مصر: النقابة تحت مجهر الصحافيين المفصولين تعسفياً

مصر: النقابة تحت مجهر الصحافيين المفصولين تعسفياً

25 مايو 2015
من الوقفات أمام النقابة (العربي الجديد)
+ الخط -
تستمرّ معاناة الصحافيين في مصر، على مختلف الأصعدة. ويبدو، أنّ "الترند" الجديد هو "الفصل التعسفي". وفي هذا الإطار، أصدرت حركة "صحافيون ضد التعذيب"، تقريراً حول الأزمات المالية في المؤسسات الصحافية وموجة الفصل التعسفي للصحافيين. 

ينصّ قانون العمل في مصر، على تنظيم العلاقة بين المالك والعامل. ويؤكد القانون على فكرة الإخطار للمفصول قبلها بشهرين، علماً أن هذا لا يحدث في أغلب المؤسسات الإعلامية. فتقول المادة 122: "إذا أنهى أحد الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاف، التزم بأن يعوض الطرف الأخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء، وإذا كان الإنهاء بدون مبرر صادر من جانب صاحب العمل، فلا يجوز أن يقل التعويض المستحق للعامل عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة".

وبحسب المادة 111: "يجب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين، إذا لم تتجاوز مدة الخدمة المتصلة للعامل لدى صاحب العمل عشر سنوات وقبل الإنهاء بثلاثة أشهر، إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات".

رأس المؤسسات الصحافية المتورطة في "المذابح الصحافية"، هو مؤسسة "الأهرام"، وذلك بعد إصدارها قراراً بفصل 160 صحافياً، مبررة موقفها بـ "تقليل النفقات"، بحسب التقرير. الأمر الذي دفع الصحافيين المفصولين لتنظيم سلسلة من الاعتصامات، والتقدم بعدد من المذكرات والشكاوى للمجلس الأعلى للصحافة، ونقابة الصحافيين للمطالبة بالعودة للعمل، ولكن دون جدوى.

المشهد نفسه في جريدة "اليوم السابع"، حيث فصلت 134 صحافياً دون إبداء أسباب، لتعود مرّة أخرى وتبرر موقفها، بأنهم "متدربون". كذلك موقع "دوت مصر"، الذي فصل 76 صحافياً، دون سابق إنذار. ولجأت إدارة الموقع لمساومة المفصولين على حقوقهم المادية لثنيهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة. وفصلت جريدة "الدستور" 30 صحافياً، وكذلك جريدة "الصباح" فصلت نفس العدد. وانضمت حديثًاً إلى القائمة جريدة "الشروق" حيث فصلت 18 صحافياً دون سبب، هذا غير الأوضاع السيئة للصحافيين هناك، وقلة المرتبات.

إقرأ أيضاً: اليوم العالمي لحرية الصحافة: مستمرّون

وقال مؤسس رابطة "ضحايا اليوم السابع"، وائل عبد العزيز، إن ظاهرة فصل الصحافيين تعسفياً تزايدت في الفترة الأخيرة، بخاصة في المواقع الإلكترونية، ففي اليوم السابع تمّ فصل 134 صحافياً من الجريدة دون الالتفات لقانون العمل، وضرورة إخطار المفصولين قبلها بشهرين حتى يتمكنوا من توفيق أوضاعهم وهو ما لم يحدث.

وشدد عبد العزيز، في حديثه للحركة، أنه أسس رابطة لضحايا المفصولين من الجريدة، لرفع قضية طالبوا فيها بالتعويض وذلك بعد عدم تدخل نقابة الصحافيين في القضية. لأن أغلب المفصولين ليسوا أعضاء بالنقابة، مؤكداً أن الجريدة ادعت أن المفصولين من المتدربين، وهو غير صحيح حيث إن بعضهم عمل لفترات طويله بالموقع الإلكتروني.

وحاول الصحافيون في وكالة أنباء "أونا"، تنظيم إضراب عن العمل للمطالبة برواتبهم المتأخرة منذ بداية عام 2015 لمدة ثلاثة أشهر. فما كان من الإدارة إلا أن قامت بفصل جميع الصحافيين وقررت تسيير العمل في الوكالة ببعض المتدربين بدون رواتب، وذلك لحين استقرار الأوضاع المالية. وسعى الصحافيون إلى حلّ الأزمة بالتقدم بشكاوى على مدار الستة أشهر الماضية، تتعلق بطريقة إدارة الوكالة وتأخر المستحقات وعدم تعيينهم رغم مرور ثلاث سنوات على عملهم بالوكالة. كما أرسلوا بياناً من خلال البريد الإلكتروني، لرئيس مجلس الإدارة، ألبرت شفيق، ورئيس التحرير، جمال الشناوي، مطالبين بضرورة تحديد موعد لصرف مستحقاتهم المالية، بينما ردّت الإدارة عبر مدير التحرير، بقرار فصل جميع الصحفايين لتقليص النفقات.

وقبل أن يصل يحيى قلاش، لمنصب نقيب الصحافيين، قال أثناء ترشحه للمنصب، إنه يسعى لمواجهة ظاهرة احتكار بعض رجال الأعمال للإعلام، واختراقهم لمؤسسة العمل النقابي، وهاجم حالات الفصل التعسفي للصحافيين، وأكد على أنه يسعى لإصدار تشريعات تحقق مصالح الإعلاميين وتحافظ على كرامتهم. وأنه على استعداد لخوض سلسلة طويلة من المفاوضات مع الدولة، للنهوض بأحوال الصحافيين وانتزاع حقوقهم. لكن كل هذا لم يحدث، لا بل تزايدت حالات الفصل التعسفي، في الكثير من المؤسسات الصحافية، خصوصاً أن أغلب الصحف لا تبرم عقوداً مع الصحافيين تضمن حقوقهم، هربًا من دفع التأمينات أو تعيينهم، مما يسهل فكرة التخلص منهم وقت ما شاء مالك المؤسسة، بحسب تقرير الحركة.

