الصحف الإسرائيلية: اعتبارات داخلية وراء الأزمة مع غابرييل

الصحف الإسرائيلية: اعتبارات داخلية وراء الأزمة مع غابرييل

26 ابريل 2017
غابرييل في القدس الثلاثاء (توماس كوكس/فرانس برس)
+ الخط -
اعتبرت الصحف الإسرائيلية أن الأزمة الدبلوماسية التي افتعلها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، عندما ألغى لقاءه مع وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابرييل، جاءت بالأساس لدوافع حزبية داخلية، ضمن سعي نتنياهو لترميم صورته أمام الرأي العام الإسرائيلي، لا سيما بعد إشكالية تهجم اثنين من نواب حزبه قبل أكثر من أسبوع على أهالي جنود إسرائيليين قتلوا في العدوان الأخير على غزة، خلال جلسة للجنة مراقبة الدولة التي ناقشت تقرير مراقب الدولة عن الإخفاقات في الحرب على غزة.

وأبدت الصحف الإسرائيلية، باستثناء صحيفة "هيوم" المقربة من نتنياهو، استغرابها من الخطوة التي قام بها، مشيرةً إلى أنه سيكون رابحاً على الصعيد الحزبي والشخصي، وأن إلغاء اللقاء لن يسبب أزمة كبيرة في العلاقات مع ألمانيا، عدا عن أن إلغاء اللقاء، منح عملياً دعاية كبيرة لجمعيتي "يكسرون الصمت" و"بتسيلم" اللتين تعنيان بحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وتوثقان لجرائم الاحتلال وممارسات جنوده.

وفي هذا السياق، اعتبر ناحوم برنيع الذي لم يخفِ رفضه ومعارضته للجمعيتين المذكورتين، أن "نتنياهو في إطار سعيه الدائم للبحث عن أعداء وصل حدًا يثير للشفقة"، متسائلاً "ما الذي فعلته به جمعيّتا "يكسرون الصمت" و"بتسيلم" حتى يفتعل أزمة مع أهم حكومة مناصرة لإسرائيل في أوروبا".

ورأى برنيع أن نتنياهو يصدر هوسه وخوفه الدائم من الأعداء الداخلين إلى الحلبة الدولية، بما يذكر بحكاية الراعي الذي كان يصرخ كذباً مستغيثاً من الذئب، إلى أن وصل لحالة لم يعد أحد يصدقه، و"هذا هو مكمن الخطر في سلوك نتنياهو".

في المقابل، اعتبر شالوم يروشالمي في "معاريف"، أنه يمكن اعتماد واحد من ثلاثة تفسيرات لسلوك نتنياهو، تبعاً لموقف كل شخص ومعتقداته السياسية. ففي اليمين سيتبنون مقولات أنه يرفض أي تعامل مع جهات تسيء لصورة الجنود وجيش الاحتلال، مما يعزّز صورة نتنياهو بأنه يقود حكومة يمين قومية ترفض الانصياع والرضوخ للضغوط الخارجية. وهذا يقود، بحسب يروشالمي، إلى تفسير آخر يتعلق بدوافع نتنياهو الائتلافية ورغبته في عدم البقاء "متخلفاً" عن ركب ائتلافه الحاكم، ولا سيما شركائه من اليمين المتطرف، في حزب البيت اليهودي بقيادة نفتالي بينت، وهو ما يفسر كون بينت أول من أعرب تأييده لخطوة نتنياهو.

أما التفسير الثالث الذي يقدمه يروشالمي، فيتفق مع ما ذهب إليه برنيع بأن "نتنياهو يشعر بوجوب الاحتفاظ دائماً بعدو يمكّنه من إبراز ومفاقمة مشاعر الخوف الوجودي وملاحقة الشعب اليهودي، وهذه هي الطريق التي تتيح له السيطرة على الجمهور لوقت طويل".

وذهبت رافيته هيخت في "هآرتس"، إلى القول إن "نتنياهو ككل قادة التيارات القومية الشوفينية يلجأ لخطاب ينضح بالتحريض الأهوج ضد كل من ينتقد سياساته، ويقوم بوصمهم بالخونة وبأنهم أعداء الشعب".

لكن، إلى جانب ذلك، تقول هيخت، إنّ "ردود الفعل التي جاءت من قادة المعارضة، عملياً من زعيم المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، ومن زعيم حزب "ييش عتيد" يئير لبيد الذي أعلن أنه ما كان على نتنياهو أن يلغي اللقاء مع سيغمار غابرييل لكنه مصيب في موقفه، وتصريحات هرتسوغ التي انتقدت موقف نتنياهو، لكنها في الوقت نفسه أبرزت تهرب وتنصل المعارضة من المنظمتين المذكورتين، تبين حجم مساهمة اليسار والوسط في إسرائيل في ضرب الديمقراطية، وفي استسهال الهجوم على جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان".

في المقابل، وضمن حسابات الربح والخسارة من الأزمة المفتعلة، الثلاثاء، كتب عوفر أديرت في "هآرتس"، أنه "ربما يبدو ذلك غريباً لكن في الواقع فإن هذه الأزمة تخدم عملياً الطرفين، وللتحديد تخدم كلا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي يمكنها توظيف اللقاء مع المنظمات في حملتها الانتخابية، والتأكيد على أن حكومتها تتبنى سياسية لا تنازل فيها عن قيم أساسية في السياسة الألمانية وهي حماية حقوق الإنسان. كما تخدم هذه الأزمة أيضاً نتنياهو".

ولفتت "هآرتس" في هذا السياق، كما باقي الصحف، إلى أنّ "إلغاء اللقاء بين نتنياهو والوزير الألماني يعكس تدهور العلاقات الألمانية الإسرائيلية، لكنه لا يعني بالضرورة في نهاية المطاف اجتيازًا للخطوط الحمراء التي توجب ردًا ألمانياً قاسياً ضد إسرائيل، خصوصاً وأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كانت ألغت مطلع العام جلسة مشتركة للحكومتين الألمانية والإسرائيلية، على أثر إقرار قانون تشريع سرقة الأراضي والمستوطنات في الكنيست الإسرائيلي". ​

المساهمون