تحديات الإعلام التونسي مستمرّة

تحديات الإعلام التونسي مستمرّة

25 ابريل 2016
(Getty)
+ الخط -
تكثر تحديات الإعلام التونسي الذي يشهد تغيّرات عديدة بدأت إبان الثورة التونسية وما بعدها، حيث تعالت الأصوات الداعية إلى إغلاق محطات تلفزيونية وإذاعية وصحف بدعوى مساندتها للنظام السابق. وقد جرى تنظيم اعتصامات عديدة، أبرزها عام 2012، بتنظيم اعتصام أمام مقر التلفزيون الرسمي التونسي لمدة شهرين من أجل المطالبة بإغلاقه، لكن المحللين يجمعون على أن صراع الساحة الإعلامية ما هو إلا انعكاس للصراع في الساحة السياسية يبرز من خلال المنتوج الإعلامي الذي تبثه وسائل الإعلام التونسية.

وتؤكد التقارير الدولية أن أكبر مكاسب الثورة التونسية هي حرية الإعلام، وآخرها تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود"، لكن حرية الإعلام التي تعرفها تونس ما بعد الثورة لم تجعل الإعلام في منأى من غضب العاملين فيه والكثير من التونسيين الذين وصفوه مراراً بـ"إعلام العار".

وأعاد تركيز بعض القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية أخيرا من خلال برامجها على مسألة الهوية وقضية المثليين واستدعاء بعضهم للدفاع عن موقفهم وحضور شخصيات أخرى للدفاع عن العلمانية في تونس ورفض مقترح محمد خليل، وزير الشؤون الدينية في الحكومة التونسية، بفتح المدارس في العطل المدرسية لتدريس القرآن، أعاد من جديد طرح مسألة دور الإعلام في هذه المرحلة الانتقالية السياسية والثقافية التي تشهدها البلاد التونسية.

إعادة طرح دور الإعلام حمل في طياته الكثير من التشنج وردود الفعل الغاضبة ممّا يُقدَّم على الشاشة، حيث ترى الإعلامية صوفية الهمامي أن الإعلام التونسي "يقع مجددا في الفخ، وهو إعلام في أغلبه مسيطر عليه بالأساس ويعمل حسب تعليمات"، وتضيف: "حملة إعلامية جديدة حول الهوية والمثلية، فيما يتم تجاهل ملف المتورطين في أوراق بنما".

رأي الهمامي عكس آراء الكثير من العاملين في القطاع الإعلامي، الذين يرون أن طرح هذه المواضيع الآن ليس من الأولويات الهامة في بلد يعاني من الفساد وتعطل حركة الإنتاج. وقد ذهب البعض، ومنهم أنيس همامي، إلى حدّ وصف الإعلام بأخطر النعوت، وقال: "الإعلام في تونس أكبر منظومة مخرّبة، مع قلّة قليلة نادرة تغرّد خارج السّرب وصوتها ضعيف وتأثيرها كذلك".

هذا الموقف السلبي من الإعلام التونسي، وخاصة من قناة "الحوار التونسي"، التي طرحت مسألة تدريس القرآن وحقوق المثليين، دفعت بالمدون ياسين العياري للدعوة إلى مقاطعة هذه القناة، بالقول "قاطعهم، وقاطع من يستشهر عندهم، وقاطع كل من يؤثث برامجهم. أنا لا ألومهم لأنهم يبثون السموم، أنا ألومك أنت لأنك تأكل، وتزيدهم بذلك ثراءً وتزيد في تشجيعهم على بث السموم". وقد لاقى العياري انتشاراً سريعاً على مواقع التواصل، وهو مؤشر على عمق الأزمة التي يعيشها الإعلام التونسي أو بعض قنواته التلفزيونية ومحطاته الإذاعية.



وعن التحديات التي يشهدها الإعلام التونسي والتي جعلته عرضة للنقد والغضب، شرح الرئيس السابق للجمعية التونسية للصحافيين، الإعلامي محمد بن صالح، أن الإعلام التونسي يعيش مع الأسف "مأساة خرق وتجاهل وجهل أخلاقيات المهنة الصحافية كل يوم". وأضاف: "يجب العمل على وقف ذلك، فلا حياة لأي مهنة أو مجتمع إلا بمبادئ ومواثيق في هذا المجال تعمل طبقا لها وتحترمها لتضمن سلامتها وتمسكها برسالتها كاملة لفائدة الرأي العام والشعب".

المساهمون