مكرم محمد أحمد: راعي الأخلاق... والشتائم

مكرم محمد أحمد: راعي الأخلاق... والشتائم في مصر

28 مارس 2018
مكرم محمد أحمد كان نقيباً للصحافيين في عهد مبارك(فيسبوك)
+ الخط -
في مؤتمر صحافي مذاع على الهواء مباشرة، تلفّظ رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام في مصر، مكرم محمد أحمد، بلفظ بذيء، لا يختلف كثيرًا عن الألفاظ التي أوقف عدة برامج تلفزيونية كوميدية بسببها.
وقال مكرم الذي كان نقيبًا للصحافيين في عصر الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، أثناء كلمته في مؤتمر نظمته الهيئة الوطنية للصحافة حول المعايير المهنية لتغطية للانتخابات، السبت الماضي، خلال ندوة بعنوان "الصحافة والانتخابات الرئاسية، إن "جماعة الإخوان انتهت وفكرها لا يمكن أن يصلح للغد، وهي على وشك الانتهاء وتلفِظ أنفاسها الأخيرة، ومع ذلك يطلع شوية معرّ*ين وأنا متأسف لاستخدام هذا، ويقولولك نتصالح".


في 11 إبريل/نيسان 2017، أصدر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي ثلاثة قرارات جمهورية حملت أرقام 158 و159 و160 لعام 2017 بتشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث الممثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.
وتولّى مكرم محمد أحمد، منصب رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، كما تولى الكاتب الصحافي كرم جبر، رئاسة الهيئة الوطنية للصحافة، فيما تولى حسين زين، رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام.
ومنذ تقلد مكرم منصب رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام في منتصف أبريل/نيسان 2017، وهو يصدر القرارات بالمنع والحظر والتأديب، على خلفية استخدام ألفاظ "خادشة للحياء العام"، بل إنه عارض ارتداء الصحافيين للبنطلونات الجينز المقطعة، باعتبارها خارجة عن الأخلاق والذوق العام.
وهدد مكرم الصحافيين مرتدي هذه البنطلونات من منعهم من دخول النقابة، وقال "لا يمكن أن يكون صحافيًا محترمًا ويرتدي بنطلون جينز مقطعا، عيب صحافي يقابل مصدرا أو مسؤولا ببنطلون جينز". متوعدًا أن يبدأ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام العمل على دراسة كيفية الحد من تلك الظاهرة.


وفي يونيو/حزيران 2017، أصدر المجلس قرارًا بتطبيق غرامة مالية تبلغ 200 ألف جنيه على الفضائيات و100 ألف جنيه على الإذاعات في حالة استخدام لفظ بذيء في أي منها.
في التاسع من يونيو/حزيران الماضي، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، مخاطبة الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية لبدء تطبيق الكود الأخلاقي الإعلامي عند تناول القضايا الخلافية العربية.
ويتضمن "الكود الأخلاقي"، شقين، الأول، هو حق كل إعلامي في مساندة وجهة نظر بلاده بكل السبل والطرق والوسائل وبكل ما تضمنه حرية الرأي والتعبير وأن ينحاز لوجهة نظر بلده بأي وسيلة. والشق الثاني يتضمن أن يلتزم الإعلامي بألا تتضمن عباراته سبًا أو قذفًا أو تجريحًا لأشخاص وأن يكون الرأي والنقد محل الخلاف موجهًا إلى القرار محل الخلاف ولا ينسحب على شخصه.


كما كان مكرم وراء منْع ووقْف عدد كبير من البرامج التلفزيونية الكوميدية والساخرة، بدعوى استخدامها ألفاظا وإيحاءات خادشة للحياء لعلّ آخرها "أبلة فاهيتا" و"snl".  وكان آخر قرار بالإيقاف، أمس، لبرنامج "ملعب الشريف"، الذي يبث على قناة LTC، لمدة شهر، "لما بدر منه من تجاوزات في إحدى الحلقات"، بعدما استضاف مقدم البرنامج أحمد الشريف رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك،  مرتضى منصور، الذي بدوره هاجم العديد من الشخصيات بعبارات غير لائقة.

وقبل أسابيع قليلة، قرّر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقف برنامج "الوسط الفني" المذاع على قناة الحدث اليوم، لأسبوعين، لما بدر خلاله من تجاوزات أخلاقية ومهنية تسيء إلى التقاليد والأعراف والذوق العام المصري وميثاق الشرف الإعلامي، بعد عرض ملابس خاصة بإحدى الفنانات في الحلقة المذاعة السبت 2 فبراير/ شباط الماضي.




