أوباما على "تويتر": عنصريّة وسخرية وأرقام قياسية

أوباما على "تويتر": عنصريّة وسخرية وأرقام قياسية

21 مايو 2015
أوباما خلال إرساله التغريدة الأولى (تويتر)
+ الخط -
"مرحباً تويتر! أنا باراك. حقاً! بعد ست سنوات، منحوني حساباً خاصاً أخيراً". بهذه الكلمات، اقتحم الرئيس الأميركي باراك أوباما، عالم "تويتر" من حسابه الشخصي الجديد، في الثامن عشر من أيار/مايو الحالي. والحساب، الذي تمّ توثيقه فوراً من إدارة الموقع، جذب اهتمام العالم. فحصدت تغريدة أوباما هذه 8 آلاف إعادة تغريد (RETWEET) في عشر دقائق، لتصل إلى 270 ألف إعادة تغريد و380 ألف تفضيل (FAVORITE) بعد يومين.


أرقام قياسيّة

اثنتا عشرة دقيقة فقط، هو الوقت الذي احتاجه حساب الرئيس الأميركي الشخصي على "تويتر" لينتشر. فقد حصد أوباما على حسابه @POTUS نحو 36 ألف متابع خلال هذا الوقت فقط، وفي أربعين دقيقة، حصد 185 ألف متابع، ليحصد 1.6 مليون خلال 12 ساعة، ليصل عدد متابعيه إلى 2.15 مليون بعد يومين.

على هذه الوتيرة، حقّق أوباما رقماً قياسياً كأوّل حساب يحصد مليون متابع في خمس ساعات، مسجّلاً ذلك في كتاب "غينيس". وكسر أوباما في ذلك رقم روبرت داوني، الذي حقّق أكثر من مليون متابع خلال أقل من 24 ساعة على "تويتر" في أبريل/نيسان 2014 الماضي. ولا يعني ذلك أنّ أوباما هو "ملك تويتر"، فالمغنيّة الأميركيّة كاتي بيري تستأثر بأكبر عدد متابعين (70 مليوناً) والمغني جاستن بيبر بعدها (64 مليون متابع). كما يُتابع الحساب الرسمي للرئيس الأميركي أكثر من 59 مليون شخص.


أوباما الكوميدي

القصة ليست هنا فقط. فأوباما، بدخوله إلى "تويتر" كـ "أب وزوج"، حسب ما كتب على الخانة التعريفيّة الخاصّة به، لفت الأنظار إليه بعدما ردّ على الرئيس السابق بيل كلينتون. فكلينتون (وزوجته هيلاري كلينتون مرشحة للرئاسة في الانتخابات المقبلة) هنّأ أوباما عبر تغريدة، متسائلاً إن كان الحساب سيبقى تابعاً للإدارة الأميركيّة بعد مغادرة أوباما الرئاسة... ليرُدّ أوباما ساخراً: "سؤال جيّد، بيل. نعم، هذا الحساب يأتي مع الإدارة"، مضيفاً: "هل تعرف أحداً مهتماً بحساب @FLOTUS؟".

وحساب FLOTUS تستعمله السيدة الأميركيّة الأولى، ميشال أوباما. وردّ أوباما بهذه الطريقة يُلمح إلى أنّ بيل كلينتون سيُصبح "السيدة الأولى" في حال أصبحت هيلاري الرئيسة الأميركيّة.

سخرية أوباما هذه، شغلت المغرّدين لوقت طويل، والذي أُعجبوا بالحسّ الفكاهي لأوباما، فحصدت تغريدته 55 ألف إعادة تغريد. والأخير الذي يعمل على تحسين صورته في هذا المجال في الفترة الأخيرة، خصوصاً بعدما حضّر فقرةً ساخرة خلال عشاء الإعلاميين في البيت الأبيض أول الشهر الحالي، حيث أحضر أوباما "مُترجم الغضب" الخاصّ به، وقدّم عرضاً كوميدياً.

