الإعلام المصري فى أسبوع الفساد: كأنّ على رؤوسهم الطير

الإعلام المصري فى أسبوع الفساد: كأنّ على رؤوسهم الطير

12 سبتمبر 2015
ماذا قالت الصحف عن القضية؟ (Getty)
+ الخط -
تعاطت وسائل الإعلام المصرية باهتمام بالغ مع إلقاء الأمن القبض على وزير الزراعة، صلاح هلال، لتورّطه في ما سمته الصحف بـ"قضية الفساد الكبرى" داخل وزارة الزراعة، والمتهم فيها رجل الأعمال المقرب من مبارك، رفعت الجميل، والصحافي محمد فودة، السجين السابق على ذمة قضية فساد فى وزارة الثقافة، والمحظور فيها النشر بقرار من القائم بأعمال النائب العام، واستغلت بعض الصحف والفضائيات المؤيدة للنظام الحالي القضية في "تلميع" صورة الرئيس، عبدالفتاح السيسي، وإظهاره كـ"حائط صد ضد الفساد".
وسط تسريبات إعلامية ترجح أن تطاول القضية عدداً من الإعلاميين الذين لعبوا دوراً رئيسياً في المشهد الإعلامي في السنوات الأخيرة، تعاملت الصحف بحذر مع قضية وزارة الزراعة والتي سهل فيها فودة حصول وزير الزراعة على رشوة تتضمن أموالاً نقدية وتأشيرات حج وملابس، مقابل تخصيص 2500 فدان لرجل الأعمال في محافظة البحيرة. وحاول بعض الإعلاميين نسب فضلها بالكامل لعبد الفتاح السيسي، فصحيفة "اليوم السابع" التي يرأس تحريرها الكاتب الصحافي، خالد صلاح، أحد مؤيدي السيسي، وأحد المتهمين المفترضين، أعادت استخدام عبارات، دأب إعلاميو نظام المخلوع مبارك على استخدامها لـ"تلميع رأس السلطة". فعنونت خبر استقالة وزير الزراعة بـ"استقالة وزير الزراعة صلاح هلال من منصبه بناء على توجيهات الرئيس السيسي"، فيما أصدرت بياناً يدين الاتهامات الموجهة للجريدة، ولرئيس تحريرها بالاشتراك في وقائع الفساد، تتبرأ من محمد فودة المتهم الرئيسي بالواسطة في عملية الرشوة في القضية، باعتباره كاتباً للمقالات فيها وليس جزءاً من إدارتها التحريرية، غير أن صوراً انتشرت على الشبكات الاجتماعية لأخبار أرشيفية من موقع "اليوم السابع"، مكتوب فيها بوضوح "محمد فودة مدير تحرير اليوم السابع".
ودان بيان "اليوم السابع" ما سماه "المحطات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية " التي تروج لاتهامات "دون أي سند أو دليل لا لشيء إلا للإساءة لتجربة الصحيفة ولمؤسسيها، لصالح جهات معلومة غرضها الطعن فى مصداقية بعض الصحف المصرية"، حسب نص البيان.
وتحت عنوان "مصر تطهّر نفسها"، كتبت صحيفة "المصري اليوم"، من أكبر الصحف المصرية الخاصة، إن مسؤولين فى جهات أمنية توجهوا إلى قصر الاتحادية، صباح الاثنين، وعرضوا نتائج التحقيقات على الرئيس السيسي، وأطلعوه على المتورطين فى القضية وأبعادها، وكان وزير الزراعة ضمن المتورطين، وأن الرئيس طالبهم باتخاذ الإجراءات القانونية، وأبلغ رئيس مجلس الوزراء قبول استقالة الوزير.


