إهانة البرلمان المصري للأهرام: معترك صحافي ونقابي جديد؟

إهانة البرلمان المصري للأهرام: معترك صحافي ونقابي جديد؟

02 مارس 2017
معركة جديدة قبل يومين من انتخابات النقابة (كيم بدوي/Getty)
+ الخط -
أزمة جديدة طرقت أبواب نقابة الصحافيين المصرية، قبل يومين من انتخابات التجديد النصفي (تُجرى غداً الجمعة) على مقعد النقيب وستة من مقاعد مجلس النقابة الاثني عشر، في أعقاب التصريحات المسيئة من مجلس النواب المصري، ضد مؤسسات صحافية وصحافيين، خلال هذا الأسبوع.


يوم الإثنين، هاجم رئيس مجلس النواب المصري، علي عبدالعال، مؤسسة "الأهرام"، قائلاً: "إحنا اللي بنصرف عليها ولا تحقق عائد"، متابعاً "الإعلام بيهاجم، وأحد النواب اتكلم هنا في الجلسة، وطلعت علينا صحيفة إحنا اللي بنصرف عليها وهي الأهرام، وندفع لها من أموال الدولة ولا تحقق عائدا رغم ما لديها من شركات ومطابع، ولكنها للأسف ابتُليت بإدارة لا تدير طبقا للمعايير الاقتصادية وشوّهت الحقيقة".
وتابع قائلاً: "المجلس صدّق على مشروع قانون الهيئات الوطنية والإعلام والصحافة، وسيرى النور قريباً، وهذه الصحف سواء الأهرام أو الأخبار ستعود قوية ومنتشرة وتؤدي الدور المناط بها".

وأشار محررو مجلس النواب المكلفون بتغطية فعالياته، إلى أن عبد العال كان يقصد في حديثه مجلة "الأهرام العربي" التي تصدر عن مؤسسة "الأهرام"، والتي نشرت تقريرًا بتاريخ 9
أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بعنوان "9 أخطاء لعبد العال كل دقيقة... رئيس البرلمان يهين اللغة العربية بـ165 خطأً خلال كلمته اليوم".

إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد. ففي الجلسة العامة الثلاثاء، هاجم النائب مرتضى منصور الكاتبَ الصحافي إبراهيم عيسى، وجريدة "المقال" التي يصدرها، وقال "الصحافي اللي مش هيحترم نفسه هياخد بالجزمة". بل إن المجلس قرر إحالة بلاغ منصور، ضد جريدة المقال للنائب العام المصري، بسبب التطاول على هيبة المجلس.

وعلى الرغم من تراجع عبد العال، عن تصريحاته ضد مؤسسة "الأهرام" الثلاثاء، وقال إن "الأهرام مؤسسة كبيرة وأحترم كل الصحافيين فيها"، إلا أن الأزمة لم تمر مرور الكرام.
فقد أصدر رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الأهرام"، وكذلك نقيب الصحافيين الحالي، بيانات للرد على التصريحات المسيئة للمؤسسات الصحافية والصحافيين. أما مرشح مؤسسة "الأهرام"، على مقعد النقيب، عبد المحسن سلامة، فلم يعلق حتى الآن، الأمر الذي اعتبره مراقبون جاء في الوقت المناسب ليصب لصالح منافسه يحيى قلاش.

فعبد المحسن سلامة، ابن مؤسسة الأهرام أيضا، كان عضوا في الحزب الوطني المنحل، في عهد الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، ولا يزال ولاؤه للنظام الحاكم الحالي، هو الذريعة التي يبني عليها قرار ترشحه، رغم إعلانه مرارا وتكرارا أن "علاقته بالسلطة الحاكمة مرتبطة لاستجابتها لمطالب الجماعة الصحافية".



ومن جانبه، أصدر رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، أحمد النجار، بياناً، الثلاثاء، طالب فيه
باعتذار رئيس مجلس النواب عن "تطاوله" على المؤسسة في الجلسة العامة لمجلس النواب. وقال "على من أخطأ وبشكل علني في حق مؤسسة عظيمة، هي عمود خيمة الصحافة والإعلام في مصر والمنطقة وهي الأكبر والأوسع انتشارا بفارق كاسح عمن يليها، عليه أن يعتذر.. وفي الاعتذار عن الخطأ فضيلة كبرى لو تعلمون".
وقال النجار، في البيان الصحافي الذي نشره عبر حسابه الخاص على موقع "فيسبوك"، إن "مؤسسة الأهرام.. عملاق الصحافة العربية أكبر من كل من يتطاول عليها بغير حق"، متابعاً "لا أنزلق عادة إلى الرد على مهاترات الصغار، لكن عندما يتعلق الأمر بمسؤول لا يطيق أن تقوم الصحافة بدورها الرقابي والنقدي والكاشف للحقائق وهو جوهر دورها".
وتابع النجار "عندما يتعلق الأمر أيضًا بمسؤول لا يزِن الكلمات قبل إطلاقها بغير علم بشأن مؤسسة عظيمة لم يحلم البعض أن يدخلها أو حتى يسير أمامها فليس أمامي سوى الرد وبشكل رسمي فما عاد في قوس الصبر منزع، للصبر حدود وقد تم تجاوزها بالفعل".


