استطلاع: مصداقية الإعلام الدنماركي في تراجع

استطلاع: مصداقية الإعلام الدنماركي في تراجع

27 مارس 2017
القنوات التلفزيونية هي الأكثر مصداقية للمراسلين (ناصر السهلي)
+ الخط -

في عملية مسح لآراء المتلقين الدنماركيين، قامت بها مؤسسة "نورستات" لمصلحة موقع "ألت تينغ" (كل شيء) الإخباري، حول الأخبار المقدمة للجمهور من قنوات وصحف بلدهم، تبدو النتائج مثيرة، لجهة وضع إشارة استفهام حول المصداقية، والتي يراها الشعب الدنماركي في حالة تراجع.
ووفقًا لنتائج الاستطلاع، المنشورة اليوم في ذات الصحف والقنوات التي تتعرض لانتقادات لاذعة بسبب "الأخبار الوهمية"، يرى 61 بالمائة من الدنماركيين المستطلعين، أن وسائل الإعلام القائمة لديها مشكلة مع المصداقية. ويبدو بالنسبة لهؤلاء تعبير "أخبار وهمية" قد طغى على المشهد الإعلامي للعام المنصرم 2016. 


وذهب نحو 13 بالمائة من المستطلعين إلى الإجابة بـ"نعم بشكل كبير" عن مشكلة المصداقية لدى تلك الوسائل. واعتبر 48 في المائة أنه توجد مشكلة "إلى حد ما"، بينما قال 28 بالمائة إنه لا توجد مشكلة مصداقية، و11 بالمائة أجابوا بـ"لا أعرف".


ويسود قلق منذ عامين في الوسط الشعبي الدنماركي حول تراجع المشهد الإعلامي والصحافي، مع اعتبار وسائل التواصل الاجتماعي باتت تشكل "تحدياً منافساً للوسائل التقليدية". ويرى هؤلاء أن المنافسة المتزايدة من قبل الصفحات الإلكترونية التي تحمل توجهات سياسية معينة، ينقصها "الكثير من التوثق فيما تنشره".


وبحسب ما يذهب إليه مدير الأخبار في القناة الرسمية "دي آر" DR، أولريك هاوروب، فإن هذا الاستطلاع "يعبر عن مشكلة جدية ليس فقط لقطاع الصحافة والإعلام، بل للديمقراطية أيضا".


ويرى هاوروب أنه من الأهمية بمكان أن يكون لوسائل الإعلام دورها الموثوق فيه في النقاش العام في المجتمع والتطورات فيه، ويبدو أنها تتحرك بعيدًا عن ذلك. ولا يخفي مدير الأخبار في أكبر وأكثر القنوات الإخبارية انتشارًا ورزانة أنه "لسنوات عدة، مارست وسائل الإعلام دورها كسلطة في النقاش العام، كمتكئ يمكن الوثوق به. لكن، وبالتزامن مع تراجع دور القنوات التلفزيونية وظهور صحف الحافلات (في إشارة لصحف ميترو إكسبرس المجانية المعتمدة على الإعلانات، ومنشورات محلية أخرى)، فإنها فقدت سلطتها، وأيضا برز إعلام الصراخ واللغة الخشنة للفت الانتباه". 


ولا يتردد هاوروب في القول، في تصريحات للقناة الرسمية الدنماركية، إن "العديد من وسائل الإعلام، بما فيها تلك الرزينة والجدية، وقعت في أخطاء كثيرة وهي تلهث خلف المنافسة مع منصات غير جدية لجذب اهتمام المتابعين".


ويتفق أستاذ الصحافة في جامعة جنوب الدنمارك (أودنسه)، مورتن سكووغورد، مع هاوروب في تقييمه لتطورات المشهد الإعلامي في البلد. ويرى أن "الصحافة القائمة ذهبت نحو إعادة تشكيل نفسها، توافقاً مع صحافة الأصوات الصارخة على الإنترنت. لكنه لا يرى أن هذا الأمر بعينه يدفع الشعب إلى أن يفقد الثقة في الإعلام القائم.


ويشرح لموقع "ألت تينغ" الإخباري وجهة نظره بالقول: "لا يمكننا أن نقفز عن حقيقة أن وسائل الإعلام تعيش في ظل اتهامات عنيفة، بالرغم من أنها لا تشبه تلك السائدة في الولايات المتحدة، لكنها في الدنمارك وإن كانت أقل خطورة، إلا أنها أيضا تعيش تحت هجمات شرعنها السياسي لنفسه، بانتقاد وسائل الإعلام واتهامها في مصداقيتها".


أحد الأمثلة التي يطرحها مورتن سكووغورد تكمن في اتهام وسائل الإعلام القائمة بأنها "يسارية لا تملك مصداقية"، وهي تهمة توجّه للقناة الأولى "دي آر" من قبل اليمين ويمين الوسط، بسبب انفتاح صحافييها على قضايا اجتماعية وسياسية محلية وعالمية.

وفي المقابل، تُتهم قنوات وصحف أخرى بأنها "قنوات لوبيات وصحف إثارة وعنصرية"، كالقناة الثانية "تي في 2" وصحيفتي "بي تي" و"اكسترا بلاديت".


لكن وبالرغم مما يعانيه المشهد الإعلامي في الدنمارك من اتهامات بفقدانه للمصداقية، تبقى القنوات التلفزيونية، بحسب الاستطلاع المشار إليه، خصوصًا بالنسبة للمراسلين، تملك قدرًا من المصداقية عند الجمهور أكثر من وسائل أخرى.


ففي السؤال عن الدرجة الممنوحة لمصداقية الوسائل الإعلامية من 1 إلى 10 درجات، حصلت القنوات التلفزيونية على 6.8 درجات. وتلتها القنوات الإذاعية بـ6.6 درجات، والصحف الصباحية بـ6.3 درجات، بينما احتل "فيسبوك" ووسائل التواصل أدنى الدرجات بـ3.7 من عشر درجات، وسبقها المجلات الأسبوعية بـ4.1 درجات.

المساهمون