علاقة الهايكا والحكومة التونسية... تدهور مستمرّ

علاقة الهايكا والحكومة التونسية... تدهور مستمرّ

08 نوفمبر 2017
النوري اللجمي أبرز منتقدي الحكومة (فيسبوك)
+ الخط -
يشهد الإعلام التونسي في المدة الأخيرة صراعات كبرى، اعتبرها بعضهم صحية ورأى فيها آخرون لعبة دفاع عن مصالح ضيقة قد لا تفيد القطاع الإعلامي في شيء. وفي هذا السياق، تمرّ العلاقة بين الحكومة التونسية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (وهي هيئة دستورية تتولى تعديل وضمان استقلالية وتعددية وسائل الإعلام السمعية البصرية) بأسوأ مراحلها.

مرحلة التدهور تلك رسمتها تصريحات عدد من أعضاء مجلس "الهايكا"، والذين تقدمهم رئيسها النوري اللجمي، عندما اعتبر أنه لا توجد إرادة حقيقية من قبل الحكومة التونسية في إصلاح الإعلام السمعي البصري مستشهدًا بعدم التفاعل الإيجابي مع مقترح الهيئة، في ما يتعلق بقانون الاتصال السمعي البصري الذي تمّ إعداده من قبل الهيئة باستشارة عدد هام من الإعلاميين، وكذلك من خلال التخفيض في ميزانية الهايكا لسنة 2018 بما يناهز 25 في المائة مقارنة بسنة 2017 وإلحاق ميزانيتها بميزانية وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان دون استشاراتها بل بفرض سياسة الأمر الواقع. واعتبر ما يحصل "تعثرًا خطيرًا ينذر بالرجوع إلى الوراء" في ما يتعلق بالحقوق والحريات التي نصّ عليها الدستور التونسي.

رأي شاركه فيه هشام السنوسي، العضو البارز في مجلس الهايكا، مؤكدًا أن الهيئة وصلتها مراسلات رسمية من المدير العام السابق للتلفزيون الرسمي التونسي تؤكد حجم الضغوطات التي تمارس عليه للتدخل في الخط التحريري للمؤسسة. وبيّن أن الهايكا راسلت الحكومة التونسية طلباً للتوضيحات في ما يتعلق بهذه الضغوطات، لكن الحكومة التونسية تجاهلت الأمر.
السنوسي استدلّ على عدم الرغبة الحكومية في إصلاح الإعلام العمومي (الرسمي) من خلال عدم إيلائها الحرص المطلوب على الارتقاء بالمضامين الإعلامية من خلال توفير الموارد المالية المطلوبة للمؤسسات التابعة لها، مشيرًا إلى أن الإذاعة التونسية (10 محطات إذاعية رسمية) تخصص لها الحكومة ميزانية يتم توجيه أكثر من 80 بالمائة منها للأجور في حين لا يتم تخصيص إلا أقل من 8 بالمائة من الميزانية لصناعة المضامين الإعلامية مما يجعل هذه المؤسسات غير قادرة على تقديم مضامين إعلامية قادرة على المنافسة وفرض الذات في السوق السمعية البصرية التونسية.

وأضاف أن الحكومة لا تولي أهمية كبرى وإرادة حقيقية للتفاعل الإيجابي مع مقترحات الهايكا، مستدلاً على ذلك بمراسلة وردت الأسبوع الماضي على الهايكا، من مصالح الإعلام والاتصال برئاسة الحكومة، للنظر في مقترحاتهم، معتبرًا المراسلة لا ترتقي شكلاً ولا مضموناً إلى مستوى الحدث، وهو الإسراع بإيجاد الحلول العملية للمشاكل التي يتخبط فيها الإعلام السمعي البصري في تونس منذ فترة.
أما عن انتهاء المدة القانونية لوجود الهايكا، وهو ما قد يفسر عدم التعاطي الجدي من الحكومة معها، فقد نفى السنوسي ذلك، مبيناً أن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري لها وجود قانوني، مثلما أشار إلى ذلك الفصل 148 من الدستور التونسي الذى ينصّ على أن انتهاء عمل الهايكا رهين ببعث هيئة جديدة تتولى عملها وهو ما لم يتمّ إلى حدّ الآن.

الحكومة التونسية التزمت الصمت ولم تقدم أية توضيحات أو إجابات عن هذه الاتهامات، بل اكتفت بتسريب بعض الأرقام ومنها أنها رفعت في منحة الدولة في ميزانية التلفزيون الرسمي التونسي من 16.8 مليون دينار (7 ملايين دولار أميركي) سنة 2017 إلى 20.3 مليون دينار تونسي (8.5 ملايين دولار أميركي). كما أعلنت الإثنين عن التسوية القانونية والمهنية لوضعية ما يناهز 30 صحافياً يعملون في المؤسسات الإعلامية الرسمية، وهو ما أشادت به النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، واعتبره بعضهم ردّاً عملياً من الحكومة على الاتهامات الموجهة لها، وكسباً لتعاطف الصحافيين، حيث تريد أن توجه لهم رسالة إيجابية مفادها أنها الضامن الأساسي لتشغيلهم واستقرارهم المهني والمادي.



المساهمون