قرصنة ماكرون: استماتة روسيّة للتدخل بفرنسا

قرصنة ماكرون: استماتة روسيّة للتدخل بفرنسا

28 ابريل 2017
ماكرون مرشح من خارج الأحزاب الفرنسية (مصطفى يلسين/الأناضول)
+ الخط -
لقي تقرير شركة "ترند مايكرو" اليابانية المتخصصة في الأمن السيبراني، الذي يمنح مصداقية لكلّ شكاوى طاقم المرشح الوسطي للرئاسة الفرنسيّة، إيمانويل ماكرون، الانتخابي، من هجمات إلكترونية يتعرض لها، وتستهدف قيادييه، محاولةً الاستيلاء على أسماء مستخدمي الحسابات الإلكترونية وكلمات السر، صدىً واسعًا في كل وسائل الإعلام الفرنسية.

وإذا كان مصدَر هذه الهجمات معروفاً، حسب "ترند مايكرو"، أي روسيا، فإن كثيرًا من الشكوك لا تزال تنتظر الذوبان، خصوصاً طبيعة العلاقات بين المجموعة "باون ستورم"، المعروفة باسم "فانسي بير"، التي صدرت منها الهجمات وبين الاستخبارات الروسية.
خصوصاً وأن التحقيقات الأميركية لم تستطع، لحد الساعة، الربط بين الكرملين والمهاجمين.

قبل أشهر، ومنذ انطلاق حملة ماكرون الانتخابية، وأعضاء في طاقمه الانتخابي يتحدثون عن هجمات إلكترونية تستهدف الحملة. وعلى الرغم من أن الاتهامات كانت تتجه إلى روسيا (منذ الهجوم الكبير الذي ضرب قناة "تي في 5 موند" سنة 2015)، حيث العلاقات بين فرنسا وروسيا في حالة من التوتر غير المسبوق، بسبب نزوع الروس للهيمنة، في أوكرانيا وسورية، إلا أن هذه الاتهامات لم تؤخذ كثيراً مأخذ الجد، باستثناء الأجهزة الأمنية الفرنسية، التي دعت المرشحين إلى مضاعفة الأمن واليقظة. وإن كانت قناة "سي إن إن" الأميركية، قد أكدت، يوم الثلاثاء، تعرض حركة إيمانويل ماكرون لهجمات متكررة مصدرها روسيا.

وإذا كانت الشكوك تتجه، كل مرة، إلى الكرملين، باعتباره الموجّه لهذه الهجمات، فإن هذا الأخير كان يبادر في كل مرة إلى نفي أي مسؤولية له عن أي محاولة في التأثير على نتائج الانتخابات الأميركية ولا عن أي مشروع آخر له في فرنسا.

وكانت طواقم المرشح إيمانويل ماكرون قد سارعت في فبراير/شباط إلى إدانة حملة التشويه والتشهير التي يتعرض لها ماكرون على شبكة الإنترنت، وهو ما فُهم منها أن الكرملين اختار مرشحيه في الانتخابات الفرنسية، وماكرون ليس من بينهم.

ورأى مقربون من ماكرون أن هذه الهجمات التي استهدفت مُرشَّحهم، منذ إعلانه عن ترشحه، لم تكن هجمات قراصنة معزولين، بل مجهود مجموعة منظمة، كما أكد ريشارد فيراند، الأمين العام لحملة ماكرون، في شهر فبراير/شباط الماضي.


تأكيد الشركة اليابانية لم يثر استغراب منير محجوبي، مدير حملة ماكرون الرقمية، لكنه طمأنَ الجميع بأن "الهجمات كانت فاشلة"، ولم يحصل المهاجمون على أي "معطى ذي حساسية".
وأكدت الحملة الانتخابية لماكرون، الأربعاء، أن شبكتها الإلكترونية كانت هدفاً لخمس عمليات اختراق متطورة على الأقل منذ يناير/ كانون الثاني لكن أياً منها لم ينجح في سرقة أو اختراق أي بيانات للحملة.

وقال حزب "إلى الأمام" الذي ينتمي إليه ماكرون في بيان "إيمانويل ماكرون هو المرشح الوحيد المستهدف في الحملة الرئاسية الفرنسية"، مضيفاً "ليس من قبيل الصدفة أن آخر المرشحين التقدميين في هذه الانتخابات هو الهدف الرئيسي".

وحسب "تريند مايكرو"، فإن الهجمات استمرت يوم 15 مارس/آذار وأيام 12 و14 و17 أبريل/نيسان، وحاولت الإيقاع بمساعدي المرشح ماكرون، عبر خلق أربعة أسماء نطاق (noms de domaines)، تشبه الأسماء التي يتعامل بها مساعدو ماكرون، وهي: (onedrive-en-marche.fr) و(portal-office.fr) و(mail-enèmarche.fr) و(accounts-office.fr). وقد تم استخدام أسماء النطاق، هذه، من قبل المهاجمين الروس من أجل استهداف حملة ماكرون، التي تستخدم خدمة الإيميلات مايكروسوفت أوفيس 365. كما حاول القراصنة الروس تخريب الحواسيب، بحثاً عن مواضع خلل وضعف.

ولكن كما يقول منير محجوبي، فإن العناوين الإلكترونية ظلّت عصية على الاختراق. وإذ يؤكد منير محجوبي صحة ما ورد في التقرير، يضيف بأن طاقمه الرقمي اكتشف هذه الأسماء (أسماء النطاق) وأسماء أخرى. وأن تقرير تريند مايكرو "يقدم عناصر إضافية"، إلى "مجموعة قرائن" كانت في حوزتنا. ولكن منير محجوبي لم يشأ اتهام موسكو، لأن "طاقمنا ليس قادراً على تحديد أصل هذه الهجمات"، قبل أن يضيف، ساخراً: "لكن أفضل الهجمات هي التي يستخدم من يرسلها التمويه".

وتوجّه الشركة اليابانية، التي لم تستطع تحديد جنسيات القراصنة، نظَرَها إلى روسيا، باعتبارها منطلق الهجمات، وترى أن ثمة تشابهاً قوياً لما حدث مع طرق فانسي بير Fancy Bear وهي المجموعة التي تحوم حولها شبهات فيما يخص القرصنة التي تعرض لها الحزب الديمقراطي الأميركي، لكن "تظل هناك دائماً شكوك تقنية في تحديد المهاجم، حتى إذا نجحنا في تقليص الهدف إلى أبعد حد".

وحتى صحيفة "لوفيغارو"، تحدثت عن محاولة الروس التأثير، بطريقة ما، في الانتخابات الفرنسية. واستحضرت تصريحًا لماكرون، يوم 14 أبريل/نيسان بأنه يعرف كيف سيجعل فلاديمير بوتين "يعامله باحترام". وهو ما يكشف أن المرشح يعترف بأن النظام الروسي يفضل مرشحاً فرنسياً آخر، ويتعلق الأمر بمارين لوبان، وهو ما يؤكده، كما تقول لوفيغارو، دعوة صريحة صدرت من حساب تويتر تابع للقناة التلفزيونية للجيش الروسي، يوم 23 أبريل/نيسان، بالتصويت لصالح مارين لوبان.

واستعانت "لوفيغارو" للتأكيد على العلاقة المتينة بين مارين لوبان وفلاديمير بوتين، بالأكاديمي الأميركي من جامعة كولومبيا، جاسون هيلي، الذي رأى أن رغبة التدخل الروسي في الانتخابات الفرنسية ليست محلّ شك، على الإطلاق. فـ"الاستخبارات الروسية استخدمت القرصنة في فرنسا، ولن تتوقف عن مواصلتها".



المساهمون