ويأتي ذلك بعد أسبوع من تلميع وزير الزراعة على الصفحة الأولى للجريدة المملوكة لصلاح دياب من بين آخرين، والذي يملك استثمارات ضخمة في القطاع الزراعي.
ونشرت الجريدة بشكل لافت عدداً من التصريحات لوزير الزراعة على صفحتها الأولى، طوال الأسبوع الماضي، مثل "وزير الزراعة عن مخالفات الصحراوي: حق الدولة سيسدد رغم أنف الجميع"، و"وزير الزراعة: الفاسد اللي يقع مش هنرحمه"، قبل أن تقبض قوات الأمن عليه شخصياً.
بينما قرر مجدي الجلاد، الاسم الثاني من بين المتهمين المفترضين في القضية، حسب التسريبات الإعلامية والقضائية، أن يلعب بشكلِ مختلف، ففتح النار على الفساد في وزارة الزراعة، من خلال برنامجه في فضائية CBC المملوكة لرجل الأعمال محمد الأمين، والتي عمل فيها المتهم الرئيسي في القضية محمد فودة مستشاراً، فيما وصفه خبراء إعلاميون بـ"الخطوة الذكية"، وفسروا: "لو تم الزج باسم الجلاد في القضية، فسوف يرد بأن اسمه ورد لتصفية حسابات فقط".
صحيفة "الوطن" زجّت باسم السيسي، كغيرها من الصحف، في معالجتها القبض على وزير الزراعة، وعنونت صفحتها الأولى في عدد الثلاثاء بـ"السيسي يبدأ الحرب على الفساد من التحرير"، في إشارة إلى مكان ضبط الوزير من قوات الأمن، إذ قبض عليه في ميدان التحرير عقب خروجه من اجتماع الحكومة الذي قدم فيه استقالته.
ونقلت الصحيفة تصريحات خاصة لرئيس مجلس الوزراء، إبراهيم محلب، قال فيها، إنه لا يوجد مسؤول فى مصر فوق المساءلة، وإنه سيقيل أي شخص يثبت تورطه في أي قضايا فساد.
ونشرت صحيفة "البوابة" التي يرأس تحريرها، عبدالرحيم علي، تحت عنوان "أسرار قضية الفساد الكبرى"، أسماء 4 متهمين في القضية، وهم "صلاح هلال، أيمن الجمل، محيي سعيد، ومحمد فودة"، وقالت إن مسؤولي وزارة الزراعة حصلوا على رشى من رجال الأعمال تضمنت ملابس ووحدات سكنية وعضوية بالأهلي، لتخصيص 2500 فدان في وادي النظرون.
ومع الأنباء التي ترددت عن تورّط 9 وزراء في القضية، أبرزت الصحف تصريحات وزير الصحة، عادل عدوي، يتبرأ فيها من الفساد، بقوله: "ليس لي أي علاقة بقضية فساد وزارة الزراعة، ولا أمتلك قطع أراض إلا في محافظة بني سويف، كنت ورثتها عن أبي"، نافياً امتلاك أراضٍ في محافظة البحيرة.
كما نقلت صحيفة "البوابة" تصريحات عن وزير الأوقاف، مختار جمعة، أحد المتهمين المفترضين، نفى فيها وجود علاقة تربطه بمحمد فودة، أحد المتهمين في القضية، كما أكد عدم صحة ما تردد حول رفع اسمه من قوائم الحج.
الشائعات بدأت تطارد حكومة محلب، وترددت أنباء عن إجراء تعديل وزاري يطيح بعدد من الوزراء، على الرغم من تأكيد رئيس الحكومة في أكثر من برنامج وصحيفة عدم وجود مشاورات لإجراء تعديل وزاري.
وقال المتحدث باسم الحكومة، حسام القاويش: "التقييم لكافة الوزراء والمحافظين يتم بشكل دوري، وطول الوقت، ولو تطلب الأمر إجراء تعديل وزاري يتم طبقاً لتلك التقييمات التي تتم بصفة مستمرة".


تحليلياً، احتفى عدد من كُتاب الرأي في الصحف، بالقبض على وزير الزراعة، وهاجمه الكاتب الصحافي، حمدي رزق، في عموده اليومي بصحيفة "المصري اليوم"، وقال في مقال بعنوان "كانوا عايزين يرشوني ويخلوني أحج سياحي!": "حرماً يا حاج، وزير الزراعة لا يستحق لقب الحاج الذى كان يفضله على لقب الوزير، الحج يغسل الذنوب، وذنب المتهم صلاح هلال فى حق نفسه وأهله ووطنه لا تغسله مياه المحيط، حج سياحي، رشوة يا حاج، كده بترضه يا حاج صلاح، تحجج أسرتك من حرام!"، ووجّه الكاتب عادل السنهوري عبر مقاله في اليوم السابع، رسالة إلى الرئيس السيسي، قائلًا: "الباب اللي يجيلك منه الفساد سده واستفاد".
وفي مقال بعنوان "الدولة تُكشر عن أنيابها" بصحيفة "الوطن"، قال الباحث في العلوم السياسية، معتز عبدالفتاح، إن محاربة الفساد لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب، مضيفاً: "القضية أن نحارب الإرهاب، وليس فقط الإرهابيين بالعودة إلى أصول الإرهاب وأسبابه، القضية أن نحارب الفاسدين، لكن الأهم محاربة أسباب الفساد".
على التلفزيون، أجرى برنامج "الحياة اليوم" المُذاع على قناة "الحياة"، حواراً مع رئيس محكمة استئناف القاهرة سابقاً، لمناقشة قضايا الفساد العام، وطالب "حسين"، بضرورة مراجعة التشريعات الحالية وتحديد المسؤولية حتى تستطيع الأجهزة الرقابية مكافحة الفاسدين، مؤكداً، أن التراخي في ضبط المخالفات وقضايا الفساد يفقد المواطن ثقته في الحكومة.
وفي تقرير بعنوان "مصر تحارب الفساد وليس الإرهاب"، أذاع برنامج "البيت بيتك" على قناة "TEN"، مقطع فيديو للحظة القبض على وزير الزراعة، ونص بيان النيابة العامة عن الرشى والهدايا التي تلقاها الوزير، وعلق مقدم البرنامج، عمرو عبدالحميد "هناك اتجاه عام في أجهزة الدولة لمحاربة الفساد، كل المسؤولين على رأسهم السيسي بيقولوا، إن الفساد أفظع من الإرهاب"، فيما قال زميله في تقديم البرنامج رامي رضوان: "القضية دي محصلتش قبل كده.. ما حدث جرس إنذار لكل مسؤول، اللي هيفكر يلعب بديله ويستغل منصبه محدش هيسيبه".
وفي برنامجه "90 دقيقة" على قناة "المحور"، أعاد الإعلامي، محمد مصطفى شردي، إذاعة جزء من حوار سابق مع وزير الزراعة، يتحدث فيه عن الفساد: "عندما توليت مسؤولية وزارة الزراعة، شكلت لجنة باسم (لجنة مكافحة الفساد)، تضم كل المستشارين في الوزارة، وعضواً من الجهاز المركزي للمحاسبات، وضبطنا كثيراً من الفاسدين".

اقرأ أيضاً: "مكافحة الفساد" في مصر لتصفية الحسابات: جنينة بدائرة الاستهداف

المساهمون