاع غزة، بعد إصابتها ثلاث مرات في أوقات مختلفة.

آلام الصحافية العرعير لم تمنع صاحبتها، وهي طالبة ماجستير صحافة في "الجامعة الإسلامية"، وتقطن شرق حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، من مواصلة عملها التطوعي، ونشر الصور والأخبار والمقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم عدم تمكنها "حتى اللحظة" من الالتحاق بعمل في وسيلة إعلام رسمية.

العرعير ليست المتطوعة الصحافية الوحيدة التي تعمل بلا وظيفة أو دخل ثابتين، إذ يشابه حالها عدد من الصحافيين أصحاب البصمة والنشاط الواضحين في هذا المجال، الذين اتخذوا من موقعي "فيسبوك" و"تويتر" ملجأً ووسيلة لإيصال رسائلهم وصوتهم وصورهم وكلمتهم وإثبات ذاتهم، على نفقتهم الخاصّة.

وتجد الصحافية العرعير في وسائل التواصل الاجتماعي منصّتها الوحيدة الأسرع للوصول إلى العالم، "رغم سياسة (فيسبوك) بكتم الحقيقة ومحاولاته حذف المحتوى الفلسطيني، وحذف صفحاتي عدة مرات، إلا أنه يبقى الميدان الأول من خلال البث المباشر، ونقل الصورة والفيديو، ونشر كافة الأخبار والقصص، وجرائم الاحتلال، وإرهابه ضد الفلسطينيين المتظاهرين في مسيرات العودة"، وفق تعبيرها.

وترى العرعير، وهي كاتبة متطوعة في شبكات إعلامية إلكترونية عبر منصات التواصل الاجتماعي، أن رسالتها مهمة بنشر الأخبار والبحث عن القصص المميزة، تدل على حق الشعب الفلسطيني في الحياة، مبينة أنها أصيبت عدة مرات خلال مشاركتها في مسيرة العودة وكسر الحصار، أولاها في "مليونية القدس" بقنبلة غاز، وإصابة بالاختناق في المسير البحري "زيكيم"، وآخرها إصابة بالمطاط في الركبة، خلال توثيقها اعتداء جنود الاحتلال على المتظاهرين السلميين في منطقة ملكة شرق غزة.



أما الصحافي الشابّ أشرف السراج الذي قام بنشر عدد من مقاطع الفيديو الشهيرة، ووصف فيها بنبرة وأداء المراسل الصحافي تفاصيل الأحداث في مسيرات العودة وكسر الحصار، فيرى أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأقرب والأقوى في تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة وشاملة لكافة الفئات، وهي أداة فعالة جداً لمن يستغلها بالشكل المطلوب.

ويبين السراج لـ "العربي الجديد" أنه لجأ إلى نشر موادّه الصحافية على "فيسبوك" لعدم توفر فرصة عمل له، وأنّ هذا النشر "يتيح بناء شبكة علاقات واسعة مع إعلاميين كبار، علاوة على توصيل رسالة غزة الحقيقية للعالم أجمع". ومواقع التواصل الاجتماعي استطاعت إظهار وجود "قامات إعلامية فلسطينية غزّية شابة، من الممكن أن يبنى عليها ليكونوا منابر لتوصيل صوت قضيتهم العادلة في كافة الأرجاء، وليكونوا إعلاميين مرموقين في يوم من الأيام"، وفق السراج.



من ناحيته، يوضح الصحافي محمد الشبراوي، من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، الذي يهتم بنشر مستجدات الأحداث عبر صفحته على "فيسبوك"، أنه لجأ إلى وسائل الإعلام الاجتماعي، بعدما عمل في التنسيق لأحد البرامج الشهيرة، وتوقفه عن العمل لعدم وجود اهتمام أو دعم لطموحات فريقه.

ويشير الشبراوي وهو خريج لغة عربية وإعلام من "جامعة الأزهر" في غزة، إلى أنه بات يمتلك صفحة قوية، إلى جانب أنه مسؤول في عدة صفحات أخرى. ويقول لـ "العربي الجديد": "بمجهودي الشخصي، ومن دون دعم من أي جهة، استطعت أن أحقق لنفسي مكانةً واسماً من خلال ثقة المتابعين بي، عبر متابعتي للشأن المحلي وللأحداث عامة سواء المحلية أو الإقليمية"، مبيناً كذلك أنه أنشأ برفقة زميل ثان منصات عبر تطبيقي "واتساب" و"تيليغرام"، وصولاً للمنصات عبر تطبيق "زيلو"، لنقل الأحداث الساخنة والعاجلة لحظة وقوع أي حدث وخصوصاً قطاع غزة. ويتطلع الشبراوي للالتحاق بوسيلة إعلامية أو صحيفة، وخاصة بعد امتلاكه الخبرة والممارسة العملية، متطرقاً للحديث عن الجانب السلبي الذي يواجهه عدد من الإعلاميين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو "التضييق علينا من إدارة موقع (فيسبوك) وحذف الحسابات الشخصية وسياسة الحظر من قبل الشركة، من دون إبداء أي سبب".