وسبق قرار وقف برنامج "أبلة فاهيتا"، طلب من المجلس الأعلى للإعلام، في خطاب رسمي، إدارة القناة، بحذف الإيحاءات الجنسية من أي حلقة خاصة بالبرنامج، ووضع اسم متقمص الشخصية تتر البرنامج، حتى يمكن محاسبته عند الخطأ.

وتزامن هذا القرار مع البلاغات والشكاوى المقدمة ضد إدارة البرنامج لما تضمنته من إيحاءات جنسية بشكل لا يليق، للجنة الشكاوى المنبثقة عن المجلس الأعلى لتنظيم، والتي كانت آخرها تلك التي تقدم به المحامي سمير صبري، في أواخر العام الماضي، ضد القائمين على برنامج الدمية الصناعية "أبلة فاهيتا" لايف من الدوبلكس المعروض على فضائية CBC، لما تقدمه من إسفاف، وألفاظ تخالف كل القيم والأخلاق المجتمعية بإيحاءات جنسية فجّة، وهو ما يؤدي إلى نشر الفجور في المجتمع، على حد وصفه، مطالبًا بسرعة التحقيق في البلاغ، وإحالة كل القائمين على البرنامج للمحاكمة الجنائية.
الواقعة نفسها تكررت مع برنامج كوميدي ساخر أيضًا وهو "SNL بالعربي" الذي كانت تعرضه قناة ON TV الفضائية المصرية الخاصة، قبل أن يصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري، قرارًا بوقفه في 11 فبراير/شباط الماضي.
وقال المجلس، في بيانه صحافي المقتضب، الخاص بوقف البرنامج، إن القرار جاء "بناءً على التحقيقات التي أجرتها لجنة الشكاوى، وبناء على تقارير لجنة الرصد والتي تؤكد أن البرنامج دأب على استخدام الألفاظ والعبارات والإيحاءات الجنسية التي لا تليق بالعرض على المشاهدين، وتخالف المعايير الأخلاقية والمهنية".

مكرم محمد أحمد (81 عاماً)، كان نقيب الصحافيين الأسبق، الذي اشتهر بكتابة خطابات الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، هو أحد الداعمين بشدة للنظام المصري الحالي، من مواليد محافظة المنوفية بدلتا مصر.
حصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة جامعة القاهرة عام 1957، وبدأ عمله الصحافي محرراً بصحيفة الأخبار ثم مديراً لمكتب الأهرام بالعاصمة السورية دمشق، ثم مراسلاً عسكرياً باليمن في عام 1967 ورئيس قسم التحقيقات الصحافية بالأهرام. وتدرج حتى وصل لمنصب مساعد رئيس التحرير ثم أصبح مديراً لتحرير الأهرام.
وفي العام 1980 شغل مكرم منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة المصور.



انتخب نقيباً للصحافيين عام 1989 واستمر لدورتين متتابعتين، حتى عام 1993.
ثم في عام 2007 خاض المعركة الانتخابية في منافسة رجائي الميرغني نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، وحصل فيها على 70% من أصوات الناخبين البالغ عددهم 3582 صحافياً مصرياً آنذاك، وظل نقيباً للصحافيين، حتى طرده من مبنى النقابة إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، عندما توجّه لنقابة الصحافيين المصرية، لتقديم واجب العزاء لزوجة الصحافي بالأهرام أحمد محمود، وأخبرها بأن النقابة ستصرف لها معاشاً استثنائياً، تفجّر غضب الصحافيين، وهتفوا "برة.. برة"، وخرج مطروداً من النقابة للمرة الثانية.

ثم ظهر مجددًا، لشق وحدة الصف النقابي، في أثناء انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين الأخيرة، حيث تشكلت ما تسمى بـ"جبهة تصحيح المسار" من مجموعة من الصحافيين المصريين برئاسته في أعقاب واقعة اقتحام وزارة الداخلية النقابة في الأول من مايو/أيار 2016 للقبض على الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا، عقدت تلك الجبهة اجتماعات بمقر جريدة الأهرام القومية، لإجهاض قرارات اجتماع الجمعية العمومية التي عقدها آلاف الصحافيين في النقابة ردا على اقتحامها.
وتولت تلك الجبهة، الدفاع عن النظام المصري ووزارة الداخلية المصرية، ضد قرارات نقابة الصحافيين آنذاك بقيادة النقيب السابق يحيى قلاش، كما أسهمت تلك الجبهة في صدور القوانين المنظمة للصحافة والإعلام على النحو المعمول به حاليًا من فرض الرقابة والوصاية والتحكم القبضة الأمنية على المنابر الإعلامية.
وبعدها مباشرة، صدر قرار تشكيل مجالس الإعلام الثلاثة، ليرأس مكرم محمد أحمد المجلس الأعلى للصحافة والإعلام.

المساهمون