كما اتصل أوباما بسيدات أميركيات سبق أن أرسلنَ له، ليُهنّأهنّ على عيد الأم. وظهر أوباما في مقابلات إعلاميّة، كان بينها مقابلته مع جيمي كيميل في مارس/آذار الماضي، حيث قرأ على الهواء "التغريدات البغيضة" التي يتلقّاها، ليُظهر "روحاً رياضيّة".

فشل إسرائيلي

"فشل إسرائيلي" هو ما عنونته الصحافة، إثر نشر وزير الزراعة والتنمية الريفيّة الإسرائيلي، يوري آريال، تغريدة وجّهها لأوباما كتب فيها: "أهلاً بكَ على "تويتر". يوم قدس سعيد! إن كنت لم تسمع، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال اليوم: "القدس لن تقسم مرّة ثانية. نحن نبني في كل مكان حول المدينة".

آريال، هو عضو في حزب "البيت اليهودي". واعتبر موقع "فوروورد" أنّ مهاجمة باراك أوباما يبدو أنّها "الهواية الجديدة" لآريال، ما يُعدّ "فشلاً ذريعاً على وسائل التواصل"، كما قال الموقع. وأضاف: "يبدو أنّ المسؤولين في الحكومة الإسرائيليّة يُريدون هدم العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركيّة.. أكثر ممّا هي مُتعثّرة".

من جهته، كتب موقع "جورازاليم بوست" عن الموضوع، فاعتبر أنّ ما قام به آريال يُعدّ "ترحيباً فظاً بأوباما". كما أشار الموقع إلى أنّ تغريدة آريال لاقت ردود فعلٍ غاضبة من قبل مغرّدين إسرائيليين.

أما زوجة سيلفان شالوم، وزير الداخليّة الإسرائيلي، جودي نير موزيس، فقد ردّت على أوباما، بتغريدة أرادت فيها الترحيب به.. لكنّ الأخطاء اللغويّة حالت دون ذلك. فبدل أن تكتب "نتمنى أن تُغرّد من قلب أوباما لا من عقل الرئيس الأميركي"، كتبت: "نتمنى أن تُغرد من جرح أوباما لا من رأس الرئيس". وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى الأمر، ونشرت تعليقات المستخدمين على تغريدة موزيس.


العنصريّة تُلاحقه

"التغريدة الحدث"، ردّ عليها مستخدمون كُثُر. فمنهم من رحّب بأوباما، ومنهم من شتمه، ومنهم من عبّر عن إعجابه بروحه المرحة... لكنّ آخرين، نشروا عُنصريّتهم على مواقع التواصل، بسبب بشرة أوباما السوداء.

هكذا، انتشرت كلمة "زنجي" على "تويتر" رداً على تغريدة أوباما. فكتب أحدهم: "أهلا بك في "تويتر" أيها الزنجي". وقال آخر: "رحّلوه!". وسأله آخر: "إذا كنت ذكياً إلى هذه الدرجة لماذا لا نستطيع أن نرى درجاتك الجامعيّة؟". وكتب حساب آخر: "كثر يشنّون هجمات عليّ بسبب وصفي لأوباما بأنّه "زنجي يتأرجح على شجرة".


السخرية حاضرة أيضاً

على الجانب الآخر، عبّر مستخدمون عن استغرابهم لاختيار أوباما لاسم الاستخدام (POTUS) فالاسم هو اختصار للأحرف الأولى من: President Of The United States. لكن من يقرأ الاسم (handle) لا يفهم ذلك سريعاً، ما كان محطّ تعليقاتٍ عدّة من المستخدمين. وكتبت راي إيرل: "أخذ الموضوع منّي 5 دقائق حتى فهمت اسم الاستخدام هذا". وتوحّدت تغريدات آخرين حيث كتبوا: "لماذا يستخدم أوباما هذا الاسم؟ إنه مضحك جداً".

