ترامب رئيساً: الصحافة الفرنسية بين الغضب والترقب

ترامب رئيساً: الصحافة الفرنسية بين الغضب والترقب

10 نوفمبر 2016
تفاوت في تحليلات الصحف (دانيل ليل أوليفاس/فرانس برس)
+ الخط -

يطبع الصحف الفرنسية الصادرة، اليوم الخميس، مزيج من الغضب والقلق والترقب من مرحلة ما بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

غلاف صحيفة "لاكروا" كان عبارة عن صورة كبيرة للرئيس الفائز، تعلوها كلمة "المجهول". ورأت الصحيفة المقربة من الدوائر المسيحية أن "انتخاب ترامب يفتح مرحلة من عدم اليقين بالنسبة للولايات المتحدة والعالَم"، ولهذا تدعو افتتاحيتها إلى "تشييد الجسور وليس الأسوار".

واعتبرت الصحيفة، في ملفّها المكرّس لنتائج الانتخابات الأميركية، أن "هذا الرجل القوي يريد أن يحمي أميركا"، خصوصا أن "الكونغرس جمهوري في أغلبيته".

صحيفة "لومانيتيه"، لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي، تميزت بعنوان لاذع: "ترامب المحتال يستغلّ غضب الأميركيين". ورأت الصحيفة الفرنسية "الخطر في كل طوابق برج ترامب"، واستعانت بكاتبَين إيرلندي وأميركي لتحليل ما حدث وما ينتظر أميركا والعالَم. فقال كولم ماك كانْ إن "ترامب سيكون أسوأ رئيس للولايات المتحدة". في حين أكّد الكاتب ايان ليفيسون أن "المرشح الديمقراطي بيرني ساندرس، لو وصل إلى النهاية كان سيسحق ترامب".

ورأت الصحيفة الشيوعية أن الامتناع عن التصويت كان أقوى بين الناخبين الديمقراطيين، "لأن عددا كبيرا من أتباع المرشح بيرني ساندرس لم يجدوا أنفُسَهم مُمثَّلين في برنامج هيلاري كلينتون". كما حذرت الصحيفة من "الإغواء الرجعي"، في بلدان أوروبية كالمجر وبولونيا وبريطانيا العظمى.

صحيفة "لوباريزيان" عنونت صفحتها الأولى وملفّها الكبير عن فوز ترامب، بـ"الذي سيتغيّر
بالنسبة لنا". وكتبت الصحيفة أن مارين لوبين، رئيسة "حزب الجبهة الوطنية" المتطرف، تحسّ، الآن، كما لو أنها "تمتلك أجنحة".

وتكشف الصحيفة كيف أن قياديين من هذا الحزب بدؤوا يعلنون جهارًا أن مرشحتهم قادرةٌ في انتخابات 2017 الرئاسية على "سحق أي مرشح أمامها، سواء تعلق الأمر بفرانسوا هولاند أم نيكولا ساركوزي أم ألان جوبيه".

كما لم تخفِ الصحيفة أن جرعات من الشعبوية ستعرفها الفترة المتبقية في الحملة الانتخابية لاختيار مرشح اليمين والوسط في انتخابات 2017. وفي الوقت الذي يشرب فيه الرئيس الروسي بوتين نخب فوز ترامب، يحذر رئيس الوزراء الفرنسي السابق، دومينيك دوفيلبان، في صحيفة لوباريزيان، من مخاطر "سياسة المغامرة"، ويرى في فوز ترامب: "تجسيدا لتجميع كلّ الشُّعبويّات الأوروبية".

وتميّز عدد الأربعاء من صحيفة "ليبراسيون" التي كانت منحازة للمرشحة كلينتون، بشكل جليّ، بالقلق الظاهر من وصول ترامب. متحدثة عن "ذهان أميركي". الافتتاحية التي وقَّعها مدير التحرير لورونت جوفرين، كانت بعنوان: "ما بعد الكابوس".

