الاعتداء على الإعلاميين في حلب... عود على بدء

الاعتداء على الإعلاميين في حلب... عود على بدء

23 يوليو 2015
الموجة العنيفة السابقة كانت عام 2013 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
استهداف الإعلاميين في سورية وحلب على وجه التحديد، ليس بالموضوع الجديد. فقد سبق أن تعرض الناشطون الإعلاميون والمراسلون في حلب لانتهاكات وخطف وهجمات من قبل كافة الأطراف المتنازعة في سورية وعلى رأسها النظام السوري، إلا أن عام 2013 شهد ازديادا في الانتهاكات بحقهم في المناطق المحررة من قبل جماعات محسوبة على الثورة السورية.
ومهما كانت الأسباب وراء ذلك، فإن الاعتداءات والانتهاكات مقلقة ولا تبدو عابرة، وقد يكون هناك خطة ممنهجة خلفها أَيادٍ تحركها وتستغل الفوضى القائمة في حلب تحديداً لتنفيذها.

لوم وانتهاكات

وكان آخر تلك الانتهاكات، أن اعتدى مدنيون من "‫‏الكلاسة‬"، أحد أحياء حلب المحررة، بالضرب مع إطلاق النار على الناشط الإعلامي كرم المصري، وسرقة كاميرته أثناء تغطيته القصف الجوي على الحي، في ثالث أيام عيد الفطر.

ويقول كرم المصري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "طائرة تابعة للنظام أغارت على منطقة الكلاسة،
حينها توجهت أنا ومسعف للمكان مباشرة، وبمجرد وصولنا لتغطية المجزرة، تهجمت علينا إحدى العائلات. استطعتُ الهرب فيما ظل المسعف يُضرب بين أيديهم". ويُضيف: "تبعني شخص وسارع إلى إطلاق النار عَليّ".

ويروي المصري أنّه "بعد أن أصبت، جاءت مجموعة من الشباب، صادروا الكاميرا التي كانت بحوزتي، وهربوا أمام مرأى الجميع، من دون أن يستطيع أحد التدخل حتى عناصر الشرطة". ويقول: "لربما اعتبروني سبباً في قصف منطقتهم. من وجهة نظرهم كل من يقف مع الثورة كان السبب في ما وصلت إليه المناطق الخارجة عن سيطرة النظام من قصف وتدمير". ويعتبر المصري أنّ "ما حدث ليس صدفة، إنما هو نتيجة تحريض سابق وممنهج من قبل بعض الجماعات الظلامية".

موجة جديدة من الاعتداءات

كان لافتًا في حلب بشكل عام التعدي على الإعلاميين والناشطين في هذا المجال منذ عام 2013، مما أثار موجة من الاستياء العام حينها، بعدها تراجعت حالات الاعتداء تلك وأصبحت فردية ومتباعدة، ما عدا الذين استشهدوا أو جرحوا على يد قوات النظام. ويعتبر الصحافي حافظ قرقوط أنّ "هناك شيئاً ما في حلب لا يُمكن القفز فوقه، وهو إجمالاً مرتبط بفوضى الجبهات الواضح أكثر من باقي المناطق، وهو أيضا له علاقة بتلك المراوحة بالمكان في معركة تحرير حلب حيث أخذت حيزاً من الإعلام أكثر منه واقعاً على الأرض، وبناء على هذا بعض الفصائل ربما تريد خلط الأوراق"، مضيفاً: "لا أتهم فصيلاً بعينه ولكنّ أهالي حلب يدركون أن الهوامش التي تتحرك فيها بعض فصائل المعارضة تدلّ على أفق ضيّق".


ويرى قرقوط أنه مع الموجة الجديدة من الاعتداء على الإعلاميين والناشطين المعتمدين، وكثافة الجرائم التي تنفذها طائرات الأسد، هناك احتمال كبير أن تكون بعض الأماكن مخترقة حقيقة من قبل النظام لمحاولة منع الحقيقة وحجبها عن الإعلام وخاصة بشهر رمضان وعيد الفطر.

ويشير إلى أنّ "اجتهادات عناصر تتبع لبعض الفصائل في عدم نشر مكان القصف كي لا نعطي نتائج للنظام، هي اجتهادات غير منطقية. طبعاً بعضها استند إلى أن النظام يعاود القصف مباشرة عند تجمع الناس والدفاع المدني للإسعاف، كل هذا غير منطقي فالنظام لديه عيونه ولديه إحداثيات طيران ولديه أقمار صناعية روسية وغيرها تعطيه المعلومات محدثة. وحتى إن كانت ردة فعل من الأهالي على ذلك فهي أيضًا لا تبرر الاعتداء على الناشطين والإعلاميين، فهم ليسوا معتدين ولا يحملون سلاحًا سوى الكاميرا".

