هكذا غطى الإعلام الفرنسي زيارة السيسي

هكذا غطى الإعلام الفرنسي زيارة السيسي: "رافال" أم حقوق الإنسان؟

26 أكتوبر 2017
انتقد الإعلام الفرنسي تجاهل حقوق الإنسان (فيليب لوبيز/فرانس برس)
+ الخط -
كتبت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، اليوم الخميس، أن مدافعي حقوق الإنسان أصيبوا بالخيبة أمام تساهل ومجاملة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للنظام القمعي في مصر. و"لم تثمر نداءات منظمة (هيومان رايتس ووتش) المُطالِبة بوضع حدّ لسياسة تسامح فرنسا المخزية تجاه الحكومة القمعية شيئاً. وإن الرئيس برفضه إعطاء دروس لرئيس الدولة المصرية لم يفعل سوى أنه خيب آمال المدافعين عن حقوق الإنسان".

وأضافت "ليبراسيون" أنه "لم يكتف باتخاذ موقف واضح من الجدل القديم حول التضحية بحقوق الإنسان في مواجهة المصالح التجارية".

واعتبرت الصحيفة أنه من الصعب لوم الرئيس المصري، الذي وقّع منذ عام 2015 صفقات أسلحة بأكثر من ستة مليارات يورو تتضمن، بشكل خاص، 24 طائرة "رافال" وحاملتي طائرات "هيلوكوبتر" وصواريخ، بالإضافة إلى أن التبادل التجاري ازداد بنسبة 12 في المائة خلال النصف الأول من عام 2017، كما أن الصفقة حول تمديد ميترو القاهرة تصل إلى ملياري يورو بالنسبة للشركات الفرنسية.

واستشهدت "ليبراسيون" بمنشور للبروفيسورة المصرية، دينا الخواجة، على موقع "فيسبوك" كتبت فيه أن "ماكرون ليس إلا تاجراً صغيراً يحاول أن يفرض بالحيلة البضائع الفرنسية على بلد في العالم الثالث. كل شيء يتغير، ولكن لا شيء تغير."

ورأت الصحيفة أن الأكاديمية المصرية لا تأخذ بعين الاعتبار الجدّة في كلام الرئيس الفرنسي، لأنّ ماكرون "عبر تبرير موقفه من المسألة الأمنية التي يواجهها الرئيس المصري، وتحدّي استقرار البلد ومكافحة الأصولية الدينية، إنما يعزّز خطاب وسياسة السيسي الذي يشبّه كل معارضة سياسية بالإرهاب"، وما دفع السيسي إلى التصريح أن "لا ناشط سياسياً مسجون عندنا"، في مقابلته مع قناة "فرانس 24".

إلا أن الصحيفة ردّت على التصريح الرئاسي بالقول إنه منذ وصول السيسي للسلطة في 2013، تم اعتقال 60 ألف شخص، بسبب قناعاتهم السياسية. وأوردت تصريحات "منظمة العفو الدولية" من أن السياسة الأمنية في مصر "لم تعزز في شيء أمنَ البلد، ولكنها قتلت وأخفت وسجنت عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء. لقد نجحت في أن تُسكت، عن طريق الرعب، مجتمعاً كان يطالب قبل ست سنوات بأن يتحرر من الديكتاتورية حتى ينعم بحقوقه الأساسية مثل أي كائن بشري".

ثم كشفت الصحيفة الفرنسية عن أن مرارة وسخرية الديمقراطيين المصريين كانت بادية في ردودهم على كلام الرئيس ماكرون. وتطرقت الصحيفة إلى نداءات العديد منهم للرئيس الفرنسي بأنه "يجب وقف الدعم غير المشروط للسيسي"، و"يجب ألاّ تمرّ زيارة المارشال، الذي أنشأ منذ انقلابه العسكري سنة 2013 نظاما استبداديا وقمعيا، من دون إثارة ردود فعل"، و"إن القمع باسم مكافحة الإرهاب يمسّ أي شخص يعبّر عن أدنى انتقاد للحكومة، سواء كان محاميا أم صحافيا أم مثقفا أم نقابيا أم مدافعا عن الحقوق البشرية".

وأنهت التقرير بمنشور مواطن مصري على "فيسبوك": "ماكرون مخاطباً الشعب المصري: (مثلما الحال، دائما، لا تهُمّ سوى المصلحة) السيسي: مخاطبا الشعب الفرنسي (نحن في منطقة أخرى، حيث الإنسان لا قيمة له)".


