أصعب فترة في تاريخ الصحافة المصرية

أصعب فترة في تاريخ الصحافة المصرية

القاهرة

نادين ثابت​

avata
نادين ثابت​
03 مايو 2016
+ الخط -
في العاشر من ‏يونيو/حزيران عام‏ 1997 وبالتزامن مع ‏الاحتفال‏ ‏بيوم‏ ‏الصحافي، وُضع حجر الأساس الأول في مبنى نقابة الصحافيين المصرية بوسط العاصمة المصرية القاهرة، عقب سنوات من حلم تأسيس النقابة مقرا دائما لها، وانتهى العمل تماما بالمبنى والانتقال إليه في يوليو/تموز من عام 2002.

ومنذ ذلك التاريخ، لعب مبنى نقابة الصحافيين المصرية، دوراً بارزاً في معظم الفعاليات والحراك السياسي في الشارع المصري، بدأ مع احتجاجات حركة كفاية التي انطلقت عام 2004 في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ضد مشروع التوريث، واستمرت مع اعتصامات قضاة تيار استقلال مصر عام 2005، في معركتهم ضد تزوير الانتخابات البرلمانية، وحتى اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وكان هذا سببا كافيا لإطلاق لقب "قلعة الحريات" عليها. فلم يشهد سلم نقابة الصحافيين وحده الفعاليات الاحتجاجية بمختلف مطالبها، بل إن قاعات النقابة كانت تستقبل يوميًا مؤتمرات لعمال ونقابات ومنظمات حقوقية، أُغلقت في وجهها أماكن التجمع، ووجدوا في طوابق النقابة الثمانية، ملاذا آمنا يعلنون فيه بكل حرية مطالبهم.

ويرجع التاريخ الفعلي لإنشاء نقابة الصحافيين إلى 31 مارس/آذار 1941 بعد كفاح استمر عشرات السنين، ومحاولات عدة تكللت بالنجاح بصدور القانون رقم 10 لسنة 1941 بإنشاء النقابة وتشكيل مجلسها المؤقت.

وانعقدت أول جمعية عمومية للصحافيين في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة الخامس من ديسمبر/ كانون الأول عام 1941 بمحكمة مصر بباب الخلق، وهي الجمعية التي انتخبت مجلس النقابة المنتخب الأول، والذي تكون من اثني عشر عضوا. ستة يمثلون أصحاب الصحف وستة من رؤساء التحرير والمحررين.

حتى ديسمبر من عام 1941 لم يكن للنقابة مقر رغم أن موافقة الحكومة على إنشائها اقترنت بشرط توفير مقر لها، الأمر الذي سارع من أجله أول نقيب للصحافيين المصريين، محمود أبو الفتح، بالتنازل عن شقته بعمارة الإيموبيليا لتصبح أول مقر لها.

يوم الأحد، تم اقتحام مقر نقابة الصحافيين المصرية، للمرة الأولى منذ تأسيسها، بالمخالفة للمادتين 70 و71 من قانون الصحافة، للقبض على الصحافيين عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة "يناير"، ومحمود السقا، الصحافي بنفس الموقع، اللذين احتميا بالنقابة عقب قرار ضبطهما وإحضارهما على خلفية مواقفهما السياسية الرافضة لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، لصالح السعودية. فدخل حوالي 35 فردا من الشرطة المصرية، بحسب شهود العيان، واعتدوا على أمن النقابة، واعتقلوا الصحافيين، وصادروا هويات أسر الصحافيين المعتقلين المعتصمين بمقر النقابة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، واعتدوا على عدد آخر من الصحافيين.

وينصّ قانون نقابة الصحافيين المصري، في مادتيه الـ70 و71 على أن "لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحافيين ونقاباتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بمعرفة أحد أعضاء النقابة العامة وبحضور نقيب الصحافيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلهما"، و"للنقابة وللنقابات الفرعية حق الحصول على صور الأحكام الصادرة في حق الصحافي والأحكام والتحقيقات التي تجري معه بغير رسوم".

بعد تلك الواقعة مباشرة، توجه عشرات الصحافيين إلى مقر نقابتهم وقضوا ليلتهم على سلم النقابة يهتفون "الداخلية بلطجية"، و"يسقط حكم العسكر"، و"حبس الصحافي عار وخيانة"، في مشهد أحيا في الأذهان ليالي اعتصامات الثوار في قلب ميدان التحرير، في ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011.

وأصدر مجلس نقابة الصحافيين المصرية، عقب اجتماعه الطارئ بعد منتصف الليل، قراراته، وهي: "اعتصام مفتوح حتى يوم الأربعاء، على أن تعقد الجمعية العمومية الطارئة للنقابة لمناقشة الاعتداءات التي تعرضت لها النقابة منذ ساعات، وأن المطلب الأساسي هو إقالة وزير الداخلية".