ويؤكد على أن توثيق الجرائم التي يرتكبها النظام مهم جدا ولا ينبغي التراخي فيها مهما تكررت واستمرت، "لأنها بالنتيجة أرواح وحقوق يجب الاحتفاظ بها للمستقبل، وعلى قادة الفصائل تقييم هذا الوضع الجديد والتكفل بحماية الإعلاميين، لإعطاء صورة مشرقة عن مستقبل البلاد، وإلا فإن الأمور ستتجه للأسوأ". ويشير إلى "فقدان الثقة العامة بقدرة بعض الفصائل على تحمل المسؤوليّة الأخلاقيّة والقانونيّة والإنسانيّة تجاه وطن، ولا يمكن اعتبار ذلك حالات فردية لنكرر أفعال الأسد بصيغة جديدة".

اقرأ أيضاً: عندما يكون بلدك الأخطر على حياتك

فيما يرى أحد المتابعين، الذي يرفض الكشف عن اسمه أنّ "السبب الرئيسي لموجة الانتهاكات الأخيرة بحق الإعلاميين يعود أساساً لقلة الوعي لدى بعض المدنيين بأهمية العمل الإعلامي وأسلوب عمل الإعلاميين". كما أن هناك أطرافاً تقوم بالترويج لإشاعات تفيد بأن الإعلاميين يتقاضون مئات الدولارات ثمناً للصور التي يلتقطونها، أو أنهم عملاء للنظام ويقومون بإعطاء إحداثيات المناطق للطائرات لكي تقوم بقصفها، ما يجعلهم بنظر بعض المدنيين السبب الرئيسي لتعرض مناطقهم للقصف.

من جانب آخر، يقول أحد المراقبين إنّ من "واجب الصحافي احترام خصوصيّة الأفراد وعدم التقاط أي صورة لمدني أو لأحد أفراد أسرته دون طلب إذنه، وبغض النظر عن السبب، مهما يكن، حيث يعتبر هذا الأمر من المسلمات في العمل الصحافي".

صحافيون مفقودون... ومختطفون

ويبدو أنّ موجة الانتهاكات الجديدة تخطّت حدود المنع من التغطية والقمع، وعادت إلى مستوى الاختطاف والإخفاء. فقد أعلنت رئيسة اتحاد منظمات الصحافيين الإسبان، إلسا غونزاليس، أنّ ثلاثة من الصحافيين الإسبان، أنطونيو بامبلييجا، جوزي مانيول لوبيز، وآنجيل ساستريه، فقدوا في سورية منذ نحو عشرة أيام.

وقالت غونزاليس في حديث على محطة التلفزيون العامة الإسبانية "تي في أي"، الثلاثاء: "في الوقت الحاضر بإمكاننا فقط التحدث عن اختفاء"، موضحةً أن لا أخبار عن الرجال الثلاثة منذ
12 تموز/يوليو، أي عندما كانوا يتواجدون في منطقة حلب (شمال غرب سورية).

وتزامن هذا الإعلان مع أنباء عن اختفاء الصحافي الياباني جامباي ياسودا في سورية، إثر انقطاع الاتصال معه منذ الثالث والعشرين من شهر حزيران/يونيو الماضي، أي منذ شهر تماماً. ياسودا يُغطي الأحداث في الشرق الأوسط منذ العام 2002، وكانت آخر تغريدة كتبها ياسودا في 21 حزيران/يونيو، وكتب فيها أنّ عمله الصحافي يتعرض لقمع في بعض الأحيان، مشيراً إلى أنّه قد يتوقف عن التغريد، دون الإفادة بتفاصيل أخرى. كما كان ياسودا قد اختُطف في العراق عام 2004.

وتُصنّف منظمة "مراسلون بلا حدود" سورية كأخطر البلدان على حرية الصحافة. وبحسب تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن عدد الإعلاميين الذين قتلوا في سورية خلال السنوات الأربع الماضية بلغ 469 إعلامياً، منهم أكثر من 400 صحافي وناشط إعلامي قتلوا على يد النظام السوري، و30 منهم على الأقل قضوا تحت التعذيب، بينما تعرض 1030 إعلامياً للخطف أو الاعتقال.

واعتقل تنظيم "داعش" 62 إعلامياً، بينهم 13 أجنبياً. بينما اعتقلت جبهة النصرة 13 إعلامياً، كما اعتقلت فصائل المعارضة 42 إعلامياً.


اقرأ أيضاً: ناشط لـ"العربي الجديد": 10 عناصر خطفوا الصحافيين الإسبان بسورية

المساهمون