من جانبها، أصدرت مؤسسة الأهرام بيانًا الثلاثاء، أعربت فيه عن اندهاشها من التصريحات التي صدرت عن رئيس مجلس النواب وهاجم فيها المؤسسة.
وأكد البيان الصادر عن اجتماع مجلس الإدارة والجمعية العمومية واللجنة النقابية بالمؤسسة، أن
صحافيي "الأهرام" بكل إصداراتها يقومون بعملهم بشكل مهني رفيع المستوى، وأن صحافيي الأهرام يعملون لدى الشعب الذي يستجلي الحقيقة من خلالهم.
وأضاف البيان "أما الأداء المالي لمؤسسة الأهرام وشركاتها وجامعتها، فإن التصريحات التي تم إطلاقها تعكس عدم العلم بأي شيء عن هذا الأداء، وكان من اليسير أن يطلب رئيس مجلس النواب البيانات من المؤسسة التي كانت ستقدمها له عن طيب خاطر".


نقيب الصحافيين الحالي، والمرشح على مقعد النقيب في الانتخابات القادمة، يحيى قلاش، أصدر بدروه بيانا رد فيه على تصريحات عبد العال وقال "نحن سلطة السلطات.. وبعض الذين طعنوا النقابة وشاركوا في مظاهرة بالبرلمان جرّأوا البعض علينا".
واعتبر قلاش أن "هجوم رئيس مجلس النواب، علي عبدالعال، على مؤسسة الأهرام، واتهامه لها بتشويه البرلمان -رغم إنفاقه عليها- بمثابة سابقة خطيرة. موضحا أن تصريحات رئيس
البرلمان تعد تدخلا في شؤون الصحافة، وإذا كان مجلس النواب هو إحدى السلطات الدستورية فنذكر الجميع أن الصحافة سلطة فوق كل السلطات".
واستطرد قلاش "للأسف الشديد، تلك التصريحات صدرت عن رئيس البرلمان الذي كان أحد أعضاء لجنة الخمسين التي وضعت قانون الصحافة والإعلام، وكانت آراؤه داخل اللجنة ليبرالية ومنحازة لحرية الصحافة".


وكانت اللجنة الوطنية للتشريعات الصحافية والإعلامية، قد شرعت في إعداد مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام، منذ أكثر من عامين، وهي اللجنة التي تشمل في عضويتها 6 أعضاء من مجلس نقابة الصحافيين المصريين، و6 من أعضاء من المجلس الأعلى للصحافة، الحاليين والسابقين، و12 من الإعلاميين، و26 آخرين يمثلون أساتذة وخبراء قانون من ضمنهم علي عبدالعال، وأساتذة صحافة وإعلام، وذوي خبرات من الصحافيين والإعلاميين، وشباب صحافيين وإعلاميين، والنقابة العامة لعمال الصحافة والطباعة والنشر والإعلام، وغرفة الإعلام المرئي والمسموع، ورؤساء مجالس إدارة الصحف القومية، والصحف الخاصة، ونقابة الصحافيين الإلكترونيين - تحت التأسيس، وشخصيات عامة.

وتابع قلاش "بعض الذين ذهبوا إلى البرلمان للمشاركة في مظاهرة مفتعلة لكي يكونوا خنجرا في ظهر النقابة عندما أبدت بعض ملاحظاتها على الجزء الأول من القانون المتعلق بتشكيل الهيئات واستقلالها، وعلى رأسهم بعض من يدّعون أنهم نقابيون".
واستطرد "أتمنى عليهم الآن أن يذهبوا إلى البرلمان ليسجلوا احتجاجهم وموقفهم بشكل رسمي، وأن ينحازوا لمطالب الجماعة الصحافية، والتكاتف من أجل ترجمة مواد الدستور الخاصة بالصحافة إلى منظومة تشريعات، تُعيد بناء المنظومة الصحافية، وتعالج كل الأوضاع التي
يعاني منها جموع الصحافيين".


ويقصد قلاش من حديثه أعضاء مجلس النقابة، والكتاب والصحافيين الذين كانوا يجتمعون في الأهرام في أعقاب واقعة اقتحام نقابة الصحافيين، واجتماع الجمعية العمومية الحاشد للصحافيين، وما اتخذه من قرارات ضد وزارة الداخلية المصرية. حيث كان مجموعة من الصحافيين أطلقوا على أنفسهم "الأسرة الصحافية"، بزعامة نقيب الصحافيين السابق، مكرم محمد أحمد، وعدد من أعضاء مجلس النقابة الحالي، يواصلون الهجوم على مجلس النقابة، دعما للحكومة، أو "مؤسسات الدولة"، على حد قولهم، ويجتمعون في جريدة "الأهرام" للوقوف ضد قرارات اجتماع الجمعية العمومية وإجهاض وحدة الصحافيين مع مجلس النقابة.

كما أن الفريق الموالي للسلطة في مجلس نقابة الصحافيين، كانوا قد شاركوا بصفتهم الشخصية في اجتماعات لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب المصري، لمناقشة قانون الإعلام الموحد بعد تقسيمه ورغم اعتراضات نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة عليه، وأبدوا موافقتهم عليه وعلى توجُّه الحكومة بشكل عام.




المساهمون