لكنّ حظر أوباما لحساب Meninist والذي يتعمّد السخرية من الإناث والردّ على النسويّة (feminism)، أحدث ضجّة أيضاً. ما اعتبره البعض خطوةً ذكيّة وجريئة من أوباما، بينما فسّرها آخرون على أنّها دعم للنساء حول العالم.


الصحافة "مبهورة"

على الجانب الآخر من القضيّة، بدت الصحافة "مبهورةً" و"مندهشة" لأداء أوباما على "تويتر". فكان حساب أوباما الجديد بمثابة الشغل الشاغل للصحافة حول العالم، بما فيها المواقع والصحف الأميركيّة والأوروبيّة والعربيّة أيضاً. وكتب موقع "صالون" عن العنصريّة التي ووجه بها أوباما على "تويتر".

كما كتب عن الموضوع موقع "i100" التابع لصحيفة "الإندبندنت"، بالإضافة إلى صحيفة "واشنطن بوست" التي أشارت إلى أنّ أوّل حساب وصف أوباما بـ "الزنجي"، وتمنّى له أن يُصاب بمرض السرطان قد أوقف من قبل إدارة "تويتر".

وكتبت "الإندبندنت" عن سخرية أوباما وبيل كلينتون، بينما ركّز "بوليتيكو" على الرقم القياسي الذي حقّقه أوباما، وهو ما فعلته مجلّة "فوربرز"، التي أعدّت رسماً بيانياً توضيحياً لأداء أوباما على "تويتر" خلال 24 ساعة.

وكانت صحيفة "هافينغتون بوست" الحاضر الأبرز على الساحة، حيث أعدّت مواد عن كُلّ خطوة قام بها أوباما على "تويتر". وكتبت الصحيفة مقالاً بعنوان: "الآن بعدما أنشأ أوباما حساباً شخصياً، عليه إغلاقه"، مشيرةً إلى أنّ "تويتر" هو المكان الذي يتحوّل كُلّ شيء فيه ليُصبح سياسياً، بالإضافة إلى أسباب أخرى ذكرتها الصحيفة.


خطر أمني؟

قد يبدو للبعض دخول أوباما عبر حساب شخصي إلى "تويتر" غريباً بعض الشيء، إذ إنّ الأخير أقرّ في مقابلته مع كيميل أنّه "ممنوع من استعمال الهواتف الذكية أو استعمال حسابه على "تويتر" بسبب الأمن".

كما يأتي دخول أوباما بعد تعرّض أجهزة كمبيوتر البيت الأبيض لمحاولات اختراق عدّة، كان الداعم الرئيسي لها أنّ أوباما يُظهر أجهزة الكمبيوتر ونوع هاتفه الذكي في صوره، ما يُمكّن القراصنة من تقليص بنك أهدافهم والتركيز على ما يستعمله أوباما لاختراق البيت الأبيض، وقد نشر القراصنة رسائل تهديد لعائلة أوباما أيضاً خلال هذه الهجمات.

وكان ميكو هيبونين، وهو أحد أبرز المتخصّصين في الأمن الإلكتروني حول العالم، ويرأس الأبحاث في F-Secure، قد أشار إلى هذه النقطة خلال حديثه عن الأمن الإلكتروني العالمي وما تعرفه مواقع التواصل عن المستخدمين في مؤتمر re:publica في ألمانيا.

وتعرّضت حسابات تابعة للإدارة الأميركيّة لهجمات إلكترونيّة عدّة، شملت البيت الأبيض، والخارجية الأميركيّة وحتى الجيش الأميركي، ما دفع أوباما لإصدار قانون جمهوري ينصّ على معاقبة أي قرصان يُهاجم حسابات خاصّة بالإدارة الأميركيّة، إن كان أميركيّاً او أجنبياً، وملاحقته وإيقاف حساباته المصرفية وغيرها.

المساهمون