السعودية وإيران.. والحرب الإعلامية الطاحنة

السعودية وإيران.. والحرب الإعلامية الطاحنة

15 ابريل 2015
الحرب بين القراصنة انطلقت قبل أيام (Getty)
+ الخط -
انتقلت الحرب بين السعودية وإيران إلى مستواها الثاني: الحرب الإعلامية والإلكترونية. حرب طاحنة تدور يومياتها على شاشات التلفزيون وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
مع انطلاق الضربات الأولى لـ"عاصفة الحزم"، في السادس والعشرين من مارس/آذار الماضي، اصطفّ الإعلام بحسب اصطفاف الدول التي يتبع لها، وسرعان ما تحوّل الخطاب الإعلامي إلى اتهامات متبادلة. لكن في الأيام الأخيرة، انتقلت المعركة من انقسام طبيعي، إلى مرحلة التصعيد الكبير.


الحرب الإلكترونية

منذ اليوم الأول لانطلاق عمليات "عاصفة الحزم"، انطلقت الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي، وبُثّت أخبار زائفة عن المعارك والأوضاع هناك من الطرفين. ووصلت الحرب إلى حفلات شتائم على مواقع التواصل الاجتماعي، كان آخرها دعوات الحوثيين لـ"إعدام مؤيدي عاصفة الحزم" عبر صفحة "شباب الصمود" التابعة لهم على موقع "فيسبوك".

وقد تحوّلت الحرب الإلكترونيّة هذا الأسبوع إلى مستوى آخر، حيث دخلت القرصنة على
الخطّ. بعد القرصنة الذي تعرّض لها موقع قناة "المسيرة" الأسبوع الماضي وتوقّفه عن العمل، أُعيد العمل به ليل أمس. وأعلن قراصنة سعوديّون، يُطلقون على أنفسهم اسم Cyber Emotion، عن انطلاق "عاصفة حزم إلكترونيّة"، فشنّوا هجمات على حسابات قناة "العالم" على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم السبت الماضي، ونشروا خبراً عن مقتل زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، لتنفي القناة بعد ذلك الخبر.

وفي ما يبدو رداً من القراصنة المؤيدين لإيران، تعرّض موقع صحيفة "الحياة" لهجوم إلكتروني، مساء الإثنين، ما أدى إلى توقفّه تماماً، من دون أن تستطيع الصحيفة إعادة موقعها بسرعة، لتستعيد السيطرة وتعود إلى العمل بعد 26 ساعة من الاختراق. وبحسب عاملين في موقع "الحياة"، فإنّ الهجمات على الموقع استمرّت حتى بعد معاودته العمل ليل أمس الثلاثاء.

وتُطلق مجموعة القراصنة التي هاجمت الصحيفة على نفسها اسم Yemen Cyber Army، ونشرت في صورة على خلفية سوداء، علم السعودية في أعلى الشاشة، وصورة الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصرالله، بالإضافة إلى شعار "أنصار الله" (الحوثيين). وتوجّه القراصنة برسالة باللغة الإنجليزيّة إلى السعودية، وكتبوا باللغة العربيّة: "بكلمتين، جهّزوا ملاجئكم". وعلى الفور، مسحت الصحيفة الرسالة التي بثّها القراصنة، لتحلّ محلّها: "الموقع قيد الصيانة لمواجهة قرصنة يتعرّض لها".

وقال إبراهيم بادي، رئيس تحرير موقع صحيفة "الحياة"، في اتصال هاتفي مع وكالة "رويترز": "إنها هجمة قرصنة واضحة... لكن قوية بعض الشيء. ويبدو أن القراصنة
محترفون جداً". وأضاف: "استطعنا استعادة السيطرة على موقعنا بشكل سريع، ومحونا الصور التي وضعوها على الموقع، كما استعدنا الملفات التي حاولوا محوها". ورفضت إدارة الصحيفة اتهام أي جهة بالهجوم، مؤكدة أنها "ستعود للقراء في أقرب وقت"، وفق بادي.

وتعرّضت حسابات تابعة للحكومة السعوديّة على مواقع التواصل الاجتماعي لحملات قرصنة كبيرة في السابق. وعن "عاصفة الحزم" الإلكترونية التي أطلقها قراصنة سعوديون، قال مؤسس موقع "عالم التقنية"، سعود الهواوي، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما قام به بعض القراصنة الشباب غير مقبول وخطير، ويهدد المصالح السعودية بشكل كبير". وأضاف: "ما دامت هذه الاختراقات لا تتم بشكل رسمي، فهي خطرة، لأنها ستنعكس علينا في ما بعد، فالقراصنة الإيرانيون لن يقفوا مكتوفي الأيدي وسيردون بالمثل، وستكون هناك حملة مرتدة علينا، وهذا قد يؤثر على المواقع الرسمية والحكومية في الدرجة الأولى".

