"كلام" ميسرة سكر... وصمت مارسيل غانم

"كلام" ميسرة سكر... وصمت مارسيل غانم

31 يوليو 2015
خلال الحلقة (موقع LBCI)
+ الخط -

كما بدأت حلقة "كلام الناس"  (برنامج سياسي حواري هو الأشهر في لبنان، تعرضه قناة LBCI) ليلة أمس، مع ميسرة سكّر، رئيس مجلس إدارة شركة "سوكلين"، انتهت.

 و"سوكلين" هي الشركة المكلفة بجمع النفايات في لبنان وطمرها، إلى جانب خدمات أخرى ككنس الشوارع، والتي تحوم حول أدائها علامات استفهام كثيرة، بسبب الكلفة العالية التي تتقاضاها من الدولة اللبنانية.

لم ينجح سكّر، في تبرئة شركته من تهم الفساد، ولا في توضيح سبب الكلفة المرتفعة التي تتقاضاها الشركة من الدولة، كما لم ينجح في دفع اتهامات التواطؤ مع الطاقم السياسي (أو القسم الأكبر منه) في إدارة ملف النفايات في لبنان.

ولعلّ أحداً لم ينتظر كلاماً مختلفاً من رجل الأعمال اللبناني الذي عرف جيداً كيف يستفيد من علاقاته السياسية، للحفاظ على عقود شركته طيلة 17 عاماً.

الكلام السياسي والاقتصادي الذي يقال عن إطلالة سكّر، الأولى منذ 17 عاماً، كلام كثير. كذلك الكلام الذي يقال عن أداء الإعلامي الأشهر في لبنان مرسيل غانم، لإدارته الضعيفة والمملة لهذه الحلقة.

بدأت الحلقة، بمقدمة "كليشيه" أو ربّما اقل من كليشيه عن "الشعب اللبناني الذي تعب"، وعن "الحال الذي أوصلنا إليه السياسيون". انتهت المقدمة، وفتح مرسيل الهواء لميسرة سكّر: ثلث ساعة تقريباً استعاد خلالها سكّر تاريخ "سوكلين": "ما كان بدي استثمر بلبنان، بس لما رفيق الحريري قللي الموضوع وطني، دغري قبلت". هكذا إذاً، البداية، تمهيد لتقديم "استثمار العمر" بالنسبة لميسرة سكّر، كخدمة وطنية. طيّب. يكرّر رجل الأعمال اللبناني، العبارة أكثر من مرة: "رغم كل المشاكل لم نوقف العمل لأننا لا نريد إيقاف مرفق عام"، "علمت أن مطبات كثيرة تواجهنا لكنني أصررت على العمل لأن النفايات مرفق عام"...
انتهت المقدمة التعريفية والمملة بشركة "سوكلين" وباستثمار سكّر "الوطني". لم يقاطعه مرسيل، استمع بإعجاب إلى "الحدوتة" الجميلة عن المغترب المليونير، الذي عاد إلى وطنه بعد الحرب، لينهض به. ولا سؤال عن علاقته برفيق الحريري، عن سبب اختياره هو لأداء هذا الدور.

بعدها انتظرنا أن تبدأ الاسئلة المحرجة.. انتهت الفقرة الثانية، التي تخللها كاملة لوم على "الدولة" لأنها لم تؤمّن مطامر. يسأله مرسيل: "من في الدولة؟ أريد اسماء". لا يجيب سكر، "كلّن أصحابي، كل الناس بحبوني". يضحك مرسيل. دردشة لطيفة وعفوية بين صديقين. عفوية وتلقائية وصل حدّ الحديث عن دعوة زفاف تلقاها الرجلان(الإعلامي ورجل الأعمال). عادي جداً. 

بهذه "المودّة" دخلت الحلقة في محورها الشائك: الكلفة التي تتقاضاها شركة "سوكلين"لقاء خدماتها. الكلفة الباهظة، والتي تطرح عشرات علامات استفهام حولها، وحول الاتفاق بين الشركة والدولة عل تحديد الارقام: أسئلة سريعة وخفيفة، تقطعها ضحكات مرسيل. أرقام متطايرة في الهواء عن كلفة نقل وطمر النفايات حول العالم، من دون ذكر مصادرها. يدور سكر حول السؤال، يتحدّث بتلقائية أقرب إلى الوقاحة. لا يحشره مرسيل في الاسئلة، لا يلاحق سؤاله حتى النهاية، لا يتلقط الثغرات في كلام ميسرة سكر. تركه يتكلّم بسجية، يلوم دائماً الدولة، من دون ذكر اسم زعيم واحد يلام على ما حصل.

وبين فقرة وأخرى، حاول غانم موازنة الحلقة، خصوصاً بعد الكلام عن رفض سكر مناظرة تلفزيونية بينه وبين رجل الأعمال الآخر رياض الأسعد، الذي كشف الكثير عن ملف النفايات في الأيام الاخيرة. كيف حاول موزانة الحلقة؟ تقارير متقطعة مع نعمة فرام، أحد رجال الأعمال وأركان الهيئات الاقتصادية اللبنانية.

بخجل أقرب إلى الثناء والمدح تحدّث فرام عن تجاوزات "سوكلين"، خصوصاً في موضوع الكلفة: "اسمع أن موضوع الكلفة مرتفع"، ليردف بعدها مباشرة: "لكن اسمع ايضاً أن هناك فساداً غير مرتبط بسوكلين في هذا الموضوع". ليضيف غانم "عفوية" إضافية على حفلة المدح بـ"سوكلين"، قائلاً: "أنا بتمنى تكفوا انتوا بملف النفايات بشرط تزبطوا الكلفة (أتمنى أن تكملوا أنتم في مهمتكم شرط تحسين التكلفة)". الدعابة والحميمية في الحديث مجدداً. لم يمر طيلة أكثر من ساعة ونصف، سؤال محرج واحد. بدا ميسرة سكّر، سعيداً باللقاء، مرتاحاً للحديث مع صديق. قال كل ما جاء ليقوله، وبقي غانم ساكتاً. وبينما كانت الاسئلة المحرجة تنهال على حساب البرنامج على مواقع التواصل، تجاهلها غانم. هو الذي يبرع في إحراج من يريد من الضيوف، انسحب من مقعد الصحافي، إلى  مقعد المشاهد، سعيداً بالقصة التي تروى أمامه، متجاهلاً الشارع الذي يغلي، متجاهلاً كل الفضائح التي خرجت على العلن اخيراً حول عقود هذه الشركة.

تنتهي الحلقة، كما بدأت. لم يفهم المواطن أين هي الأزمة، لم يفهم حتى ما هي الاتهامات الموجهة إلى سوكلين، من قبض كل هذه الأموال من دولة اللبنانية؟ من هم شركاء سكر من السياسيين الذين منحوه التغطية السياسية للفوز بالمناقصات؟ من مارس صغوطاً على باقي الشركات لتنسحب من المناقصات ولا تقدم العروض؟ من اوصلنا إلى الازمة الحالية؟ لا نعرف الجواب طبعاً، لا من ميسرة سكّر، ولن نستنتجه طبعاً من حوار مرسيل غانم، حوار قد يكون اقرب إلى شريط وثائقي قصير يوزّع في العيد السنوي للشركة الخضراء.

اقرأ أيضاً: لبنان ينفي تسبب أزمة النفايات في وقف الرحلات الجوية

دلالات

المساهمون