الصحافة السودانية تفضح الفساد.. والحكومة تردّ بايقاف الصحف

الصحافة السودانية تفضح الفساد.. والحكومة تردّ بايقاف الصحف

24 مايو 2014
+ الخط -
شهدت مصادرة صحيفة "الصيحة" اليومية السياسية اخيرا، تصعيدا على مستوى الرسمي، فقد علق جهاز الامن السوداني صدورها لأجل غير مسمى. وتأتي الخطوة بعد أقل من تسعة أسابيع لاعلان الرئيس عمر البشير إطلاق الحريات الصحفية ووقف كافة اشكال الرقابة التي ظل يمارسها جهاز الامن على الصحافة بشكل يومي على فترات متفاوته طيلة عمر النظام الحالي في الخرطوم.

وأطلق هذا القرار، اضافة للاعلان الرئاسي الذي حمل تحذيراً شديد اللهجة لوسائل الاعلام من تناول القضايا المتعلقة بالامن القومي والشؤون العسكرية والعدلية وعدّها خطاً أحمر، صورة قاتمة لواقع ومصير الصحافة السودانية بعد الانفراج النسبي في الحريات الذي شهدته الاسابيع الماضية.

وقال عميد الصحافة السودانية محجوب محمد صالح، الذي عاصر كافة الحكومات التي مرت على البلاد منذ الاستقلال، إن "النظام الحالي يعدّ الاسوأ على الصحافة السودانية في قمعه للحريات".

من جهتها، وصفت "شبكة الصحفيين السودانيين" المناوئة لاتحاد الصحافيين، المناخ الحالي للصحافة في الخرطوم بـ"المنكوب". ووجهت الشبكة انتقادا للبيان الرئاسي، وعدّت ذلك دليلا على زيف خطاب السلطة الخاص بإطلاق الحريات الصحفية.

جهاز الامن في بيانه برر إيقاف جريدة "الصيحة" عن الصدور بـ"تجاوزات الصحيفة في الدفع باتهامات وتجريم بالشبهات، من دون الاستقصاء المهني الذي يؤكد أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته". واضاف البيان أنه "لا نكوص عن الحريات التي اطلقها الرئيس البشير".

اسكات منتقدي الفساد

صحيفة "الصيحة"، التي يملكها خال الرئيس البشير لم يمض على صدورها سوى ثلاثة أشهر، وحملت على عاتقها منذ أعدادها الاولى نشر قضايا تتعلق بالفساد في اجهزة الدولة. وظهرت عناوين عن فساد موظفين داخل مكتب والي الخرطوم، كذلك فعلت صحف اخرى وأثارت الرأي العام، لا سيما بعد أن قررت لجنة التحقيق مع هذين الشخصين، الاكتفاء بقرار "التحلل" من المال العام الذي استوليا عليه، "اي اعادته "، وترك لولاية الخرطوم الحق في إعادتهما للعمل.

بناء عليه، قادت الصحافة السودانية حملة قوية أجبرت معها وزارة العدل على إحالة القضية للتحقيق الجنائي ورفعها الى المحكمة. كما فجرت "الصيحة" بجانب عدد من الصحف اليومية قضية فساد وكيل وزير العدل، وكشفت عن مستندات تثبت امتلاكه اراض بدون وجه حق، الامر الذي كان الوكيل قد نفاه بشدة.

وقال عضو "مجلس الصحافة والمطبوعات" ورئيس تحرير صحيفة إلكترونية النور احمد النور، لـ"العربي الجديد "، إن تراجعا كبيرا في مناخ الحريات تشهده الصحافة السودانية الآن، وعزا التراجع لوجود قيادات حكومية غير مقتنعة بعملية الحوار والحريات. وأكد على أن القانون يلزم الجهاز باللجوء للقضاء وليس اتخاذ إجراءات استثنائية، واضاف "يبدو ان الحكومة في فترة الشهرين الماضيين لم تحتمل الحريات التي اطلقتها للصحف وضاقت منها، الامر الذي جعلها تتراجع عنها وهي ترى الصحف اكثر تأثيرا في الرأي العام، مقارنة بالقوى السياسية ".

المساهمون