مصر: 37 حالة حظر نشر خلال 3 سنوات

مصر: 37 حالة حظر نشر خلال 3 سنوات

30 ديسمبر 2016
حظر النشر في اقتحام نقابة الصحافيين (العربي الجديد)
+ الخط -
رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 37 حالة حظْر نشْر في القضايا التي يتم التحقيق فيها أو ينظرها القضاء، في الفترة ما بين منتصف 2013 وحتى منتصف 2016 الجاري في مصر

وأشار تقرير صادر عن المؤسسة، إلى أن من بين هذه الحالات كانت 24 حالة ناتجة عن قرار بحظر النشر أصدره النائب العام، مما يمثل حوالي ثلثي الحالات المرصودة، في مقابل 13 حالة نتج حظر النشر فيها عن قرارات لقضاة. ولكنّ اثنتين من الحالات اﻷخيرة كان قرار حظر النشر فيهما صادرًا عن قضاة تحقيق، مما يرفع عدد حالات حظر النشر في مرحلة التحقيقات إلى 26 حالة مقابل 111 حالة في مرحلة المحاكمة.

وشهد النصف الثاني من عام 2013، ست حالات لحظر النشر بمعدل حالة واحدة لكل شهر. كانت خمس حالات منها متعلقة بمرحلة التحقيقات، حالتان أصدر قرار حظر النشر فيهما قضاة التحقيق وثلاث حالات أصدر القرار النائب العام حينها المستشار هشام بركات. في حين أصدرت إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة قرارا واحدا بحظر النشر في قضية معروضة أمامها.

في المقابل، كان عدد الحالات التي صدر فيها قرار بحظر النشر خلال عام 2014، تسع حالات، مما ينخفض بمعدل هذه القرارات إلى قرار واحد لكل شهر ونصف الشهر. وأصدرت النيابة العامة ستة من هذه القرارات (خمسة أصدرها النائب العام المستشار هشام بركات مباشرة وواحد صدر عن نيابة شرق القاهرة). في حين أصدرت دائرتان لمحكمة جنايات القاهرة قرارين بحظر النشر، ودائرة بمحكمة جنح أول المحلة قرارا، في قضايا منظورة أمام كل منها.

ارتفع عدد القضايا التي تم حظر النشر بشأنها في عام 2015 إلى 15 قضية، أصدرت النيابة العامة 11 قرارا منها، في ظل كل من المستشار هشام بركات حتى اغتياله في منتصف ذلك العام (7 قرارات)، ثم القائم بأعمال النائب العام المستشار علي عمران (ثلاثة قرارات) ثم النائب العام المستشار نبيل عبد الصادق (قرار واحد). في حين حظرت دوائر بمحكمة جنايات القاهرة النشر في قضيتين، وحظرت دائرة بجنايات الجيزة وأخرى بجنايات بورسعيد قرارا واحدا لكل منهما بحظر النشر في قضايا في مرحلة المحاكمة.

وشهد النصف اﻷول من العام 2016 سبع حالات لحظر النشر حتى منتصف العام. كانت أربع منها بموجب قرارات للنائب العام، المستشار نبيل عبد الصادق، فيما أصدرت الدائرة 21 إرهاب بمحكمة جنايات الجيزة (إحدى الدوائر المنشأة بموجب قانون مكافحة اﻹرهاب) قرارين بحظر النشر في قضية تنظرها، وأصدر قاضي التحقيق المنتدب في قضية التمويل اﻷجنبي لمنظمات المجتمع المدني قرارا بحظر النشر في القضية.



ومن بين 37 حالة هي ما تم رصده تتعلق 13 حالة بقضايا تدور الاتهامات فيها حول فساد سياسي أو إداري أو قرارات موضع جدل للقيادة السياسية أو تسبب حرجا لها. وتتراوح هذه القضايا بين الخاص كاتهام مسؤولين سابقين أو حاليين بالفساد أو استغلال السلطة، إلى قضايا واسعة النطاق كالتحقيق مع الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات حول تصريحاته بشأن حجم الفساد في الجهاز الحكومي وتورُّط جهات سيادية فيه، وكقضايا التظاهر على خلفية قرار نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، وقضية تزوير الانتخابات الرئاسية التي عُقدت في عام 2012 ونتج عنها تولي الرئيس اﻷسبق محمد مرسي الحكم.

واحتلت قضايا اﻹرهاب المرتبة الثانية من حيث عدد حالات حظر النشر فيها، وبلغ عدد هذه الحالات 11 حالة، أصدرت النيابة العامة 9 من قرارات حظر النشر بشأنها في حين أصدرت المحاكم اثنين من هذه القرارات. وشملت القضايا التحقيق أو المحاكمة في جرائم اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات واغتيال ضباط شرطة ومهاجمة كمائن للشرطة واختطاف ضابط شرطة وقضية خاصة بخلية إرهابية، وقضيتين خاصتين بتنظيمين إرهابيين هما أجناد مصر وبيت المقدس. في حين تضم القائمة القضية الغامضة تحت رقم 250 والتي لا يعرف على أي وجه طبيعة الاتهامات فيها أو شخص المتهمين ونوع الوقائع التي تتعرض لها.