إقرأ أيضاً: هل يتوقف الصحافيون المصريون عن العمل؟

بعض خبراء الإعلام قالوا لحركة "صحافيون ضد التعذيب"، إن إحدى وظائف الصحافة هي watchdog، الصحافة الاستقصائية، التي تستوجب مراقبة الأحداث الإجتماعية والسياسية والتحري عن أوضاع المواطنين وكشف الفساد في الدولة، ونقلها إلى الرأي العام بشكل واضح ودقيق. فكيف للصحافي المهدد في عمله، الذي لا يحصل على مرتب كافٍ ولا يوقع على عقد يضمن تعيينه ولا يعرف متى سيرحل، أن يمارس عمله بالشكل السليم وفق متطلبات العمل؟ وقد تزايدت حالات الفصل التعسفي بالمؤسسات الإعلامية في الفترة الأخيرة، تحت مسمى تخفيض النفقات ورغم تأكيدات البعض أن هذه المؤسسات تحقق أرباحاً كبيرة. تزايدت حالات الفصل من دون وضع اعتبار لقانون العمل، أو الرجوع لنقابة الصحافيين، لتستمر معاناة الصحافيين مع السلطة مرّة، ومع مؤسساتهم الصحافية مرّة أخرى.

ويقول تقرير الحركة: "يبدو أن التفسيد والغيرة الصحافية قد تغير مستقبلك وتدفع الجميع للتخلي عنك وغسل أيديهم من جريمتك التي لم ترتكبها، وهو ما حدث مع الصحافي مصطفى دياب، والذي دفعته وشاية بسيطة من صحفية زميلة له بنفس الجريدة، لتغيير مستقبله الصحافي، وفصله من ثلاث جرائد دفعة واحدة، بتهمة أنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وهو ما ثبت عدم صحته بعد ذلك، حيث تعود القصة لعمل مصطفى كمراسل صحافي لعدد من الجرائد بمحافظة الإسماعيلية، منها "البوابة نيوز". ويضيف: "ولكن عاد مجلس نقابة الصحافيين في الأيام الأخيرة، ليقرر التحقيق مع أيّ رئيس تحرير يفصل الصحافيين تعسفياً ولا نعلم ما إذا كان هذا القرار كافياً لوقف ما يحدث من حالات الفصل أم لا".

وتعتبر أزمة جريدة "الشروق" هي الحالة الوحيدة التي تدخل فيها مجلس نقابة الصحافيين بقوة، في محاولة لحلها حيث عقد مجلس النقابة اجتماعاً جمع نقيب الصحافيين يحيى قلاش، ورئيس تحرير الجريدة، عماد الدين حسين، ونجل رئيس مجلس الإدارة، شريف المعلم، بحسب التقرير.
وجاءت تأكيدات النقابة أنها ستدافع عن الصحافي النقابي، لأنه على حد وصفها "خط أحمر". أما غير النقابي فيمكن الاستغناء عنه لأنه غير معيّن، في الوقت الذي أكد فيه المسؤولون في الجريدة أن ذلك الإجراء نتيجة أزمة مالية شديدة تتعرض لها المؤسسة، وتمّ الاتفاق في النهاية على حل الموضوع بشكل ودي، والتراجع عن قرار فصل الصحافيين، إلا أن هذا لم يحدث أيضاً فوفق مصادر داخل جريدة الشروق، تم الاستقرار على بقاء أربعة من أصل 18 صحافياً تم الاستغاء عنهم من دون حل أزمتهم.

قضية مركبة

ترى المحامية الحقوقيّة، عزيزة الطويل، أنّ أزمة الفصل التعسفي للصحافيين، قضية مركّبة من معاناة الصحافي للحصول على حقه، بداية من مماطلة الجريدة في توقيع عقد مع الصحافيين يضمن حقوقهم، وصولاً لطول إجراءات التقاضي في مصر خصوصاً في قضايا التعويضات التي يطالب بها الصحافيون نتيجة الفصل التعسفي.

وشددت عضو مركز دعم تقنية المعلومات، على أن الأزمات المالية داخل المؤسسات الإعلامية تدفعها لفصل بعض الصحافيين، إلا أن هذا لا يعد مبرراً لعدم اتباع القانون. إذ ينص القانون على ضرورة إخطار الصحافي قبل الفصل بشهرين، وهذا ما لا يحدث في معظم الحالات، مضيفةً أن قانون العمل ينظم العلاقة بين صاحب العمل والصحافي، إلا أن بعض المؤسسات الإعلامية تتذرّع بأن من لديها هم متدربون وليسوا معينيين بعقود وهذا غير صحيح أيضاً.

وأكدت الطويل أنه ليس شرطاً أن يكون هناك عقد بين الصحافي والمؤسسة التابع لها حتى تلتزم ببنود القانون. إذ إن الأرشيف المنشور للصحافي وكشف الإنتاج الخاص به يمثّل عقداً بين الجريدة والصحافي، وفي حالة فصل الصحافي دون الالتزام بالقانون، يحق له رفع دعوى يطالب فيها بالتعويض. وأضافت: إجراءات التقاضي في مصر طويلة، إذ إن قضايا التعويض يمكن أن يصدر الحكم فيها بعد عامين في أول درجة، ووقتها يمكن أن تطعن الصحيفة في الحكم.

إقرأ أيضاً: مصر: انتهاكات الصحافيين...العرض مستمر

المساهمون