أجنبيات على قائمة زواج السوريين: تنازلات لا داعي لها

أجنبيات على قائمة زواج السوريين: تنازلات لا داعي لها

10 اغسطس 2017
(في إحدى مخيّمات اللاجئين السوريين، تصوير: صافين حامد)
+ الخط -
تعتبر الجنسية السورية من "أسوأ" الجنسيات حول العالم، حيث لا تُمكّن حاملها من السفر سوى لتسع وعشرين دولة فقط من دون الحاجة إلى تأشيرة، بالإضافة لصعوبة حصول حامليها على "فيزا" لمعظم الدول في القارتين الأميركية والأوروبية؛ وذلك ما دفع نسبة كبيرة من السوريين للتفكير بالهجرة، والسعي من أجل الحصول على جنسية أخرى، تسهّل عليهم التنقّلات والسفر.

وللحصول على جنسية أخرى، فهناك عدّة طرق قد يتبعها السوريون، فبعضهم يلجأ لدفع الأموال لشراء الجنسية من الدول التي تبيع جنسياتها، مثل الدومينيكان وتشيلي، وتتراوح أسعار الجنسيات فيها ما بين 100 ألف دولار و300 ألف دولار؛ كما قد يلجأ الأغنياء للحصول على الجنسية عن طريق الاستثمارات الضخمة في الدول التي تمنح الجنسية لقاء استثمارات تتراوح بين 400 ألف دولار ومليوني دولار، كقبرص ومالطا وسويسرا؛ وكذلك يأمل المهاجرون غير الشرعيين في أوروبا أن يتمكّنوا من الحصول على الجنسية رغم التغييرات المستمرّة بالقوانين المتعلقة بهم، بينما لا يجد الفقراء طريقًا سوى بالحبّ والزواج لتغيير قدرهم وقيودهم.

ولكن قانون منح الجنسية يختلف من بلد لآخر، فأغلب البلدان لا تمنح الجنسية لأزواج وزوجات مواطنين إلا بشروط لا يسهل تحقيقها في بعض الأحيان؛ فمعظم البلاد العربية لا تمنح جنسيتها لأزواج مواطناتها، بينما تمنحها لزوجات مواطنيها، وأما البلدان الأوروبية التي يفضّل جنسياتها السوريون، فهي لا تميّز بين الذكور والإناث، ولكنها تضع شروطًا على أزواج وزوجات مواطنيهم قبل أن تمنحهم الجنسية، وعلى رأس هذه الشروط إتقان اللغة الرسمية للدولة، والسجل القانوني النظيف، بالإضافة للإقامة القانونية في أراضي الدولة لمدّة تتراوح بين 3 سنوات و7 سنوات حسب الدولة.

ويرى سوريون عالقون في الداخل أو بدول الجوار من الزواج بأبناء "القارة العجوز" طريقة مناسبة للسفر إليها، بدلًا من رحلة اللجوء عبر البحر، التي باتت أكثر صعوبة منذ بداية العام الماضي، هنا يقول سامر أبو رشيد، المتزوّج من فتاة ألمانية منذ ما يقارب السنتين: "كنت في لبنان أبحث عن فرصة للهرب إلى أوروبا، لم أكن أملك المال الذي يكفيني لخوض تجربة الهجرة غير الشرعية، وذلك ما دفعني للتقرّب من فتاة ألمانية كانت قد قدمت إلى لبنان بداعي السياحة، وهي تكبرني بـ 13 سنة، وعرضت عليها الزواج، وأخبرتها عن ظروفي وهي وافقت على مساعدتي. سجلنا زواجنا في السفارة، واستغرقت المعاملة ما يقارب 8 أشهر حتى تمكّنت من الحصول على "الفيزا"، والآن أنا أحاول أن أتعلّم اللغة، وأنتظر حتى تسمح لي الدولة الألمانية بالتقدّم لطلب الحصول على الجنسية"، ويضيف أبو رشيد: "إن وضعي هنا أسوأ من اللاجئين، فأنا لا أحصل على مساعدات، وأعمل بشكلٍ مستمر لتأمين مكان سكني ولقمة عيشي، وذلك ما يجعل أمر إتقان اللغة يتطلّب المزيد من الوقت".

من جهة أخرى، يلجأ بعض اللاجئين في أوروبا إلى الزواج من الأوروبيات لتسريع عملية الحصول على الجنسية، يقول فراس العلي، وهو لاجئ سوري مقيم في السويد منذ أربعة أعوام: "قبل سنتين وقعت في حب فتاة سويدية، وقرّرت الارتباط بها، وشجّعني على ذلك أغلب أصدقائي المتخوّفين من التغييرات السريعة والمستمرة لقوانين وأنظمة حياة اللاجئين هنا. والآن لم يبقَ الكثير من الوقت أمامي لأحصل على الجنسية، في حين أن معظم أصدقائي الذين سبقوني إلى أوروبا لم يحصلوا على الجنسية بعد".

ولكن يبدو أن اللاجئين السوريين في أوروبا لا يفكّرون جميعًا بالطريقة نفسها؛ ففي النمسا، التي يحتاج فيها اللاجئ للبقاء ستة أعوام متواصلة، بعد الحصول على إقامة دائمة لتقديم طلب الحصول على الجنسية، يعيش أكرم الحموي، وهو لاجئ سوري في النمسا يحمل إقامة دائمة، إذ يقول: "إن الزواج هو مجازفة في مثل حالتي، فحصولي على الجنسية بات مسألة وقت، ولكن في حال تزوّجت من فتاة نمساوية، فإن حصولي على الجنسية سيكون مقترنًا بظروف علاقتي بها، وسأكون مضطرًا لتقديم الكثير من التنازلات التي لا داعي لها، والأسوأ أن الزواج لن يعجّل كثيرًا بموضوع الحصول على الجنسية؛ كما أني أرفض هذا النوع من الزواج، لأنه يعتبر زواج مصلحة وهو لا يدوم عادةً".

من ناحية أخرى، فإن مسألة الحصول على الجنسية من خلال الزواج ليست بالأمر المضمون في الكثير من الأحيان، ففي روسيا يعيش الشاب الفلسطيني السوري حازم، وهو متزوّج من فتاة روسية منذ ما يقارب سبعة أعوام ورزق بطفلين منها، ورغم ذلك فهو لم يتمكّن من الحصول على الجنسية، رغم أن القانون الروسي ينصّ على حقّ الأجانب المتزوّجين بالمواطنين الروس بالمطالبة بالجنسية بعد مرور ثلاثة أعوام على تاريخ الزواج، ولكن حازم يقول: "بعد ثلاثة أعوام من الزواج حاولت أن أتقدّم بطلب للحصول على الجنسية، وكنت حينها أباً لطفلة روسية، ولكن السلطات الروسية أرسلت خبيرًا حينها لدراسة وضعي الأسري، ولم أتمكّن من التقدّم بطلب الحصول على الجنسية إلا بعد خمسة أعوام، وقوبل طلبي بالرفض حينها، وأعدت تقديم الطلب في بداية العام، ولكن الأمور لا تسير على ما يرام، رغم إتقاني للغة الروسية، وعدم وجود موجبات قانونية لرفض الطلب".

المساهمون