وشدد الهواوي على أنّ "المشكلة تكمن في أنّ غالبية المواقع الحكومية السعودية ضعيفة الحماية
ولا تحتمل مثل هذه الحرب"، وأضاف: "يجب ألا نصل إلى هذه المرحلة، فمواقعنا الإلكترونية في الغالب ضعيفة الحماية، وتعاني من مشاكل كبيرة في هذا الجانب، وشاهدنا أكثر من مرة كيف نجح قراصنة هواة في اختراق مواقع مهمة، كان آخرها اختراق موقع وزارة التعليم على يد شاب سعودي، وبالتالي قد نجد أنفسنا وسط حرب نحن غير مستعدين لها".

ويُعتبر القراصنة الصينيّون والروس والإيرانيّون من أهمّ القراصنة حول العالم. وذكرت دراسة نشرتها مجموعة "سيلانس" الأميركيّة لأمن المعلوماتيّة أنّ قوّة القراصنة الإيرانيين تزداد. وحذّرت الشركة من أنّ قدرات إيران في مجال الحرب الإلكترونيّة تزداد وتتطوّر، موضحةً أنّ "هناك تزايداً متسارعاً في احتمال وقوع هجوم يمكن أن يؤثر على العالم المادي". وتمكّن القراصنة الإيرانيّون، بحسب الدراسة التي نُشرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، من شنّ هجمات على حكومات وشركات في الولايات المتحدة والصين وفرنسا، بالإضافة إلى حملة تسلل ومراقبة كبرى في السعودية وإسرائيل وألمانيا والهند وكوريا الجنوبية وباكستان. واستهدفت الهجمات شركات القطاع العسكري والنفطي، فضلاً عن بنى تحتية استراتيجية.

إقرأ أيضاً: قطع الإنترنت في اليمن يحجبه عن العالم

الحرب الإعلامية

أما على الشاشات، فتواصل قناة "العالم" الإيرانية، الناطقة باللغة العربيّة، ومعها قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله" اللبناني وقناة "الميادين" الفضائيّة المؤيدة لما يعرف بحلف الممانعة، بالإضافة إلى قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، بثّ أخبار من وجهة نظرها السياسيّة، كانت قناة
"العربيّة" هي الأبرز في الجهة المقابلة. ووقعت القنوات المؤيّدة لإيران في محظور نشر شائعات إعلاميّة، أطلقها الحوثيّون. فتحدّثت عن إسقاط طائرة سودانيّة، ما قوبل بنفي رسمي.

إلى ذلك، تحدث هذا الإعلام عن تقدّم الحوثيين إلى الحدود السعوديّة. ووصل الإعلام المناصر للحوثيين في حرب الشائعات إلى الحديث عن مواجهات تدور داخل السعوديّة نفسها، وعن خلافات داخل العائلة الحاكمة. ونشر الحوثيون صوراً مفبركة كثيرة، كان بينها صور للقصف الإسرائيلي لغزّة الصيف الماضي، قالوا إنّها غارات لتحالف "عاصفة الحزم".

كما نُشرت صور لحادثة انفجار شاحنة غاز في السعوديّة عام 2012، قالوا إنّها لقصفهم منطقة جازان السعوديّة بقذائف. وبثّ الحوثيون أخباراً كاذبة كثيرة، كان آخرها ما أعلنه القيادي الحوثي محمد البخيتي على حسابه على "فيسبوك"، عن "قتل وأسر 40 جندياً مصرياً تقدموا إلى عدن"، بينما لم تُشارك مصر رسمياً في قوات التحالف، رغم الحديث عن الموضوع.

ونشرت قناة "العربية" صور رتل من الدبابات وأمامها عدد من القتلى، مشيرةً إلى أنهم من الحوثيين، بينما كانت الصورة للجيش العراقي في حرب الخليج. وأعلنت القناة عن "قطع التحالف طريق صعدة- عدن في تشديد على الحوثيين"، ليتبيّن أنّ هذا الطريق غير موجود أساساً.

وفي إطار الحرب نفسها، اشترت قناة "العربية" حقوق بثّ برنامج DNA للإعلامي اللبناني نديم قطيش. البرنامج الذي تعرضه قناة "المستقبل" (تابعة لتيار "المستقبل" الذي يرأسه سعد الحريري، حليف السعودية الأول في لبنان)، اشتهر بانتقاده اللاذع لخطابات وممارسات "حزب الله" في لبنان والمنطقة.


إقرأ أيضاً: آلة الإعلام الحوثية: "حزب الله" مرّ من هنا

المساهمون