حرب الكرملين على الحريات الصحافية

حرب الكرملين على الحريات الصحافية

23 أكتوبر 2016
تُستغل القوانين في استهداف الصحافيين والمدونين (بوريس هورفات/فرانس برس)
+ الخط -
اعتبرت نائبة رئيس الفدرالية الأوروبية للصحافيين في روسيا، ناديزدا أزكيخينا، أن روسيا استغلت مفهوم "الحرب على الإرهاب"، بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001، لتقييد وسائل الإعلام المحلية والمواطنين، وتقليص حرية التعبير والخصوصية الشخصية، بحجة الأمن.

وكتبت أزكيخينا، على موقع المنظمة الدولية "بروجيكت سنديكيت" Project Syndicate أن السلطة الروسية "استخدمت قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات أصوات الآراء المستقلة، خاصة المنتقدة لحكومة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين"، وتذرّعت بالأمن لـ"مسخ التشريعات الإعلامية في روسيا، وقوّضت الصحافة إلى حد كبير".

وأشارت إلى أن التشريعات ارتكزت على القانون الأوروبي والدولي أساساً، لكن "سلامة التشريع تآكلت بفعل التعديلات الدستورية والقانونية التي تحدّ من حرية التعبير وقدرة الصحافيين على العمل من دون عوائق، والتباين في تطبيق القواعد القائمة".

ولفتت إلى أن "قانون مكافحة الأنشطة المتطرفة" الذي صدر في 2012، يحد من الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، واستخدم في معظم الأحيان لاستهداف الصحافيين والمدوّنين، وفقاً لها.

ويحيط الغموض بمصطلحات أخرى تتعلق بالشأن نفسه، مثل "التشهير" و"خطاب الكراهية"، التي تعتبر عملاً إجرامياً، وتعتبر "التشهير ضد القضاة والمحلّفين والمدعين العامين والمسؤولين عن تنفيذ القانون" عملاً يستحق عقوبة قاسية، مما يجعل التحقيقات في قضايا الفساد الرسمي أكثر صعوبة وتعقيداً بالنسبة للصحافيين المستقلين الذين يُحاكمون من قبل كبار المديرين والمسؤولين في الدولة لمجرد الإبلاغ عن أنماط حياتهم الفخمة، وفقاً لأزكيخينا.

وأفادت الكاتبة بأن الدعاوى الشعبية ضد التشهير انخفضت لصالح اتهامات التطرف والتحريض على الكراهية في السنوات الأخيرة، إذ يعتبر التحقيق في قضايا فساد الشرطة المحلية تحريضاً على الكراهية، ويُطبق الأمر نفسه على موظفي الإدارات الإقليمية والقضاة وغيرها من السلطات.

وأكدت أن "القوانين المقيدة للحريات في روسيا يمكن أن تطبق بطرق غريبة جداً لعرقلة وسائل الإعلام، مثل اتهام صحيفة معينة بالتحريض على الكراهية لمجرد نشرها صوراً للعلم النازي إلى جانب مقال عن الحرب العالمية الثانية".

وأشارت إلى تشريع أكثر من 20 قانونا وأنظمة جديدة متعلقة بوسائل الإعلام في العقود الأخيرة، وتقيد معظمها الحريات. إذ تحد من الموضوعات المتاحة أمام الصحافيين، وتعمل على الحد من تمويل وسائل الإعلام المستقلة عبر فرض قيود على الاستثمار الأجنبي والإعلانات، مما أجبر مؤسسات إعلامية عدة على الانتقال إلى الإنترنت أو التوقف نهائياً عن العمل، وفقاً للكاتبة.

ورأت أن القوانين لا تستهدف وسائل الإعلام التقليدية فقط، بل يعتبر أي موقع إلكتروني يجذب أكثر من 3 آلاف زائر يومياً "وسيلة إعلامية"، وبالتالي يخضع لقوانين تقييدية. كما لا يمكن لمؤسسي المواقع الإلكترونية أن يكونوا مجهولي الهوية، ويمكن أن تُمنع المواقع الإلكترونية من دون سابق إنذار.

في السياق نفسه، أكدت أزكيخينا أن قانون "باروفايا" الذي وقّعه بوتين الصيف الماضي، يخطو خطوة إضافية في القمع. إذ يلزم هذا القانون مزودي الهاتف والإنترنت بتخزين سجلات جميع الاتصالات لمدة ستة شهور، وجميع البيانات الوصفية لمدة ثلاث سنوات، ويجب عليهم أيضاً مساعدة وكالات الاستخبارات في فك شفرة الرسائل المشفرة، كما يفرض عقوبات قاسية على "التطرف" و"أعمال الشغب".

وأكدت أن المادة 144 من قانون العقوبات الذي ينص على حماية الصحافيين من المضايقات والإجراءات التي تعيق "الأنشطة المهنية المشروعة"، نادراً ما يطبق، فتُنتهك حقوق الصحافيين عشرات المرات شهرياً في روسيا، وفقاً لمؤسسة دفاع الغلاسنوست (الشفافية).

ويواجه الصحافيون تهديدات وهجمات وإتلاف المعدات والغرامات غير العادلة والطرد والحظر وغيرها من أشكال الرقابة، غالباً، بعد وقت قصير من انتقاد السلطات الإقليمية والأمنية، أو رجال الأعمال الأثرياء.

وشددت أزكيخينا، في نهاية مقالها، على أن "مهاجمة الحكومة الروسية لوسائل الإعلام المستقلة لن تحظر التحليل العميق والتحقيقات الصحافية التي لا غنى عنها في سير الديمقراطية".

(العربي الجديد)

 

المساهمون