انقسامات وتدخلات سياسية تحكم انتخابات الصحافيين الأردنيين

انقسامات وتدخلات سياسية تحكم انتخابات الصحافيين الأردنيين

27 ابريل 2017
أهمية استثنائية للانتخابات (سيليا بيترسون)
+ الخط -
يتنافس أربعون مرشحاً ومرشحة في انتخابات نقابة الصحافيين الأردنيين، المقررة غداً الجمعة، ستة منهم يتنافسون للفوز بموقع النقيب، وأربعة على موقع نائب النقيب، فيما يتنافس ثلاثون للفوز بمقاعد مجلس النقابة التسعة.

الانتخابات التي صاحبها جدل مبكر، تحاط بأهمية استثنائية، فهي تأتي وسط تنامي الدعوات لفرز مجلس نقابة يضطلع بمسؤولية انتشال المهنة من واقع متردٍ أنتجته أوضاع اقتصادية وعززته سياسات رسمية تواصل فعلها لتكبيل الصحافة والمحافظة عليها أداة بيد السلطة.

طروحات المرشحين، وإن نجحت في مجملها بتشخيص الواقع، فإنها تفاوتت في آليات وطروحات الاشتباك معه لناحية تغييره، ووسط إجماع من قبل المرشحين على تضمين بياناتهم الانتخابية الأبعاد اجتماعية واقتصادية المؤرقة للمؤسسات الإعلامية والعاملين فيها، ظهرت على غير عادة انتخابات الصحافيين، أصوات تدعو لاستعادة هيبة النقابة ودورها الوطني والدفاع عن استقلاليتها كمدخل للدفاع عن المهنة وحقوق العاملين فيها، وتلك طروحات أثارت قلق السلطة، وجعلت مراقبين يستشعرون تراجعها عن حيادها المعلن تجاه الانتخابات.

التدخلات الرسمية، عبر الأذرع الأمنية، تهدف للوصول مع نهاية العملية الانتخابية إلى فرز مجلس نقابة تسيطر السلطة على غالبية أعضائه، وتجلت تلك التدخلات في التحشيد لصالح مرشحين بعينهم على حساب آخرين.

وأمس الأربعاء، أعلن المرشح جهاد المحيسن، مدير "مركز المشرق الجديد للدراسات‎"، انسحابه من الانتخابات. وقال في منشور على صفحته عبر "فيسبوك": "أعلن نسحابي من انتخابات نقابة الصحافيين لأن المعركة لم تعد شريفة والتدخلات وصلت حتى من السفارات ومجلس النواب. كنا نتصارع مع طرف أصبحت عشرات الأطراف والدول! عجبي على هيك بلد".


الحراك الانتخابي المبكر، فشل في خرق الأعراف التقليدية التي حكمت انتخابات الصحافيين، منذ أول انتخابات جرت في العام 1953، فبعد أن ظهرت محاولات جادة لخوضها عبر قوائم انتخابية معلنة أسوة بالانتخابات التي تجري بمثيلاتها من النقابات المهنية، اضمحلت الفكرة بعد هجوم مبرمج نجح في إثارة مخاوف الهيئة العامة من القوائم، وتسويقها محاولة لتحويل النقابة ساحة لصراعات سياسية تحرفها عن دورها المهني.

وفيما لعبت أذرع السلطة دوراً في إثارة المخاوف من القوائم الانتخابية، وعرقلتها لضمان عدم وصول نقيب ومجلس نقابي يلتقون على برنامج مشترك، عزا آخرون فشل التجربة إلى حداثتها وحسابات المرشحين المصلحية التي ترى في القوائم خطراً يتهدد فوزهم.

إجهاض فكرة القوائم، أعاد المرشحين لقاعدة خوض الانتخابات بشكل فردي، وضمن تحالفات مصلحية يغلب عليها طابع العلاقات الشخصية والاصطفاف المؤسساتي والتكتلات المهنية، لكن ذلك لم يمنع تشكيل قوائم غير معلنة (سرية) يلتقي أعضاؤها على رؤى وبرامج مشتركة، كخطوة أولى يمكن المراكمة عليها مستقبلاً باتجاه التأسيس لحالة انتخابية أكثر نضجاً.

وتجري الانتخابات في ظروف استثنائية يتعاظم فيها الخطر على المؤسسات الصحافية التي تعاني مشاكل اقتصادية معقدة، نتج عنها في العام 2015 توقف صحيفة "العرب اليوم" عن الصدور، فيما يسيطر خطر التوقف أو إعادة الهيكلة على مؤسسات أخرى.

كما تأتي في ظل تراجع حاد في واقع الحريات الإعلامية توثق له تقارير محلية ودولية، وتعزوه بشكل مباشر إلى مساعي السلطة للسيطرة على الإعلام من خلال جملة من التشريعات المقيدة، وهي السيطرة التي تمتد لتطاول النقابة ودورها في الدفاع عن المهنة والعاملين فيها من خلال التحكم أو التأثير على نتائج انتخاباتها المنتظرة.