أحكام الإعدام وشعب الليبرالية المختار

أحكام الإعدام وشعب الليبرالية المختار

08 مايو 2016
(Getty)
+ الخط -
أصل الحكاية أنه قتل على الهوية، وهي هنا هوية مهنة اسمها الإعلام، حتى وإن حاول القتلة، وضع القتلى في دائرة أخرى، تتعلق "بالأمن القومي، وإفشاء أسرار الدولة"؛ وهم الذين نفذوا جرائم لا تنتهي بحق هذا الأمن، عبثاً بتاريخه، بل ولأول مرة بجغرافيته، هم الذين تنازلوا عن حقول الغاز في المياه المصرية الإقليمية، وعن جزيرتي تيران وصنافير، ويعملون على تهجير أهل سيناء.

بكل أسف، لم أصدم من أحكام الإعدام الصادرة بحق ثلاثة من زملاء المهنة، أسماء الخطيب، وإبراهيم هلال، وعلاء سبلان، لأنه لم يغب عني، إنه النظام نفسه، الذي استهل التحضير لانقلابه على الثورة المصرية، بجرائم قتل راح ضحيتها المصور الصحافي، الحسيني أبوضيف، وهو النظام نفسه، الذي قتل المصور أحمد عاصم بعد أيام قلائل من الانقلاب، وهو وليس غيره من قتل الصحافية حبيبة عبدالعزيز؛ وهو من قبل قاتل المصور أحمد محمود، أول شهداء الثورة المصرية من الصحافيين؛ ومن قبل ومن بعد الانقلاب، هو القاتل لتامر عبدالرؤوف، وميادة أشرف، وصلاح الدين حسن صلاح الدين، ومصعب الشامي، ومايك دين، وأحمد عبدالجواد، ومحمد سمير، ومصطفي الدوح.

من أين تأتي الصدمة إذن؟

هل يمكن أن تكون من القضاء مثلاً، وهو نفسه الذي وفر الغطاء الشكلي القانوني لاعتقال 92 صحافياً، ما زال 67 منهم في غيابات السجون، حتى الآن؛ بعضهم محكوم عليه بالإعدام أيضاً، بحسب حصر المرصد المصري للحقوق والحريات.
المؤكد، أنني لو صدمت، لتشككت في قواي العقلية.
الصدمة الحقيقية، أن ذلك يحدث، وصفوف ممتدة من مدعي التحرر والليبرالية، يعمهم صمت القبور، سألت إحداهن، لماذا لم أقرأ، أو أسمع، أو أشاهد، تعليقاً، أو تغريدة واحدة، ولو من باب المجاملة، فردت بتبرير عجيب، يا أستاذ..لا تعليق على أحكام القضاء.
لكنك يا أستاذة من أيام فقط، كنت تعلقين على أحكام ربنا، باعتراض واضح؟
يا عم، ربنا غفور رحيم، لكن السيسي لا.
انتهى الحوار، وأغلب الظن أنه سيكون الأخير بيننا.
لا تسل عن إعلاميين، يستمتعون للغاية، بتصنيفهم ضمن "شعب الليبرالية المختار"، أين هم؟ لماذا صمتوا؟
ولا تسل عن قنوات فضائية تزعم أنها تنطق العربية، وهي تبث خبر أحكام الإعدام في سطور خاطفة.
فالضمير الذي يقيس مواقفه على أية مسطرة أخرى، غير المبادئ الإنسانية، والقواعد الأخلاقية، والأسس المهنية؛ هو ضمير الغائب.
خذ نفساً عميقاً، واقرأ ما كتب الراحل صلاح عبدالصبور، الشاعر الذي لم أكن أحبه:
صفونا صفًا صفًا
الأطول صوتًا والأجهر
وضعوه في الصف الأول
ذو الصوت الخافت والمتواني
وضعوه في الصف الثاني
أعطوا كلا منا دينارًا من ذهب قانٍ
براقًا لم تلمسه يد
قالوا صيحوا.. زنديق كافر
صحنا.. زنديق كافر
قالوا صيحوا.. فليقتلْ ..
إنا نحمل دمه فى رقبتنا
صحنا...إنا نحمل دمه في رقبتنا​

المساهمون