الطفل السوري الغريق: "إنسانيتنا الراقدة على الشاطئ"

الطفل السوري الغريق: "إنسانيتنا الراقدة على الشاطئ"

03 سبتمبر 2015
إحدى الصور لانتشار جثة الطفل (تويتر)
+ الخط -
لا شيء يُمكن أن يختصر المشاعر المصاحبة لصورة الطفل السوري الغريق على أحد شواطئ تركيا. وحده، مرميّ على شاطئ بودروم، بعد مقتل تسعة مهاجرين سوريين إثر غرق قاربهم. 

وحده، مرميّ على شاطئ بودروم. بقيت له سُترته الحمراء وسرواله الأزرق فقط. حتى وجهُه انقلب لتُلامسه الأمواج.. وجع الطفل هذا، الذي تشاركه معه حوالى 300 ألف لاجئ عبروا المحيطات هذا العام، محاولين الوصول إلى أوروبا، قُتل أكثر من 2500 منهم. هربوا من موتٍ، فلاقاهم موتٌ آخر. 

تأتي هذه الصورة في أسبوع دامٍ على اللاجئين الباحثين عن أملٍ تشبّثوا به في ألواحٍ في عرض البحر، علّهم يحيون. انتشرت منذ يومين أيضاً، صور لأربعة أطفال توفّوا وهم في طريقهم إلى "رحلة الموت"، كما اصطُلح على تسمية رحلة المهاجرين إلى أوروبا.

لكنّ صورة هذا الطفل، وجدت تعاطفاً غير مسبوق، تُرجم في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الصحافة. انتشرت الصورة على أغلب صفحات العرب على مواقع التواصل، مع تعليقات تتحدث عن الألم، ووجع ومآسي السوريين تحديداً. على "تويتر"، أُطلقت وسوم "#غرق_طفل_سوري"، الذي وصل إلى لائحة الأكثر تداولاً عالمياً، و"#الإنسانية_تلفظ_على_الشاطئ"، بالإضافة إلى وسم "#KiyiyaVuranInsanlik" بالتركية. فكتب حجاج: "يا أيها البحر لا تبكي على شعبٍ، أبكى الصخورَ ولم يُبكِ السلاطينَ... كل البلادِ بوجه الضيفِ مقفلةٌ، إلا السماء أراها رحبت فينا".

وكتب الشيخ محمد العريفي: "يصلنا من مآسي اللاجئين السوريين جزء قليل، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم... التحرك المتعقل عبر جمعيات موثوقة أمر مهم". وقالت هند: "كان يجب أن يكون في المدرسة، أو يلهو مع رفاقه... لكنّ هذا العالم مريع". وقال آخر: "لقد لفظني البحر لكي يفضح عاركم.. لم بشء المتوسط ان يسحبني الى اعماقه لانه تعب من سماع الاهات المخنوقة... تعب البحر ولم يمل العالم المنافق من الكذب".

وكتب مغرد آخر: "صورة الطفل السوري الغريق مؤلمة والعالم أصبح بلا انسانية". وكتبت ريما: "ما أحقرك يا إنسانية". وقال بيار: "مش الطفل السوري مات ع شط البحر، نحنا متنا من زمان. كل شي فينا مات وانسانيتنا حرف ساقط بحياة ما فيا عدالة". وكتب عبدالرحمن: "لا تلوموا البحر ولا تلعنوه. قاتل الطفل إنسان. ملعون."

كما نشر مستخدمون رسوماً كاريكاتوريّة، صوّرت الطفل يرقد أمام شواطئ الدول الخليجية، وفي وسط مؤتمر الجامعة العربية، وأمام قبر كُتب عليه "الضمير العربي"، بالإضافة إلى صورة أخرى سخرت من التعاطي مع اللاجئين كموادّ لمواقع التواصل الاجتماعي فقط، من دون التحرك لمساعدتهم.

الصحافة من جهتها، ركّزت على الطفل وصورته. فكتبت أغلب الصحف والمواقع العالميّة، كما انتشرت الصورة على التلفزيونات العربيّة والأجنبية. وأجمعت وسائل الاعلام على أنّ "الصورة قاسية وتُلخّص حال السوريين حول العالم، واللاجئين الذين يُحاولون الوصول إلى أوروبا". واختارت بعض الوسائل نشر الصورة كما هي، بينما قرّرت وسائل اخرى تمويه صورة الطفل لما تحمله من وجع.

وسألت "الاندبندنت": "إذا لم تغير صورة هذا الطفل موقف أوروبا تجاه اللاجئين، فما الذي سيغيره؟" بينما قالت "دايلي مايل": "مأساة الطفل الصغير تلخص يأس هؤلاء اللاجئين".