من جهتها، رأت إذاعة "فرانس أنفو" أنه "إذا كان الرئيس الفرنسي قد تحادث في خلوته مع السيسي عن خمس عشرة حالة فردية لمناضلين في حقوق الإنسان وصحافيين مصريين تعرضوا للقمع، فإن عائلة إيريك لانغ، المدرّس الفرنسي الذي تعرض للضرب حتى الموت سنة 2013 في أحد مراكز الشرطة، تعبر عن بعض الأمل، من هذه الزيارة، لتحريك الملفّ المجمد منذ سنتين ونصف السنة... وتراهن أخته، كارين لانغ، التي لم تفلح جهود الرئيس السابق، فرانسوا هولاند، في تحريك ملف الضحية، على نجاح تدخل الرئيس ماكرون. وعبرت عن الأمل في أن يفعل ماكرون مثلما فعل هولاند فيتحدث عن إيريك بدل التفاوض حول طائرات رافال".


وذكّرت "فرانس أنفو" بقضية الطالب الإيطالي المقتول في مصر، جوليو ريجيني، بداية عام 2016، بعد تعرضه للتعذيب في القاهرة، وتسبب في أزمة دبلوماسية خطيرة بين إيطاليا ومصر.

"مصر: إهمال حقوق الإنسان بسبب بيع بضع طائرات رافال"، هو عنوان مقال في مجلة "ليكسبريس"، وبيّن مدى الدهشة من اضطرار فرنسا "لتجنب التطرق لقضية حقوق الإنسان من أجل الحفاظ على العلاقة بين البلدين".

وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يَرِد أثناء التوقيع على الاتفاقات بين فرنسا ومصر (يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول)، أي شيء عن شراء مصر طائرات عسكرية فرنسية، رغم الرغبة الفرنسية الجارفة في تنفيذ ذلك، خصوصا وأنها خسرت السباق لبيع مثل هذا النوع من الطائرات للجارة بلجيكا. وبهذا الصدد، نقلت مجلة "ليكسبريس" الأسبوعية معلومات حصل عليها "راديو أوروبا1" عن مفاوضات مصرية مع فرنسا لشراء 24 طائرة عسكرية بمبلغ يتجاوز 3 مليارات يورو، بدل 12 طائرة كما أعلن، فيما سبق، لكنها لم تصل بعد لاتفاق، بسبب قضية التمويل.

وهي إمكانية لا يستبعدها وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، حين صرح لإذاعة "أوروبا 1": "سوف نرى إن كانت ثمة صفقة جديدة. لقد كانت مصر أول بلد صدّرنا إليه طائرات رافال سنة 2015. وإذا كانت ثمة عقود جديدة، فهذا جيد"، وأضاف "ومن الطبيعي أن تتأكد فرنسا من أن النظام المصري قادر على دفع ثمن طلباته".

ونقلت مجلة "ليكسبريس" عن مدير بحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، جان-كلود أيارد، عن الفوائد التي تجنيها فرنسا من بيع السلاح لمصر: "من يبع السلاح يأمُل في الحصول على تأثير في منطقة ما. إن ميدان الدفاع هو التعبير عن سيادة بلد. إن بيع السلاح يعادل شراء أسهم. هكذا تحصل فرنسا على إمكانية قول كلمتها حول التدخلات التي تحدث".

ورأت صحيفة "لاتريبون" أن جمود المفاوضات حول الطائرات الحربية "رافال" يجب البحث عنه في وزارة الاقتصاد الفرنسية. وأشارت هذه الصحيفة التي عنونت مقالها بـ"12 طائرة رافال مجمدة على الأرض من قبل وزارة الاقتصاد" إلى أن وزير الاقتصاد، برونو لومير، رغم تصريحات مقربين منه من أنه "لا يوجد جمود، وإنما توجد مفاوضات، وهذا شيء طبيعي"، هو الذي يتبرم من منح مصر شروطا ملائمة لتمويل هذه الصفقة الضخمة.

واعتبرت الصحيفة الاقتصادية الفرنسية أن "طائرات رافال ليست استثناء، فوزارة الاقتصاد الفرنسية تجمّد كل صفقة مع مصر، سواء كانت عسكرية أم مدنية". وأضافت أن "السيسي يمكنه أن يعول على تدخل الرئيس ماكرون لحسم الأمر".

المساهمون