وخرج البيان الأول لعشرات الصحافيين المعتصمين في النقابة، ليعلن "الدخول في اعتصام بمقر النقابة بدءا من منتصف اليوم الأول من مايو/أيار احتجاجا على جريمة اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة واختطاف الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا في تمام الساعة التاسعة من مساء اليوم"، وليحمّل "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المسئولية عن هذه الجريمة غير المسبوقة".

واعتبر المعتصمون الواقعة بمثابة "اعتداء غاشم على حرية الصحافة لوقفها عن القيام بدورها في فضح جرائم النظام من قتل واعتقال وتعذيب الآلاف من المصريين وصولا إلى التفريط في التراب الوطني ببيع جزيرتي تيران وصنافير".


تأتي تلك الواقعة، قبل حوالي 48 ساعة فقط من احتفال العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من مايو/أيار من كل عام.. ويمثل هذا اليوم فرصة للاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم حال حرية الصحافة في كل أنحاء العالم، والدفاع عن وسائط الإعلام أمام الهجمات التي تشن على حريتها، والإشادة بالصحافيين الذين فقدوا أرواحهم أثناء أداء واجبهم.

ويُتَّخذ هذا اليوم مناسبة لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، ومناسبة أيضا لتأمل مهنيي وسائل الإعلام في قضيتَيْ حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة. وأهمية اليوم العالمي لحرية الصحافة من هذا القبيل لا تقل عنها أهميته من حيث تقديم الدعم لوسائل الإعلام المستهدفة بالتقييد أو بإلغاء حرية الصحافة. إنه أيضا يوم لإحياء الذكرى، ذكرى الصحافيين الذين فقدوا حياتهم في ممارستهم المهنة.

أما الوضع في مصر فيرثى له، إذا تشير تقارير لجنة الحريات بنقابة الصحافيين، إلى أنه يقبع أكثر من 27 صحافيًا في الحبس، في قضايا متنوعة، وأن ما يقرب من 20 صحافيًا من المعتقلين، يواجهون اتهامات وقضايا تتعلق بالمهنة، بخلاف صدور أحكام غيابية وأوليّة بالحبس في على سبعة صحافيين آخرين.

وبحسب التقرير ذاته، فإنه تمت إحالة ثمانية صحافيين لمحكمة الجنايات بسبب ممارستهم لعملهم، بسبب بلاغات من وزير العدل المُقال، أحمد الزند.

أما الأرقام غير الرسمية، الصادرة عن منظمات حقوقية مصرية، فتشير إلى أن هناك 64 صحافيا وصحافية ألقي القبض عليهم وقضوا فترات في الحبس، حتى نهاية عام 2015، بحسب توثيق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي ضمنت في حصرها جميع العاملين في الصحافة والإعلام من نقابيين وغير نقابيين.

ويرتفع الرقم كثيرا، بحسب حصر المرصد المصري للحقوق والحريات، الذي وثّق اعتقال 92 صحافياً ما زال منهم 67 في السجون حتى اليوم.

ويؤكد مؤشر "مراسلون بلا حدود" أن مصر تمكنت من الحفاظ على ترتيبها كدولة خطيرة على الصحافيين، حيث حلّت في المركز 159 من 180 دولة.

ويعتبر عدد الصحافيين في السجون المصرية هو الأعلى على الإطلاق منذ عام 1990، بحسب تقرير لـ "اللجنة الدولية لحماية الصحافيين" الصادر في يونيو/حزيران الماضي.

وتشير دراسة حديثة صادرة عن مركز "هدرو" لدعم التعبير الرقمي، إلى أن الصحافة المصرية، "تعيش أصعب فترة في تاريخها من الحرية من اعتقال للصحافيين، وتكميم الأفواه، وقصف أقلام، ومصادر صحف وجرائد".


ذات صلة

الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.
الصورة

سياسة

نقلت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن أربعة مصادر أن مصر بدأت تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين.
الصورة

منوعات

شهدت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، موجة من السخط والدهشة، بعدما قارن حالة المصريين في ظل التردي الاقتصادي بحالة أهالي قطاع غزة.
الصورة

سياسة

كشف تحقيق لصحيفة "ذا غارديان"، الاثنين، عن أن الفلسطينيين اليائسين لمغادرة قطاع غزة يدفعون رشاوى لسماسرة تصل إلى 10 آلاف دولار، لمساعدتهم على مغادرة القطاع.

المساهمون