الحملات النسوية: الاحتجاج في العصر الرقمي

الحملات النسوية: الاحتجاج في العصر الرقمي

21 أكتوبر 2017
تلجأ النساء إلى "تويتر" لرفع أصواتهن (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
وصلت أصداء الحملة العالمية #MeToo إلى العالم العربي، واجتاح الوسم مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما غردت النساء عبره، وأطلقن وسمَين يحاكيانه باللغة العربية: "#أنا_أيضا" و"أنا_كمان"، للحديث عن تجاربهن مع التحرش والاعتداء الجنسي.

أطلقت الممثلة الأميركية، أليسا ميلانو، الوسم، يوم الأحد في 15 أكتوبر/تشرين الأول، ودعت النساء إلى مشاركة قصص التحرش الجنسي والاعتداء والاغتصاب، لتسليط الضوء على معاناتهن، وذلك بعد انفجار فضيحة المنتج الأميركي الشهير، هارفي وينستين، في هوليوود، واتهامه من قبل أكثر من أربعين امرأة بالتحرش والاعتداء الجنسي، علماً أن صحيفة "نيويورك تايمز" ومجلة "ذا نيو يوركر" الأميركيتين كشفتا عن هذه الادعاءات أولاً.

لكن التضامن النسوي على مواقع التواصل الاجتماعي ليس مستجداً، وخاصة في العالم العربي، حيث أطلقت النساء حملات عدة سابقاً، للإضاءة على قضاياهن ومطالبهن. في تونس، أطلقت النساء، نهاية الشهر الماضي، حملة عنوانها "#المتحرش_ميركبش_معانا"، لمواجهة التحرش في وسائل النقل العمومية في البلاد، علماً أن 53.5 في المائة من أصل 3 آلاف امرأة من أنحاء تونس كافة يتعرضن للعنف في الأماكن العامة، خاصة وسائل النقل، وفقاً لـ "مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة في تونس". ولم يقتصر التفاعل على تونس، إذ شاركت مغردات من دول عربية أخرى في الحملة، للإضاءة على تجاربهن في وسائل النقل العامة، وخاصة مصر.

النساء المصريات شاركن بكثافة عبر وسم "#أنا_أيضا"، ونشرن قصصاً بشعة عن حجم ما يتعرضن له في الشارع والمنزل ومكان العمل. واللافت أن هذه الحملة العالمية تزامنت مع إطلاق وكالة "تومسون رويترز" دراسة أفادت أن القاهرة هي المدينة الأخطر على النساء، واستندت نتائج الدراسة التي أُجريت بين الأول من يونيو/حزيران و28 يوليو/تموز الماضيين، إلى آراء 380 خبيراً في قضايا المرأة من أكاديميين وعاملين صحيين ومنظمات غير حكومية وصنّاع السياسات ومتخصصين في التنمية والخدمة الاجتماعية، في 19 مدينة ضخمة.

وتركزت المحاور على مدى حماية النساء من العنف الجنسي، ومن الممارسات الثقافية الضارة، وإمكانية حصولهن على الرعاية الصحية الجيدة والتمويل والتعليم. وقد أطلقن وسم "#أول_محاوله_تحرش_كان_عمري"، في مايو/أيار الماضي، وشاركن عبره تجربتهن مع التحرش في المجتمع المصري.

في لبنان، نظمت النساء حملات عدة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بينها "#الأبيض_ما_بيغطي_الاغتصاب" و"#إلغاء_المادة522"، للمطالبة بإلغاء "المادة 522" من قانون العقوبات اللبناني التي تعفي المغتصب من الملاحقة القانونية، في حال تزوج ضحيته. وأطلقن سابقاً حملة "#مش_بسيطة" للتوعية حول التحرش الجنسي.

ولم تغب نساء فلسطين عن هذه الحملات، إذ أطلقن وسم "#أسماؤنا_ليست_عورة"، في أغسطس/آب عام 2016، بعدما استبدلت شعارات مستخدمة في الانتخابات أسماء المرشحات بكلمة "أخت فلان" أو "أم فلان"، أو الاكتفاء بالأحرف الأولى من أسمائهن.

في المملكة العربية السعودية تبرز قضايا النساء بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لجأت السعوديات إلى موقع "تويتر" لرفع أصواتهن والمطالبة بحقوقهن، وبينها الحق في قيادة السيارة، مع العلم أن قراراً صدر أخيراً بالسماح للنساء بالحصول على رخصة قيادة اعتباراً من شهر يونيو/حزيران 2018. حملات النساء هناك لم تقتصر على قيادة السيارة، إذ طالبن بإسقاط ولاية الرجال على النساء، عبر "#سعوديات_نطالب_بإسقاط_الولاية" و"#أنا_متضررة_من_ولي_الأمر"، وطالبن بحرية اللباس أيضاً، عبر وسم "#النقاب_لايمثلني".

لكن الجدل الحقيقي فعلاً حول هذه التحركات النسوية على الموقع يركز على مدى جدواها وقدرتها على التأثير فعلاً على أرض الواقع، وتتباين الآراء إزاء هذا الأمر. بعد المسيرات النسائية في العاصمة الأميركية واشنطن، في يناير/كانون الثاني الماضي، اعتبرت الكاتبة في مجلة "وايرد" الأميركية، إيسي لابوسكي، أن هذه الاحتجاجات "واسعة الانتشار ومتنوعة، تماماً مثل المنصة التي ولدت عليها: فيسبوك"، معتبرة الموقع الذي يضمّ أكثر من مليار مستخدم حول العالم "مذهلاً في حجمه ونوعيته". كما وصفت "فيسبوك" بـ "ساحة العالم"، وأكدت على دوره في تنظيم النساء وتشجيعهن على التظاهر.

إلا أن البروفيسورة المساعدة في جامعة "يال"، مولي كروكت، نشرت دراسة جديدة موضوعها "الغضب الأخلاقي في العصر الرقمي"، وأشارت إلى أن التقنيات الرقمية الجديدة قد تغير طريقة تعبيرنا عن الغضب، وتقلل من أفعالنا للتغيير على أرض الواقع، معتبرة أن الشعور بالغضب لا يعد كونه مسايرة لـ "الموضة"، من دون شعور المستخدم فعلاً بأي شيء، بل ما يدفعه هو رغبته بالمشاركة و"سمعته" على الموقع.