وقالت: "لقد تلبّس الكابوس جسدا. والرعب لا يزال مستمرا. ماذا؟ مرشح عنيف ولا يمكن توقع أفعاله، وديماغوجي وصل إلى السلطة العليا في الديمقراطية الأكثر قوة في العالَم. وأصبح بمستطاعه أن يُطبّق الإجراءات الشيطانية التي جعل منها شعاراً له، مثل تقنين التعذيب وطرد 11 مليونا من الأشخاص، وأيضا إغلاق أكثر من 1000 كيلومتر من الحدود...". ولام لورونت جوفرين اليسار الذي "لم يعرف كيف يواجه التمرّد الهوياتي بمشروع مستقبل، وبقيم فعّالة ورموز قوية. وأمام الشرّ القوميّ، أصاب الوهنُ الحلم اليساري. الكابوس لم ينتهِ".

ملف "ليبراسيون" كان بعنوان: "الولايات المتحدة الأميركية: امبراطورية الأسوأ"، واستعرضت فيه "حملة ترامب العنيفة والعنصرية"، ورأت أن انتصار ترامب هو انتصار لـ"أميركا البيضاء والقروية"، مشيرة إلى أن "منظور انتخاب أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة لم يكن عامل ضغط على خيارات الناخب النسائي الأميركي". ولم يكن الرئيس الحالي باراك أوباما بعيدا عن هزيمة كلينتون، وهو ما لخصته الصحيفة بأن "هيلاري دفعت ثمن سنوات أوباما".

واستعانت الصحيفة بآراء الباحث والمؤرخ الفرنسي والخبير بالسياسة الأميركية، باب ندياي، الذي كتب: "لم يستطع أي سياسي أميركي، منذ ريغان، تجسيد الرجعية السياسية بشكل فعّال، كما فعل ترامب. المرشحون كانوا موجودين (مثلا، بات بوكانان في تسعينيات القرن الماضي)، ولكن ترامب، القادم الجديد إلى السياسة، هو الذي انتصر، عبر الالتفاف حول كل قواعد العلم الاجتماعي. وإن حملته الانتخابية، المطبوعة بعنف غير مسبوق، تركت خلفها بلدا مصدوما ومرعوبا". ولكنه يختم، بمسحة لا تخلو من تفاؤل: "ولكن المجتمع المدني الأميركي له موارد ديمقراطية. وسيعرف كيف يُواجه، بقوة، الاندفاعات السلطوية للرئيس الجديد".

"لوفيغارو" اليمينية الفرنسية وصفت فوز ترامب بـ"الإعصار"، بينما رأت فيه افتتاحية الصحيفة، التي وقّعها أليكسي بريزي: "غضب الشعوب". ونقرأ في الافتتاحية أن "الناخبين
 الذين اختاروا التصويت على ترامب لم يستجيبوا لأي حتمية هوياتية، بل أرادوا، ببساطة، أن يُعبّروا عن غضبهم من العيش في ظروف سيئة في بلد يتفكك". ويضيف الصحافي الفرنسي في لوفيغارو، مفسرا فوز دونالد ترامب، بكونه: "لم يكن ينتمي إلى السراي، ولم يكن أسيرَ أيّ تابو. لقد عرف ترامب كيف يضع كلماتِهِ على مشاعرَ لم يكن الآخرون يريدون أن يسموها".

ولكن الصحيفة الفرنسية المحافظة لم تُخفِ أن "ثمة مخاطر حقيقية على الاقتصاد المُعولم من جراء سياسة حمائية أميركية". وتساءلت الصحيفة "إن كان انتخاب الرئيس الأميركي الجديد سيقتل منظمة التجارة العالمية والتبادل الحر". كما رأت أن سياسة الانزواء التي تحدث عنها الرئيس في حملته الانتخابية "تشكل مخاوف جدية لحلفائه في حلف الناتو، إضافة إلى مخاوف كبرى حول الدبلوماسية الأميركية في العهد الجديد". ​