سورية تزاحم أوكرانيا في المشهد الإعلامي الروسي

سورية تزاحم أوكرانيا في المشهد الإعلامي الروسي

11 أكتوبر 2015
(الأناضول)
+ الخط -
على مدى فترة تقارب عاماً ونصف العام، تصدرت الأحداث في أوكرانيا المشهد الإعلامي الروسي. وكانت المواجهات في منطقة دونباس، الواقعة في شرق أوكرانيا، والموالية لروسيا، محور النشرات والتقارير والبرامج السياسية على قنوات التلفزيون الروسي.

لكن بعد التهدئة في دونباس وبداية التدخل الروسي في سورية في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، باتت العملية الجوية الروسية في هذا البلد تنال الحصة الأكبر من النشرات الإخبارية للقنوات الروسية. وانتقل المراسلون الحربيون من أوكرانيا إلى سورية لتغطية عمليات الجيش السوري.

وفي ثاني أيام العملية، بثت قناة "روسيا-1"، حلقة خاصة لبرنامج "المساء مع فلاديمير سولوفيوف" الذي يعتبر من أكثر البرامج السياسية مشاهدة في روسيا. واستهل سولوفيوف الحلقة قائلا إن نتائج الضربات الدقيقة، التي تشنها القوات الروسية على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال يومين فقط، تفوق نتائج غارات الولايات المتحدة وقوات التحالف خلال عام.

يشدد الخطاب الإعلامي في روسيا على أن العملية في سورية ترمي إلى مكافحة الإرهاب، الذي قد يهدد روسيا، ويجري تنفيذها وفقا للقانون الدولي وبطلب من الرئيس الشرعي، بشار الأسد، في حين تشن قوات التحالف الدولي غاراتها من دون التنسيق مع الحكومة السورية.
ولم تقتصر الضجة الإعلامية حول العملية في سورية، على وسائل الإعلام الرسمية التقليدية، بل شملت أيضا مواقع الإنترنت. وازداد نشاط صفحة وزارة الدفاع الروسية على موقع "يوتيوب" بشكل غير مسبوق، حيث باتت الوزارة تبث مقاطع فيديو لضرب أهداف في سورية، تحصد مئات الآلاف بل ملايين المشاهدات.

وحصد أول فيديو بثته صفحة وزارة الدفاع يوم بدء العملية، بعنوان "الغارات الجوية على مواقع لتنظيم داعش الإرهابي"، أكثر من 4.6 ملايين مشاهدة.



ويزاحمه فيديو إطلاق الصواريخ المجنحة على أهداف في سورية، من حوض بحر قزوين في 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث بلغ عدد المشاهدات نفس الرقم تقريبًا في ظرف يومين. وطوّرت الصفحة من أسلوبها هذه المرة، إذ تضمن المقطع رسومات الغرافيك لخط تحليق الصواريخ قبل إصابة الأهداف. وأثارت مقاطع فيديو وزارة الدفاع آلاف التعليقات، وجاءت الأغلبية الساحقة منها مؤيدة للتدخل الروسي في سورية.



إلا أن وسائل الإعلام الروسية ذات توجهات ليبرالية تعرض وجهات نظر أخرى أيضا. وتعتبر إذاعة "إيخو موسكفي" ("صدى موسكو") المحطة الليبرالية الوحيدة، التي حققت انتشارا واسعا، حيث يقدر جمهورها اليومي في العاصمة الروسية بنحو مليون شخص.

وأذاعت المحطة يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول، على سبيل المثال، مقابلة مع دميتري غودكوف، النائب المستقل بمجلس "الدوما"، مجلس النواب الروسي، انتقد فيها برنامج ترشيد النفقات في قطاع الصحة وقدر تكلفة إطلاق الصواريخ بشكل استعراضي من بحر قزوين بـ169 مليون دولار. ويقول غودكوف: "كان يمكن استثمار هذه الأموال لبناء أكثر من 30 مستشفى حديثا وتجهيزها".

وحذر رئيس تحرير "صدى موسكو"، أليكسي فينيديكتوف، في مدونته على موقع المحطة من توغل روسيا في حرب متكاملة في سورية، على غرار الولايات المتحدة في فيتنام في الستينيات من القرن الماضي. لكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن شركة "غازبروم ميديا" التابعة لعملاق الغاز الروسي "غازبروم"، تملك نحو ثلثي أسهم "صدى موسكو"، فمن المؤكد أن كل ما تقدمه المحطة يذاع بموافقة ضمنية من الدولة.

هناك أيضا عدد من الصحف الليبرالية تصدر في روسيا، ويشكك كتابها في وجود مصلحة لروسيا جراء تدخلها في سورية. وتقول الكاتبة يوليا لاتينينا في مقال بعنوان "سيتخلى عنا الجميع"، نشر بصحيفة "نوفايا غازيتا" المعارضة بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الأول: "كان الاتحاد السوفييتي أيضا يحب دعم الطغاة في الشرق الأوسط وتمويلهم وتسليحهم وإرسال مستشارين عسكريين إليهم. لم يفوت أي من هؤلاء الطغاة الفرصة للتخلي عن الاتحاد السوفييتي". وبلغت عدد قراءات المقال قرابة 160 ألفا.

وعلى الرغم من هذا الرقم، إلا أن جمهور الصحف الليبرالية في روسيا يبقى محدودا، ويقدر عدد الزيارات لمواقعها بمئات الآلاف يوميا، وفق عدادات موقع "ميل.رو". يعني ذلك أن القنوات الرسمية، التي يتابعها ملايين المشاهدين، تلعب الدور الأساسي في تشكيل الرأي العام الروسي. وأظهر استطلاع أجراه "المركز الروسي لدراسة الرأي العام" أن 66% من المستطلعة آراؤهم يؤيدون قرار الرئيس، فلاديمير بوتين، إرسال الطيران الحربي الروسي إلى سورية لشن ضربات على "داعش".


اقرأ أيضاً: إعلام دول الشمال الأوروبي: روسيا تستهدف المدنيين في سورية

المساهمون