الأردن: #طريق_المطار.. سبيل الهروب من المزرعة

الأردن: #طريق_المطار.. سبيل الهروب من المزرعة

06 يوليو 2017
+ الخط -

أفرزت المعركة الكلامية، ما بين رئيس الحكومة الأردنية هاني الملقي، وشاعر القصر، حيدر محمود، كما ينعت، قبل أيام، حين اعترض الأخير، على ما سماه بـ"طرد ابنه" من وظيفته العليا، مقابل تثبيت ابن الرئيس نفسه، تعبيرات غير مسبوقة من الشارع الأردني، الذي تابع هذه "الملحمة"، وسهر على أحداثها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كان أبرزها على الإطلاق، ما سمي من قبل ناشطين ومتابعين، "صراع داخل الخلية"، أو خلاف بين أصحاب "المزرعة" على تقاسم الوظائف العليا لأبنائهم.

المواجهة، بين شاعر البلاط، الوزير والسفير وعضو مجلس الأعيان سابقًا، وبين رئيس الحكومة الملقي، كانت ملتهبة وسياسية بامتياز، وفتحت الجدل واسعًا على مناطق في النقد، داخل "رجال السلطة"، بصورة غير مسبوقة ومعهودة، نتج عنها أيضًا، موجة سخرية واسعة من قبل شباب وشابات الأردن.

وتجلت هذه الموجة الساخرة، من خلال أوسمة (هاشتاغات) إلكترونية، سرعان ما أظهرت مئات التعليقات، التي تتحدث عن "أبناء وأحفاد الحراثين، في مقابل أبناء النخب وطبقة "الكريما"، في الوقت الذي تدعي فيه حكومة الملقي، سعيها لإجراء قدر من التقليص في النفقات العامة، أو الاستجابة لدعوات الإصلاح الإداري.

#طريق_المطار، أحد تلك "الهاشتاغات" الشهيرة الآن، التي يهدف المعلقون من خلاله، إثارة جدلية "فقدان العدالة" في التعيينات، سواء العليا وحتى الدنيا، ما يجبر كثيرًا من الشباب على سلوك #طريق_المطار، بقصد الهجرة، و"ترك البلد لأبناء المسؤولين والمتنفذين"، يعبثون بمقدرات "المزرعة"، ويتقاسمون فيما بينهم ثرواتها ومناصبها، و"من لم تعجبه هذه الحياة، حياة العبيد، والعيش في مزرعة الإقطاعيين، وتحمل جلد السادة، فالمطار، سبيل خلاصه الوحيد"، وفق تعليقات على موقع فيسبوك.

وذهب ناشطون آخرون، إلى الحديث عن تلك الحملات الإعلامية، التي تقودها وسائل إعلام السلطة، أو تلك المنتفعة من الحكومة، التي تحاول دائمًا إقناع الشباب الأردني منذ المهد، على الرغم من كل المصائب والمكائد التي تحيط بالشباب، بأنهم أمل المستقبل، وعليهم أن يتجملوا بالصبر، وألا يفقدوا وقود الطموح، حتى يصلوا، مستقبلا، لأهدافهم، ويحفرون في أذهانهم، جملة الأمثال والحكم، التي تهدف لإسكاتهم، وفرض هيمنة السلطة عليهم، من مثل، "من جد وجد.. ومن طلب العلا سهر الليالي".. لتنقضي الليالي، ويكبر الشباب، مكتشفين مقدار حمقهم و"هبلهم".

"يبرمجونك.. لتظل مقتنعًا بفكرة تسمى الطموح، على أمل ولا أمل.. لتفاجأ بعد مشيب شعرك، وانحناء ظهرك، أن المناصب والمراتب والرواتب، كانت مقسمة وموزعة سلفا، مورثة سلفا، وأن حرث عمرك كله وشقاه.. جناه غيرك من أبناء الذوات الملاعين، دون قطرة عرق واحدة"، وفق تعبير أحدهم، معلقًا على وسم #طريق_المطار.

لم ترحم التعليقات، التي أطلقها الناشطون والمتفاعلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبناء الوزراء والنواب والأعيان، والمتنفذين، فمن جملة ذلك، الحديث عن نشأة هؤلاء الأولاد، وهم يعلمون أن المناصب التي يحتلها آباؤهم، هي لهم، فهو "الرئيس القادم، خلفا لدولة أبيه.. وابن الوزير، حتى لو كان أحمق، يعلم انه الوزير اللاحق، خلفا لمعالي المرحوم أبيه.. وابن السفير سفيرا، وابن النائب نائبا، ونجل عطوفة المدير العام، مديرا على أبناء الحراثين في الإقطاعية".

حقيقة القول، يبدو أن خيبة الأمل في المستقبل، يقول ناشطون آخرون، والوعي المغلف بالسوداوية الذي يعيشه الشباب الأردني، ومسرحيات تعيين أبناء الذوات المستمر ودون أي خجل ولا حياء، تتفاقم جدا، في الوقت الذي ينتظر فيه آلاف منهم، مصلوبون على سجلات "ديوان الخدمة المدنية"، بانتظار دورهم في التعيين، كل ذلك، حول الوطن ي نظرهم، إلى "غنيمة، تقسم مناصبه، للذوات والنخبة ورجاﻻت البزنس، وتتوزع فيما بينهم، عطاءاته وأعطياته وثرواته..".

فـ"لماذا نشقى نحن معشر الفقراء والكادحين، لتسمن جيوب المستكرشين على ظهورنا؟..ولماذا نرتضي العيش على فتات جورهم وقهرهم، وبهدلة عبوديتنا الذليلة الفاجرة ؟"، يتساءل الناشط والكاتب إيهاب سلامة.

ويضيف المتحدث، لـ"جيل"، معلقًا على أمواج السخرية الناقدة من قبل الشباب الأردني، "إذا كانت الخطة موضوعة مسبقًا، والكعكة مقسومة بين أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة، وجيناتهم من بعدهم، فعن أي وطن ومواطنة نتحدث؟ وعن أي مقلب شربناه، يسمى العدالة والمساواة والتكافؤ، وجميع سواليف الحصيدة الأخرى الفارغة ؟".

وفي تقرير سابق لـ"جبل"، أظهرت الأرقام الحديثة، والصادرة عن الجهات الرسمية المعنية، ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب الأردنيين، خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث وصلت إلى أكثر من 18%، ليرتفع معدل البطالة للربع الأول من العام الحالي، بمقدار 3.6 في المائة عن الربع الأول من العام 2016، وبمقدار 2.4 في المائة عن الربع الرابع من العام 2016.

الجدير ذكره، ووفق أرقام ديوان الخدمة المدنية الأردني، الذي يستقبل طلبات التوظيف من الخريجين الأردنيين، ويعمل على تأمين ما تحتاجه الدوائر الحكومية من مؤهلات علمية على ضوء الشواغر المتوفرة لديها، فقد بلغ إجمالي عدد المتقدمين على الكشف التنافسي، لنيل وظيفة "حكومية"، لعام 2017، حوالي (334.000) متقدما ومتقدمة.

المساهمون