صحافيون في باكستان: الترهيب هو العرف السائد في الإعلام

صحافيون في باكستان: الترهيب هو العرف السائد في الإعلام

09 أكتوبر 2018
اختطاف الصحافيين أنشأ رقابة ذاتية لديهم(عامر قريشي/فرانس برس)
+ الخط -
كان كثيرون يعتبرون أن الآلة الإعلامية الباكستانية أصبحت من أنشط الآلات الإعلامية في المنطقة بعد انتهاء الحكم العسكري في 2008، غير أن أكثر من عشرة من العاملين بالصحافة في الصحف والقنوات التلفزيونية يقولون إن الفوضى أصبحت تسود القطاع الآن بسبب الترهيب وضغوط الجيش.

وقال الصحافيون إن حملة تضييق على الإعلام بدأت أثناء الإعداد لانتخابات يوليو/ تموز الماضي، التي فاز فيها رئيس الوزراء عمران خان، تحولت إلى رقابة ذاتية واسعة النطاق من جانب الصحافيين خوفاً من ردود الفعل إذا انتقدوا خان أو الجيش أو القضاء.

ويقول عدد من المعلقين السياسيين وساسة المعارضة إن خان يحظى بدعم المؤسسة وهو مصطلح يستخدم في باكستان للإشارة إلى كبار قادة الجيش والمخابرات وبعض كبار الموظفين المدنيين والقضاة. أما منافسه الرئيسي رئيس الوزراء السابق نواز شريف فكان على خلاف مع 
الجيش.

ومما يزيد من جو الخوف السائد قضية خيانة مرفوعة على الكاتب الصحافي البارز سيريل ألميدا، في أعقاب مقابلة أجراها مع شريف ووردت فيها إشارة إلى دور متشددين باكستانيين في هجوم إرهابي على مومباي في العام 2008.

وقال مرتضى سولانجي، رئيس مكتب إسلام اباد بقناة كابيتال التلفزيونية المستقلة: "ثمة ثقافة سكوت. يرفض الناس التحدث عمن وراء ذلك". مضيفا: "الرقابة الذاتية بلغت ذرى جديدة".

من جانبها، نفت إدارة العلاقات العامة بالجيش الباكستاني وجود ترهيب لوسائل الإعلام، وقالت إنها لا تضغط على الصحافيين للتأثير في تغطيتهم الأحداث.

وقالت الإدارة في رد مكتوب على استفسارات عديدة عما يصفه الصحافيون بأنه ترهيب ومضايقات من جانب قوات الأمن: "إعلامنا مستقل. وليس لإدارة العلاقات العامة أي دور في التحكم في ما تعبر عنه وسائل الإعلام".

وامتنعت الإدارة عن أي تعليق آخر. ولم يرد مكتب خان على طلب للتعليق، لكنه هزأ خلال حملة الدعاية الانتخابية بما تردد من تقارير عن ترهيب الصحافة.



وقال وزير الإعلام الباكستاني فواد تشودري، إن مكتبه لم يتلق أي شكاوى من أي من المنافذ الإعلامية. مضيفا: "أعتقد أن من الممكن تشبيه حرية الإعلام الباكستاني بأي إعلام في دول العالم الأول".

وجاء في تقرير نشرته الشهر الماضي "لجنة حماية الصحافيين" (ومقرها الولايات المتحدة)، أن الجيش الباكستاني يستخدم التخويف والترهيب لخنق وسائل الإعلام وتقويض حرية الصحافة.

وقالت اللجنة، في التقرير الذي صدر عقب مقابلات مع صحافيين ورؤساء تحرير ومؤسسات إعلامية في خمس مدن باكستانية في فبراير/ شباط الماضي: "فرض الجيش بكل هدوء وبفاعلية قيودا على التغطية الصحافية من منع الوصول إلى مناطق بعينها ... إلى تشجيع الرقابة الذاتية من خلال وسائل الترهيب المباشرة وغير المباشرة بما في ذلك ... ما تردد عن التحريض على العنف ضد الصحافيين".

