الاعتداء على الإعلاميين المصريين: الغضب المكبوت

الاعتداء على الإعلاميين المصريين: الغضب المكبوت

13 ديسمبر 2016
الوجع تحول غضباً (العربي الجديد)
+ الخط -
وسط مشهد يسيطر عليه الحزن ويشعر فيه الجميع بالغضب أمام الكاتدرائية المصرية بالعباسية في محافظة القاهرة، اعتدى عدد من المتجمهرين على مجموعة من الإعلاميين المصريين الموالين للنظام، أول من أمس الأحد. وكان من بين الإعلاميين المعتدى عليهم، أحمد موسى ولميس الحديدي وريهام سعيد. 

وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها موسى للاعتداء بالضرب، فقد تكرّر الأمر خلال حضوره مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في زياراته الخارجية، باعتباره أداة دعم النظام في المحافل الدولية، مع عدد آخر من الإعلاميين والفنانين المصريين.
إلا أنّ موسى قال إنّه "لم يتعرض للضرب، واللي حيمد إيده هتتقطع"، لكنّه اتّهم في الوقت نفسه وقوف "إرهابيين من 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين" وراء الحادثة. وطالب لميس الحديدي وريهام سعيد للتقدم معه ببلاغ لـ"القبض على هذه المليشيات والبلطجية الذين اعتدوا على الإعلاميين"، معلناً أنّه سينشر صور هؤلاء جميعاً.
واعتبر أنّ هؤلاء "خونة ودخلاء على المجتمع المصري"، مؤكداً أنّ القانون والقضاء المصري "هيجيبلنا حقّنا".


أما ريهام سعيد، فهي الأشهر بين الإعلاميين في حوادث اعتداء الجمهور عليها، والتي كان آخرها تعرضها للضرب والطرد هي وطاقم عملها، من منطقة رأس غارب، محافظة الغردقة، التي تعرضت لموجة من السيول في الثامن والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن وقوع ضحايا وعشرات المصابين.


أما لميس الحديدي، فهي واحدة من المقربين للنظام، ما جعل واقعة الاعتداء عليها أمس، مستغربة نسبياً. هذا تحديداً كان تعليق الحديدي، والتي قالت في حلقتها على الهواء ليل الأحد إنّها تعرّضت لتهديدات كثيرة في السابق إنما ما رأته في الكاتدرائيّة كان مختلفاً. وأكّدت علاقاتها بالمسؤولين والأمن المصريين خلال تعليقها، فقالت إنّ مسؤولين وأمنيين اتّصلوا بها لثنيها عن النزول لوجود اندساس ضمن هذه المجموعات، لكنّها رفضت "لأنّ ذلك دورها".
واعتبرت أنّ "المعتدين على الصحافيين هم معروفون ويذهبون إلى مكان الأحداث دائماً لاستغلالها"، مضيفةً "هناك من مات في الحدث، ووجعي لا شيء أمامه، ودوري يجب أن يُستكمل كي نتمكن من إصلاح هذا البلد وعدم تكرار الحادثة".
وقالت الحديدي إنّها لا تشمت في أحد ولا يفعل ذلك أيّ من الصحافيين، مؤكدةً أنّها ستستمرّ بالنزول لـ"تأدية دورها".

لكنّ معلّقين على مواقع التواصل الاجتماعي ناقضوا تعليقات الحديدي، مؤكّدين أنّ نزولها والإعلاميين الآخرين إلى محيط الكاتدرائيّة لم يكُن للتغطية الإعلاميّة، إنّما من أجل "قطف سكوب التأييد للنظام على حساب الأرواح المزهقة". واستدلّ المعلقون على ذلك بوجود عشرات الإعلاميين الذين صوّروا داخل الكنيسة البطرسية وفي محيط الكاتدرائيّة، وحتى الاعتداء على الإعلاميين، ولم يتم الاعتداء عليهم، لأنّهم كانوا يقومون بدورهم كصحافيين فقط.

هذا بينما أكّد آخرون أنّ الاعتداءات على الصحافيين مرفوضة وغير مبرّرة، بينما قال فريق ثالث إنّ الاعتداء الجسدي على أيّ إنسان فعل مرفوض، حتى وإن كان يعمل لصالح بروباغندا النظام.


وأحال البعض تبريرات الاعتداء على الإعلاميين، إلى مشهد الغضب المسيطر على الجموع بعد سقوط 25 قتيلاً وعشرات المصابين، جراء تفجير الكنيسة البطرسية، والتي قال السيسي، أمس، إنّها حصلت من قبل رجل يحمل حزاما ناسفا.

مشهد الغضب أجّجته أيضاً كلمة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، عقب حضوره للكاتدرائية وسط حشد أمني مهيب مع عدد من الوزراء المصريين، واستماعه لتقارير المسؤولين بالكنيسة والقيادات الأمنية حول الحادث. فقد قال "ربنا موجود، ومصر باقية ومش مهم كلنا نموت لكن مصر تعيش"، ووجّه شكره للسيسي واصفاً إياه بـ"القائد الحكيم على متابعته للحادث".

وتحدث آخرون عن أن الغضب تزايد أثناء الواقعة، نتيجة تأكد الأقطاب من "أكذوبة تأمين الكنائس"، على حد قولهم. فأقباط مصر الذين سيحتفلون بعيد ميلاد المسيح بعد أسبوعين، كانوا يصدقون حديث الحكومة المصرية عن تأمين الكنائس والمصلين، واستعدادات أجهزة الأمن عبر خطط تأمين أثناء العيد.
الغضب تزايد أيضاً بعد ربط الاعتداء على الكنيسة بيوم المولد النبوي، وتأييد حكم الإعدام بحق القيادي بالجماعات التكفيرية عادل حبارة وآخرين في "أحداث رفح" قبل الحادث بيومين، وهو ما بدا في اللافتات التي رفعها متظاهرون أمام الكاتدرائية.

وترجمت حركة "مصريون ضد التمييز الديني" هذا الغضب، في بيان لها قالت فيه "إن هذه الجريمة النكراء لا يمكن تبريرها تحت أي دعاوى، ولا يمكن أن يكون مرتكبوها إلا أناسا فقدوا كل معاني الإنسانية نتيجة لتعاليم إجرامية شوّهت عقولهم ومسخت تفكيرهم، كما تشير بما لا يدع مجالا للشك إلى وجود اختلالات أمنية جسيمة، بسبب الاعتماد على أساليب عتيقة تعتمد على الكمائن الثابتة ولمدد طويلة، والقبض العشوائي على المواطنين في مواقع الأحداث وتعذيبهم على أمل أن يقر بعضهم بارتكاب الجريمة أو يدلوا بشهادات قد تؤدي للقبض على مرتكبي الجريمة، والاعتقال دون محاكمة الذي استبدل حاليا بالحبس الاحتياطي لشهور وسنوات دون تقديم المحبوسين للمحاكمة".



المساهمون