صفة "العار" تلاحق الإعلام التونسي

صفة "العار" تلاحق الإعلام التونسي

16 فبراير 2016
يتمتع الإعلام التونسي اليوم بحرية أكبر (Getty)
+ الخط -
تعتبر حرية الصحافة من أهم مطالب الثورة التونسية. هذا المطلب تحقق نسبياً وتعزز بجملة من النصوص التشريعية وبتأسيس هيئة دستورية هي الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري التي شرعت فعلا في تنفيذ دورها الرقابي ضد التجاوزات والأخطاء التي يرتكبها إعلاميون وصحافيون. كلّ هذه الخطوات الإيجابية لتأسيس إعلام مستقل وحيادي لم تكن كافية رغم مرور خمس سنوات على الثورة لتصنع إعلاما يلبي انتظارات التونسيين، فصفة "إعلام العار" التي أطلقت على وسائل الإعلام التونسية منذ سنوات ما زالت تلاحقه بسبب الأخطاء المهنية المتكررة.

يتمتع الإعلام التونسي اليوم بحرية التعبير والنقد ونقل الخبر ومحاورة كبار السياسيين ومتابعة الأحداث المتعلقة بالعمليات الإرهابية بدون خطوط حمراء. ويحمي الدستور التونسي حرية الصحافة في الفصل 31 منه الذي ينص على أن "حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة. لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات". نقابة الصحافيين التونسيين قامت بجهود هامة من أجل مراجعة وتفعيل المرسومين 115 و116 الخاصين بإصلاح الإعلام وبإرساء الهيئة العليا المؤقتة لإصلاح الإعلام في انتظار تشكيل الهيئة الدائمة. هذه الإنجازات تعد انتصارات حقيقية على الصعيد التشريعي ولكنها لم تفض إلى نجاحات كبيرة على المستوى التطبيقي، مما جعل صفة "إعلام العار" التي يطلقها تونسيون على المؤسسات الإعلامية تتثبت يوما بعد يوم.

عن ذلك، تقول الصحافية بجريدة "الشروق" التونسية أسماء سحبون، لـ"العربي الجديد" إن "صفة إعلام العار يمكن فهمها من جانبين اثنين وفقا لمصدرها؛ فصدورها عن جهات سياسية أو جهات ذات خلفيات إيديولوجية يعكس رغبة في السيطرة على الإعلام وإخضاعه وإعادته إلى مربع الخضوع والإعلام الموجه المناقض للإعلام الحر. أما صدورها عن جمهور المتابعين على المواقع الاجتماعية فانتقادات حقيقية يجب أن يأخذها الإعلاميون المعنيون بعين الاعتبار. والتونسيون اليوم يعتبرون أن حرية التعبير هي مكسبهم الرئيسي من الثورة. وحين تُغيّب أصواتهم فمن الطبيعي أن يطلقوا نعوتا كإعلام العار والإعلام التائه وغيرها من الأوصاف التي تنم عن غضب وانتقاد شديد".

اقرأ أيضاً: سفيان ونذير ذهبا إلى ليبيا لإجراء حوار مع حفتر؟

الكاتب الصحافي شكري بن عيسى، اعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "الإعلام التونسي حتى الساعة لم يخضع للتغيير المطلوب ليكون حرا متحملا لقضايا مجتمعه وعلى رأسها تحقيق أهداف الثورة في التنمية والتشغيل ومكافحة الفساد وتحقيق الديمقراطية واستقلال القضاء".
وأشار إلى أنّ "القطاع الإعلامي يخضع في جزء كبير منه لنفس شبكات النفوذ القديمة منها المتصلة بنظام بن علي ولوبيات المال والفساد وأيضا شبكات دولية أو لاعتبارات حزبية. كما أن نقص المهنية لدى إعلاميين، سواء بعدم التمكن من المعايير المهنية أو بضعف الاطلاع والثقافة السياسية والاقتصادية والدولية أو ضعف المواكبة والتمكن من الخبر الذي تهيمن عليه شبكات محددة، زاد في ارتهان إرادة الصحافي الذي فقد إلى حد كبير استقلاليته الضرورية وحريته في ظل واقع مهني هش وظروف عمل صعبة. هذه الأسباب الجوهرية أسقطت الإعلام في فخ البحث عن المال عبر إعلام "الإثارة" الذي هيمن بشكل كبير لتحقيق نسب المشاهدة أو الاستماع "الأوديمات". وبعيدًا عن التوصيف المعياري "إعلام العار" الذي أصبح الإعلاميون ذاتهم يتقاذفون به بعد الفضائح المهنية داخل القطاع، هناك فشل عميق لا يمكن نكرانه رغم سعي بعض الإعلاميين الجديين للتخلص من هذه الصفة وتقديم منتوج إعلامي جيد وفاعل".

من جهة أخرى، رأى الصحافي في "روز اليوسف" باسل ترجمان، أن "هنالك الكثير من الأخطاء في أداء وسائل الإعلام، ولكن تقييم التجربة التونسية اليوم التي تشكل بكل المقاييس استثناء في كل الإعلام العربي، يجعلها بشكل أو بآخر متقدمة مقارنة ببقية وسائل الإعلام في العالم العربي، ووصفه بأنه "إعلام عار" تعبير عن فشل بعض الأطراف في قبول حرية التعبير والنقد".

وأوضح الصحافي أنه "خلال فترة الترويكا تعاظم نقد الفشل السياسي والاجتماعي والاقتصادي لأطراف الحكم من قبل وسائل الإعلام التي راقبت انعدام المهنية والمصداقية واعتماد خطاب شعبوي فوضوي من أطراف الحكم يحاول التغطية على الفشل والمراهقة السياسية، مما رفع وتيرة الصدام بينها وبين وسائل الإعلام ولم تستطع إيجاد وسائل إعلام رغم كل ما تملك من إمكانات مادية كبيرة تستطيع الدفاع عن أطروحاتها وربط تواصلها مع المواطنين، وهذا دفعها لإعلان الحرب على الإعلام ومحاولة تشويهه واتهامه بأنه يخدم أجندات معينة، وصارت عبارة "إعلام العار" هي لغة الأطراف السياسية الفاشلة في إدارة الحكم، لكنها لم تستطع أبدا أن تقدم خطابا إعلاميا يبرر مواقفها ويفسرها للرأي العام".


اقرأ أيضاً: إعلاميون تونسيون يتحضرون لتغطية "حرب ليبيا"