في شهر منع الانتحار... منتحر مصري كل 24 ساعة

في شهر منع الانتحار... منتحر مصري كل 24 ساعة

11 سبتمبر 2017
(في القاهرة، تصوير: جوليان لوف)
+ الخط -

تصويتٌ أجراه شاب مصري منذ أيّام على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، لاختيار الطريقة الأمثل للانتحار. لكنّ متابعيه تفاعلوا معه كمزحة، لأنها لم تكن المرّة الأولي التي يتحدّث فيها على صفحاته عن الانتحار بطرق تبدو كوميدية. ولم تمر سوى ساعات حتى أعلن أحد أصدقائه انتحاره بالفعل.

لم تكن حالة شريف قمر الوحيدة، فخلال ستة أيّام فقط انتحر ستة مصريين في شهر "منع الانتحار"، بعد أن اعتمدت منظمة الصحّة العالمية 10 سبتمبر/أيلول منذ عام 2003 "اليوم العالمي لمنع الانتحار"، للعمل على إثناء من يفكّر في الانتحار، والدعوة إلى دقيقة للتفكير في الألم والمعاناة التي يشعر بها كل شخص واقع تحت تأثير الرغبة في الانتحار.

دقيقة واحدة
"دقيقة من وقتك يمكن أن تغيّر حياة" شعار اعتمدته المنظمة هذا العام، وذكرت في تقريرها الصادر منذ أيّام أن مسببات الانتحار تختلف من حالة لأخري، ما بين الاضطراب النفسي والإحساس بالفشل والشعور بالوحدة والعزلة أو المرض والإحساس بالاضطهاد وضغوط الحياة.

الأمر انطبق على الحالات التي انتحرت في مصر، منذ بداية سبتمبر/أيلول الجاري، وفق تقارير الطب الشرعي التي ذكرت انتحار شاب في محافظة المنيا بإلقاء نفسه في نهر النيل نتيجة لخلافات عائلية، فيما أطلق شاب النار على نفسه لمروره بحالة اكتئاب، وشنق آخر نفسه في محافظة الدقهلية لرفض الفتيات الزواج منه، وشنق موظف نفسه لظروفه الاقتصادية.

ما بين 17 و40 عامًا، تراوحت أعمار من يُقدِمون على الانتحار في الوطن العربي، وفق تقرير منظمة الصحة العالمية. أكثر من 69% منهم كانت لديهم ضغوط اقتصادية قاسية، تصدرت دولة السودان القائمة، تليها كل من المغرب، قطر، اليمن، الإمارات، موريتانيا، تونس، الأردن، الجزائر، ليبيا، مصر، العراق، عمان، لبنان، سورية، السعودية.

"800 ألف حالة انتحار كل عام، أي حالة واحدة كل 40 ثانية، ليصبح الانتحار السبب الثاني لوفاة الشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 29 عامًا"، يضيف التقرير.


في مصر العدد يزداد
في يناير/كانون الثاني 2010 نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا بعنوان "موت مكتوم على ضفاف النيل"، بعد انتحار سمير عسر (32 عامًا)، لعجزه عن توفير حياة لائقة لزوجته ووالديه، وعجزه عن إيجاد وظيفة ثابتة، فقام بشنق نفسه.

في اليوم نفسه، ذكرت الجرائد حالتي انتحار لشخصين آخرين، أحدهما انتحر من فوق أحد أسطح المباني بسبب عدم تجاوز دخله 400 جنيه شهريًا ولديه 5 أطفال، والآخر شنق نفسه لعدم تمكّنه من توفير شقة للزوجية.

التقرير ذكر أرقامًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع عدد المنتحرين في مصر من 1160 شخصًا عام 2005 إلى 3700 في 2007، ووصل إلى 4200 في 2008.

"مصر في أرقام"، كان ذلك تقرير للجهاز المركزي للتعبئة الصادر عقب ثورة 25 يناير، قال إن مصر في 2009 شهدت 104 آلاف محاولة انتحار، نجح منها 5 آلاف حالة. وفي 2010 بلغت حالات الانتحار 5 من بين كل 1000 مواطن. وفي 2011 حاول 400 ألف شخص إنهاء حياتهم. وبحلول 2016 كانت مصر تحتل المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار، وفقًا لإحصائية منظمة الصحة العالمية.

خلال الفترة الأخيرة، شهدت مصر عددًا من حالات الانتحار لطلاب الثانوية العامة كان محمود مهدي 19 عامًا أحدهم، حين أقبل على شنق نفسه داخل دورة المياه تاركًا خطابًا بخط يده يذكر فيه أنه أقدم على الانتحار لسوء معاملة والده له وخوفه من الرسوب بعد أن فشل في الإجابة بشكل جيّد في الامتحانات.

وبسبب صعوبة أسئلة مادة الفيزياء أقدمت هبة علي إنهاء حياتها داخل النيل، بسبب شعورها أنها لن تتمكّن من الالتحاق بالكلية التي تريدها، وفي اليوم نفسه نشرت وسائل الإعلام 3 محاولات أخرى للانتحار، أحدهم بمحاولة القفز من غرفة الامتحان، وحاولت طالبة إلقاء نفسها من شرفة الغرفة بعد إصابتها بحالة هستيرية وتم نقلها للمستشفى.


انتحار الأطفال
المؤسّسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة في تقريرها "دقوا ناقوس الخطر" وثقت 44 حالة انتحار للأطفال في 2015، مشيرةً إلى أن نسبة الذكور تجاوزت الإناث وسجلت الفئة العمرية من 16 إلى 18 عامًا أعلى عدد حالات انتحار، بواقع 25 حالة، تليها الفئة العمرية من 11 إلى 15 عاماً، بواقع 17 حالة، بحسب المؤسّسة.

170 حالة انتحار أخرى في نفس العام وثقتها التنسيقية المصرية للحقوق والحريّات، كان الشباب أصحاب النسبة الأكبر فيها بـ89 حالة، وخلال النصف الأوّل من عام 2015 وثقت مبادرة دفتر أحوال 164 حالة.

المساهمون