ولم يرد الجيش على استفسارات للتعقيب على تقرير اللجنة.


تأثير في القرارات

قال طلعت حسين الصحافي بقناة جيو التلفزيونية، أبرز القنوات الإخبارية في باكستان: "تدور مناقشات داخل المؤسسات عما قد يدفع بالمؤسسة إلى الوقوع في مشكلة وهذه النقاشات في الأساس تؤثر في قراراتك التحريرية".

وأضاف: "يمكن أن تتراوح المشكلة من ... إغلاق القناة .. إلى إصابة المؤسسة بالضرر، من خلال إبطاء وتيرة تدفق الإعلانات".

وتعتمد قضية اتهام الكاتب ألميدا بالخيانة على مقابلة أجراها في مايو/ أيار الماضي مع شريف، أشار فيها رئيس الوزراء السابق من طرف خفي إلى أن باكستان سمحت لمتشددين يعملون على أراضيها بتنفيذ هجمات 2008 في مدينة مومباي الهندية، ما أسفر عن مقتل 166 شخصا.

وتنفي باكستان أي دور للدولة في الهجمات التي أصبحت محور تدهور العلاقات مع الهند.

ومثل شريف وألميدا، يوم الإثنين، أمام المحكمة التي ستبتّ في أمر توجيه الاتهام إليهما رسميا. وتأجلت القضية إلى 22 أكتوبر/ تشرين الأول. ولم يرد ممثل لشريف على طلب للتعليق.

وامتنع ألميدا وكبار المحررين في صحيفة دون (الفجر) التي يعمل بها عن إجراء مقابلات معهم، وقالوا إن محامين نصحوهم بتحاشي التعليق على قضية منظورة أمام القضاء.



اختفاءات

وقال الصحافيون إنه رغم ندرة سجن الصحافيين في باكستان، فقد أدت عدة حالات من اختطاف الصحافيين إلى نشوء ثقافة الرقابة الذاتية.

وقال عمر قريشي رئيس التحرير السابق للموقع الالكتروني بقناة سماء التلفزيونية: "بصفة عامة وسائل الإعلام تتوخى الحرص الشديد في ما لا تنشره أو تناقشه. وإذا نشرت فقد تواجه اضطراب توزيعها أو وضع قناتها على شبكات المشتركين ... وفي بعض الأحيان التعتيم".

وفي يونيو/ حزيران، اختطف مسلحون المعلقة والناشطة الباكستانية جول بخاري التي كثيرا ما تنتقد الجيش وهي في طريقها إلى مقابلة تلفزيونية. وقال سائق للقناة إن رجالا يرتدون زيا عسكريا كانوا موجودين، عندما اقتادها رجال يرتدون ملابس مدنية.

وأعيدت بخاري التي تحمل أيضا الجنسية البريطانية إلى بيتها في اليوم التالي، بعد الضجة التي ثارت عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الدولي حول اختفائها. وامتنعت عن الخوض في تفاصيل المحنة التي عاشتها، لكنها قالت إن من الممكن اعتبار اختطافها جزءا من الترهيب قبل الانتخابات العامة.
ونفى الجيش أي دور له في اختطافها.

وفي يناير/ كانون الثاني قال طه صديقي، الصحافي المعروف بانتقاده الجيش، للصحافيين، إنه تفادى اختطافه بأعجوبة بعد أن أوقف مسلحون سيارة الأجرة التي كان يركبها. وقال إنه صاح طالباً المساعدة عندما مرت سيارة عسكرية، لكن أحد المسلحين أشار إلى السيارة بمواصلة السير. وقدم صديقي بلاغاً إلى الشرطة عن هذا الحادث. ونفى الجيش ضلوعه فيه.


(رويترز)

المساهمون