أما المصورة الصحافية المتطوعة مادلين الأقرع، من معسكر دير البلح وسط قطاع غزة، التي تنشط في نشر المناشدات والصور ومقاطع الفيديو، فتشير إلى أنها ترغب في نقل الصورة الحية والحقيقية للأحداث الدائرة في غزة، والاعتداء المتواصل لقوات الاحتلال الإسرائيلي على المتظاهرين الفلسطينيين السلميين.

وتبين الأقرع التي تنشر أعمالها عبر "فيسبوك" لـ "العربي الجديد"، أنها واجهت العديد من التحديات والعقبات في مهنة البحث عن المتاعب، مضيفة: "أصبت مرات عديدة بالاختناق الشديد بفعل قنابل الغاز المسيلة للدموع، وما زلت أعاني من بعض آثاره إلى الآن، إلّا أن ذلك لم يمنعني من الاستمرار لإثبات ذاتي".

أما عن أبرز صور الصحافية الأقرع، فهي صورة لأحد المسعفين المصابين خلال مسيرة العودة وهو يسابق الزمن في إنعاش قلب مصاب آخر على عربة الجرحى، وصورة مؤثرة لتعامل الطواقم الطبية مع أحد الجرحى الأطفال بعد إصابته بطلق ناري متفجر من الاحتلال الإسرائيلي شرق البريج وسط قطاع غزة، علاوة على صور مؤثرة من شاطئ قرية هربيا "زيكيم"، تظهر بطولات الشبان واستبسالهم في مواجهة الاحتلال بصدورهم العارية، مبينة أن بعض الصور كادت أن تكلفها حياتها. وتوجه الأقرع رسالة للإعلاميات الجدد، فتقول إنه: "مهما بلغت الصعوبات، عليكن أن تصنعن بصمة خاصة بكنّ، أبدعن في نقل الصورة، ولا تجعلن العادات والتقاليد تحد من عزيمتكن وإصراركن على تحقيق الحلم، قاتلن حتى تصبن حلمكن".



بدوره، يتوجه الصحافي الفلسطيني شادي النقلة، الذي يحمل تخصص الدبلوم في الإعلام الرقمي والبكالوريوس في علم النفس، لمواقع التواصل الاجتماعي "كونها الحلقة الأقوى والأوسع، وصاحبة التأثير وإيصال الرسالة إلى أكبر قدر من المتابعين"، إلى جانب مشاركته في مختلف الأنشطة المجتمعية والوطنية، ونقله لما يدور من أحداث ومستجدات عبر صفحته.

ويبيّن النقلة لـ "العربي الجديد"، أنه لم يتمكن من الالتحاق بوسيلة إعلامية نظراً لشح الوظائف والأوضاع التي يمر فيها قطاع غزة، لكنه يطمح من خلال نشاطه لتكوين قاعدة جماهيرية كبيرة، وإنشاء قناة إعلامية تلامس واقع الناس، وأن يصبح صحافياً مميزاً، يطور مهاراته ويكسب الخبرات الإضافية. أما في ما يتعلق بالهدف الذي يرغب بإيصاله من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فيقول: "أرغب في إيصال صوتي، ورسالة شعبي بأن على هذه الأرض شعباً يستحق الحياة، وكفاءات، ومثقفين، يجب على كل المسؤولين الالتفات إلى طاقاتهم".

ويذكر النقلة أن "الشاشة الزرقاء هي فضاء رحب، أتطلع من خلالها لتكوين علاقات بين دول عديدة، وخاصة أن في قائمتي أصدقاء من أكثر من 136 دولة عربية أو أجنبية"، موضحاً أنه من خلال هذه النافذة سيسمع الصوت، وتصل الرسالة".

تجدر الإشارة إلى أن البطالة تعدّ واحداً من أكبر التحديات في المجتمع الفلسطيني، وتسجل بحسب بيانات "جهاز الإحصاء الفلسطيني" 25 في المئة من القوى العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وترتفع في صفوف الفئة العمرية من 20 إلى 24 عاماً (الخريجين الجدد) إلى 41 في المئة، وهو ما يشير إلى فجوة عميقة بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل.