"الله أكبر" كدليل اتهام

"الله أكبر" كدليل اتهام

11 مايو 2016
(الأناضول)
+ الخط -

مع تداول خبر الاعتداء "الطعن" الذي حدث يوم الثلاثاء، في ألمانيا، أُزيح النقاش مباشرة إلى بحث "الدوافع الإسلامية" وراء ارتكاب هذه الجريمة، بين شاهد عيان يؤكد أن المجرم رفع هتافات "الله أكبر" وآخر يقول إن المعتدي كان يردد "سأقتل جميع الكفار".

لاحقاً تغيّر موضوع العملية، والتي نُفذت باستخدام سكين مطبخ في منطقة "غرافينغ" قرب مدينة ميونخ الألمانية، ليصبح الإسلام، لا العملية الإجرامية نفسها.

أما تصريح وزير داخلية ولاية بافاريا، يوآخيم هيرمان، حول أن منفذ عملية الطعن "مريض نفسي ومدمن مخدرات" فلن ينتشر، غالباً، انتشار الحديث عن "الدوافع الإسلامية" في بداية القصة، وعبارة "الله أكبر" التي نطق بها منفذها بحسب شهود عيان.

في سياق مشابه، اعتذرت شرطة مدينة مانشيستر الإنجليزية عن استخدام مصطلح "مسلم إرهابي" في تدريباتها لمواجهة الإرهاب، والتي استخدمت فيها عبارة "الله أكبر" من قبل "الإرهابيين المفترضين".

الطريف في اعتذار الشرطة البريطانية أنه جاء خشية أن يُعتبر التصرف "ربطاً بين الإرهاب والإسلام" وكأن هذا الربط لم يكن موجوداً في الأصل، لدى القائمين على التدريب، والذين وضعوا جملة "الله أكبر" كعلامة لـ "الإرهابيين" الذين يراد القضاء عليهم!

فما حدث من شرطة مانشيستر، هو نتيجة للربط بين الإسلام والإرهاب أصلاً، وبصورة مباشرة، وسيكون مجرد تعزيز لهذا التشويش، بين الإسلام والإرهاب في الغرب.

أصبحت عبارات مثل "ما شاء الله" و"إن شاء الله" و"الله أكبر" بمثابة الجريمة، خاصة في مناطق التجمعات الحساسة، مثل محطات القطارات، والمطارات، فكل من ينطق بهذه العبارات التي ينطقها مئات الملايين من العرب، مسلمين ومسيحيين، بالإضافة إلى مئات الملايين من المسلمين غير العرب، أصبحت بمثابة "دليل اشتباه" قد يجذب الأنظار بشدة إلى قائلها، بغض النظر عن أي شيء آخر.

قبل أيام، كانت هناك فتاة عربية على متن رحلة داخلية في الولايات المتحدة الأميركية، والتي تعطل إقلاعها من قبل أحد الأميركيين السكارى، فتأجل إقلاع الرحلة لما يزيد عن الساعة، بسبب صعوبة السيطرة على هذا السكران. همست امرأة أميركية في أذن الفتاة العربية (ربما ظنتها من المكسيك أو الهند): "الحمد لله أن هذا السكران لم يكن مسلماً".

بشكل تلقائي صرخت الفتاة العربية: "لا تقولي هذا فأنا مسلمة!"، ليرتبك الموقف، ويصمت الجميع. كانت الفتاة، والتي حكت لي القصة بنفسها، خائفة من أن يتم إنزالها من الرحلة بسبب هذه العبارة، كما حدث من قبل لأشخاص تكلموا كلمات عربية على متن رحلات داخلية، في الولايات المتحدة.

إذا كان العالم قد عاش في يوم ما "أقسى" حملة عنصرية ضد السامية، في أوروبا، قبيل الحرب العالمية الثانية، والتي أدت إلى محرقة الهولوكوست. يبدو أن هذا العالم يعيش اليوم "أشمل" حملة عنصرية، ووسم لدين بالإرهاب، ما يجعل الشريحة المستهدفة قرابة المليار وثلاثمائة مليون نسمة، ينتمون إلى مئات الأعراق والثقافات المختلفة، ويقطنون في كل دول العالم تقريبا، لكنهم يجتمعون رغم كل اختلافاتهم على عبارات مثل "الله أكبر" و"إن شاء الله"، لتصبح دليل إدانتهم، عند الحاجة.

المساهمون