الإعلام التونسي... الحكومة الجديدة تسعى للتغيير؟

الإعلام التونسي... الحكومة الجديدة تسعى للتغيير؟

19 سبتمبر 2016
لن يسمح التونسيون بتراجع حرية التعبير (Getty)
+ الخط -
رغم أن التونسيين يُجمعون بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 على أن التغيير الأبرز في البلاد هو الارتفاع الواضح في سقف حرية الصحافة بعد عقود من الكبت والتهميش، إلا أنهم في الآن ذاته يختلفون في توصيف الدور الذي على الإعلام التونسي لعبه في مرحلة الانتقال الديمقراطي وبناء الديمقراطية. دور يبدو أن الاختلاف حوله تجاوز المواطن التونسي إلى الحكومات الثماني المتعاقبة بعد الثورة. فقد كانت لكل حكومة رؤيتها لهذا الدور وبادرت بإحداث تغييرات في مستوى إدارة المؤسسات الإعلامية الحكومية، وهي: مؤسسة التلفزيون التونسي (قناتان) ومؤسسة الإذاعة التونسية (10 محطات إذاعية)، وإذاعة "الزيتونة" وإذاعة "شمس أف أم"، و"وكالة تونس إفريقيا للأنباء" وصحيفتا "لابراس" و"الصحافة".

حكومة يوسف الشاهد التي لم يمضِ على تسلمها مقاليد الحكم في تونس أسبوعان، لم تشذّ عن هذه القاعدة، وبدأت هي الأخرى التفكير في إحداث تغييرات على مستوى إدارة المؤسسات الإعلامية الحكومية. فقد انطلق مهدي بن غربية الوزير لدى رئيس الحكومة، والمكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان في عقد لقاءات مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، للتباحث في ضرورة تنقيح وتعديل أو تغيير المرسومين 115 و116 المنظمّين لقطاع الإعلام في تونس. إلى جانب النظر في التغييرات الممكن أن تشهدها مؤسستا الإذاعة والتلفزيون التونسيتان، خصوصاً أن تغيير المسؤولين عن هاتين المؤسستين يتطلب قانونياً اقتراح أسماء من قبل رئاسة الحكومة التونسية والرأي المطابق من قبل الـ"هايكا". وهو ما لم يتم عند تسمية آخر مدير عام للتلفزيون التونسي في عهد حكومة الحبيب الصيد المستقيلة مما وتّر العلاقة بين الحكومة والهايكا. ووصل إلى حدّ تبادل التهم بين الطرفين في الندوات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، الأمر الذي يبدو أن حكومة الشاهد تريد تلافيه من خلال اقتراح أسماء لتولي إدارة التلفزيون التونسي على الهايكا المطالبة بإبداء رأيها في هذه الأسماء بالموافقة أو الاعتراض مثلما ينصّ عليه القانون المنظم للقطاع الإعلامي في تونس.

حكومة الشاهد تريد، وفقاً لمصادر من دائرة الإعلام والاتصال بها، مدّ جسور التواصل مع الفاعلين في القطاع الإعلامي التونسي والقطع مع مرحلة التوتر في العلاقة بين الحكومة والهياكل الممثلة للإعلام في عهد الحكومة السابقة حيث كان للوزير مهدي بن غربية لقاء مع مكتب النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين للتباحث في الحلول الممكنة لمشاكل القطاع المزمنة وخاصة هشاشة التشغيل والأزمة الخانقة التى تعيشها الصحافة المكتوبة في تونس.

ويخشى البعض من المتابعين للشأن الإعلامي التونسي أن تكون هذه النوايا في إحداث تغييرات في إدارة المؤسسات الإعلامية مدخلاً للسيطرة عليه، خصوصاً الإعلام الرسمي الذي خرج ما بعد الثورة من بيت الطاعة وبات يشكل عبئاً مالياً وإعلامياً على الحكومة التونسية. نوايا وإن قامت الحكومة ممثلة في عدد من وزرائها بنفيها، لكنّ الحذر منها ضروري وفقاً للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين التي بادرت في أول تماس بين الطرفين (الحكومة والنقابة) فيما يتعلق بمنع بث حوار الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، إلى الإعلان أنّها "لن تسمح تحت أي ظرف كان بعودة منظومة الاستبداد التي قامت على تدجين الإعلام وتطويعه والتدخل في مضامينه، وسوف تجند كل طاقاتها دفاعاً عن حرية الصحافة واستقلالية وسائل الإعلام". رسالة على حكومة الشاهد فكّ شيفراتها والابتعاد عن المس بحرية الصحافة وفرض أسماء بعينها للإشراف على المؤسسات الإعلامية حتى لا تدخل في نفق الخلاف مع الهياكل الممثلة للإعلام في تونس.

يُذكر أنّ حالة جدلٍ كبيرة أثارها عدم بثّ قناة "التاسعة" التونسية لمقابلة أجرتها مع المرزوقي في الرابع عشر من سبتمبر، خصوصاً بعد تأكيد نقابة الصحافيين أنّ القناة تعرضت لضغوطات حتى لا تبثّ المقابلة. وقال الأمين العام لـ"حراك تونس الإرادة" عدنان منصر حينها إنّ الضغوطات كانت من قبل الرئاسة التونسية والحكومة.
وعادت قناة "التاسعة" لتبثّ المقابلة في 16 من الجاري، بعد يوم من نفي مستشارة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، سعيدة قراش، أي علاقة للرئاسة التونسية بموضوع منع بث الحوار.