اختلافٌ.. حتى في الموت

اختلافٌ.. حتى في الموت

18 يناير 2016
أشعلت عبارة القنطار انقسام اللبنانيين مجدداً (حسين بيضون)
+ الخط -
كان أكثر من الطبيعي أن يتأثر اللبنانيون بالانتفاضة التي بدأها الشعب السوري بوجه النظام. الأمر مفهوم ومنطقي بسبب جغرافيا البلدين وتاريخهما المشترك، والذي كان لفترة طويلة عبارة عن سيطرة من قبل النظام السوري على النظام اللبناني بكل مفاصله.

عام 2011 وبعد خروج التظاهرات السلمية المطالبة بالحرية، انقسم اللبنانيون كعادتهم مع وضد، ولكل طرف أسبابه التي يمكن فهمها وأحيانا كثيرة تبريرها، خصوصاً وأن منطلقات الطرفين المؤيد للثورة السورية والمعارض لها، تتعلق بوجود هذا الطرف ومستقبله. الانقسام اشتدّ مع تغير الأحوال السورية، وبدء حرب أهلية لا يعرف أحد كيف ستنتهي.

ولم يعد اللبنانيون منقسمون فقط بل أصبحوا جزءا من الصراع السوري مع دخول حزب الله الاراضي السورية والقتال الى جانب نظام الاسد تحت عناوين مختلفة. وطبعا دفع حماس عدد من الشباب وخصوصا من منطقة البقاع الى القتال الى جانب فصائل المعارضة السورية المسلحة. كل ذلك يجري والدولة ترفع شعار النأي بالنفس. اليوم يبدو النأي بالنفس مزحة ثقيلة. العالم بأكمله اصبح متورطا في سورية، ولبنان منه.

الانقسام حول سورية، يشتد او يخف وفقا للتطورات الميدانية السورية او المحلية. ونحن الان في ذروة الانقسام والعنوان سمير القنطار. القنطار الذي كان معتقلا في السجون الاسرائيلية لمدة ثلاثين عاما، تم اغتياله بعملية لاتزال غامضة المعالم في جرمانا في ريف دمشق.

خبر حوّل مواقع التواصل الاجتماعية الى متاريس حربية. جملة القنطار التي قالها بعد خروجه من الأسر عام 2008 " لم اخرج من فلسطين الا لاعود اليها" استعملت مع وضد القنطار. فالبعض اعتبر ان سمير فعلا عاد الى فلسطين ولو ان اغتياله حصل على الاراضي السورية لكن بسلاح اسرائيلي او ارهابي فلا فرق. اما البعض الاخر فسأل "ماذا كان يفعل القنطار في سورية؟" وكيف تحولت جرمانا السورية الى ارض فلسطينية؟

الا ان التعليق الذي اشعل مواقع التواصل كان للصحافية مي شدياق التي قالت: "حزب الله يقحم لبنان في الـ2006 في حرب مع اسرائيل ليصبح سمير القنطار أسيراً محرّراً. ثم يقحم نفسه في حرب سورية في الـ2015 فيصبح مناضلاً شهيداً. لا محرّر ولا شهيد وكنّا وفّرنا على لبنان عذاب حربيْن وقوافلَ شهداء!" لتتوالى الردود عليها علما ان البعض منها وصل الى حد السخرية من اصاباتها بعد تعرضها لمحاولة اغتيال قبل سنوات.

وبين شهيد او قتيل، كانت مواقع التواصل تشهد حروبا كلامية تعبر عن مدى اختلاف اللبنانيين وتباين آرائهم كما في كل مرة وعند كل استحقاق. الاختلاف يطال كل شيء. حتى الموت. لكن الاكيد ان ما يحصل في سورية هو الاكثر تأثيرا على اللبنانيين حتى اكثر من أزماتهم المحلية من النفايات الى الوضع الاقتصادي وصولا الى الشلل في مؤسسات البلد مرورا بالمياه والكهرباء المقطوعة. يبدو كل شيء تافها او سخيفا امام الحرب السورية خصوصا وان كل طرف يربط مستقبله بانتصار من يؤيد في سورية. هي العناوين الكبيرة التي ما زلنا نتخاصم حولها. عناوين مغرية: الكرامة، الشهادة، الانتصار... والجميع مستعد للقتال لتحقيقها. وفي الطريق تضيع حياة كثيرين لا تجذبهم الشعارات. يريدون حياة عادية بدون شعارات كبيرة.



اقرأ أيضاًمجرّد ألوان

المساهمون