صحافيون تونسيون في مصيدة الإعلام الإسرائيلي

صحافيون تونسيون في مصيدة الإعلام الإسرائيلي

14 يناير 2018
ترفض "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" التطبيع الإعلامي (كيم بدوي/Getty)
+ الخط -
أعادت قضية الصحافية التونسية، سامية بيولي، أزمة اختراق وسائل الإعلام الإسرائيلية للساحة الإعلامية في تونس إلى الواجهة، وأثارت تساؤلات عدة حول الأساليب المتبعة في هذا المجال، خاصة أن الأمر لا يخلو من الخداع والتلاعب والتضليل.

المراسلة في قناة "جوهرة أف أم" الخاصة من جزيرة جربة، سامية بيولي، أطلت في نشرة أنباء قناة "مكان 33" الإسرائيلية، عبر خدمة "سكايب"، متحدثة عن الاحتجاجات التي تشهدها تونس في الفترة الأخيرة، وتعرض كنيس يهودي في جزيرة جربة التونسية إلى محاولة حرق.

هذه المداخلة أثارت جدلاً بين الصحافيين التونسيين، إلى أن تواصلت "العربي الجديد" مع بيولي التي أكدت أنها "خُدعت" و"أوهمت أنها تطل عبر قناة تركية، خاصة أن الرقم الذي هاتفها تركي"، وشددت على رفضها القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضحت بيولي، لـ"العربي الجديد"، أن مداخلتها تمت، بعدما تواصلت معها الصحافية التونسية العاملة في قناة تركية، نسرين حمدي. وعليه، فإن حمدي أكدت أيضاً أنها خُدعت، من قبل شخص يُدعى "هشام"، يقدّم نفسه كصحافي فلسطيني معادٍ للصهيونية ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

هذه الحادثة أعادت إلى الأذهان مجموعة من الاختراقات التي قام بها الإعلام الإسرائيلي للساحة الإعلامية التونسية، في الفترة الأخيرة، إذ لاحظ الكثير من التونسيين أن القناة الإخبارية الإسرائيلية I24 تقدم في نشراتها الإخبارية استجوابات لمواطنين تونسيين، صُوروا في الشوارع التونسية، من دون أن يعلموا أنهم يصرحون لقناة إسرائيلية، فكيف حصل هذا الأمر؟

توصلت "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" إلى أن التقارير المذكورة تُصوّر لصالح وكالة الأنباء الأجنبية aparchive.com، ثم تُباع إلى قنوات إسرائيلية تبثها من دون الإشارة إلى المصدر الرئيسي، أي الذي تواصل مع التونسيين الذين يبدون عادة حساسية كبيرة إزاء التصريح لقناة إسرائيلية، كما أن القوانين التونسية لا تمنح هذه القنوات تراخيص للعمل أصلاً، وترفض أيضاً "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" أشكال التطبيع كلها، وتعتبرها تجاوزاً خطيراً ينجم عنه الشطب من سجلات النقابة والإدانة والتشهير، لكن هل تكفي هذه الإجراءات لتحصين الساحة الإعلامية التونسية من مثل هذه الاختراقات؟

الجواب لا، وتؤكد هذا الأمر وقائع عدّة. إذ قبل اغتيال المهندس التونسي العضو في حركة "حماس"، محمد الزواري، في 19 ديسمبر/كانون الأول عام 2016، قامت الاستخبارات الإسرائيلية (موساد)، عن طريق مكتب إنتاج ثقافي وإعلامي موجود في تونس، تعود ملكيته إلى بلجيكي من أصل مغربي، بتوظيف صحافية تونسية مبتدئة ومصور صحافي للقيام بحوار مع الزواري ومتابعة أنشطته كافة، على أساس إعداد عمل وثائقي حوله، لتتم تصفيته بعد ذلك، وإلقاء القبض على الصحافية والمصور اللذين يقبعان في أحد السجون التونسية الآن، لكنهما يصران على عدم علمهما بأنهما يعملان لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي.

كما تفاجأ التونسيون بعد عملية اغتيال الزواري مباشرة بمراسل "القناة العاشرة الإسرائيلية"، معاف فاردي، وهو يبث مراسلاته من محافظة صفاقس، أمام منزل الشهيد محمد الزواري. وإمعاناً منه في تحدي السلطات التونسية، قام ببث مراسلة من أمام وزارة الداخلية التونسية، ما أثار غضب التونسيين، ليتضح أنه دخل تونس على أساس أنه صحافي ألماني.

وتجدر الإشارة إلى أن حالة البطالة التي يعاني منها الكثير من خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار في تونس قد تدفع البعض الى التورط من حيث لا يعلم في التعاون مع وسائل إعلام إسرائيلية، وهو ما نبهت إليه "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" التي أعلن عضو مكتبها التنفيذي، زياد دبار، أن النقابة ستقوم بنشر قائمة موسعة لوسائل إعلام إسرائيلية كي يتمّ رفض التعامل معها، لكن مع ذلك يبقى الحذر مطلوبا وعدم التسرع في التعامل مع أي مؤسسة إعلامية قبل التثبت من المكان الذى تبث منه وخطها التحريري.

قضية الصحافية سامية بيولي التي كانت "العربي الجديد" أول من نشرها أثارت الكثير من الجدل حول اختراق وسائل الإعلام الإسرائيلية للساحة الإعلامية التونسية، ما اعتبر تحدياً جديداً أمام السلطات التونسية وأمام الإعلاميين التونسيين كي لا يسقطوا في مصيدة الإعلام الإسرائيلي.