في مرتبة تالية تأتي القضايا من نوعين، اﻷول يخص قضايا المتهم فيها قضاة أو أعضاء بالنيابة العامة، والثاني يخص قضايا المتهم فيها ضباط شرطة، وشهدت الفترة المشار إليها أربع حالات لحظر النشر في كل نوع منهما. أكبرها التحقيقات المجراة مع النائب العام اﻷسبق طلعت عبد الله و755 من القضاة على خلفية اتهامهم بالتعاون مع جماعة اﻹخوان المسلمين والرئيس اﻷسبق محمد مرسي.

في حين شملت أيضا قضايا اتهم فيها قضاة بتلقي رشى، وأخرى متعلقة بالاتجار باﻵثار وحرق أحراز. وشملت القضايا المتهم فيها ضباط شرطة قضية مقتل الناشطة شيماء الصباغ عضو حزب التحالف الاشتراكي أثناء مشاركتها في وقفة سلمية ومقتل محام داخل قسم المطرية وقضيتي أحداث استاد بورسعيد واقتحام نقابة الصحافيين.

شملت قائمة حظر النشر أيضا ثلاثا من القضايا التي يحاكم فيها أعضاء في جماعة اﻹخوان المسلمين المحظور نشاطها وفي مقدمتهم الرئيس المعزول، محمد مرسي، والمرشد العام للجماعة محمد بديع. ومن بين القضايا الثلاث قضيتا تخابر مع جهات أجنبية بخلاف قضية التعدي على المتظاهرين في أحداث قصر الاتحادية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2013.
في المؤخرة تأتي قضية وحيدة يمكن تصنيفها تحت قائمة الحفاظ على اﻵداب العامة أو حماية الحق في الخصوصية للمتداخلين فيها، وهي قضية نشْر مدرب كاراتيه لمقاطع فيديو تصور ممارسته الجنس مع عدد من النساء.



وأوضح التقرير أن التكرار الدوري لقرارات حظر النشر في اﻷعوام اﻷخيرة، شكل "ظاهرة ملحوظة إلى الحد الذي أصبح معه من المتوقع مسبقا عند إحالة إحدى القضايا المثيرة لاهتمام الرأي العام أن قرارا بحظر النشر فيها سيصدر في وقت قصير، وهو التوقع غالبا لما صدقه الواقع. في سياق عام تزايدت فيه انتهاكات حقوق اﻹنسان بمعدل كبير يمكن لهذه الظاهرة أن تمر دون أن تحظى بالاهتمام الكافي".

وأشار التقرير إلى أن "مصر شهدت في هذه المرحلة -مرحلة البحث- تنصّلاً صريحاً من قبل الدولة من إلزامية العهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق اﻹنسان لها. وتكفي اﻹشارة إلى تصريح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، صراحة بأن "المفهوم الغربي لحقوق اﻹنسان لا يصلح للتطبيق في مصر"! وبرغم أن مثل هذا التنصل لا يُسقط بأي حال التزام الدولة المصرية أمام المجتمع الدولي بما سبق لها أن صدّقت عليه من معاهدات ذات صلة بحقوق اﻹنسان، فإنه من العبث مخاطبة مسؤولي هذه الدولة بمنطوق هذه المعاهدات إن كان خطابها المعلن هو التنصل منها.

وتوصلت المؤسسة إلى أن مشروعية الممارسات وشرعية المؤسسات لا تتأكد إلا من خلال "توافر الرقابة الشعبية عليها. وفي غياب هذه الرقابة تبقى المشروعية والشرعية في مدار الشك على أفضل تقدير".
وأوضح التقرير مفهوم حظر النشر، بأنه "باﻷساس فعل استثنائي وظرفي. والمقصود أنه يؤدي إلى تجريم أفعال هي من حيث القاعدة مباحة؛ وبالتالي فهو استثناء على هذه القاعدة".
ولفت التقرير إلى أن "الترسانة التشريعية المصرية الضخمة تخلو بشكل تام من أية نصوص تتناول بشكل مستقل وواضح تنظيم الحق في الوصول إلى المعلومات الرسمية".

ويعاقب قانون العقوبات في مادته (193) بالحبس لمدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف، كل من نشر بإحدى الطرق المبينة سالفة الذكر أخبارًا بشأن التحقيقات أو المرافعات في دعاوى الطلاق أو التفريق أو الزنا، والحكمة في حظر النشر في تلك الدعاوى كما يوضح الخبراء القانونيون هي الحرص على سمعة الزوجين أولاً، وثانياً أن هذه الدعاوى، كما يرى المشرع "ذات طبيعة عائلية ينطوي نشر ما جرى فيها من تحقيقات أو مرافعات على طرح خصوصيات الأفراد على الجمهور، وحيث لا توجد مصلحة عامة يمكن أن تتحقق من وراء النشر".


المساهمون