مدرّب الترجي التونسي والفرعون الصغير

مدرّب الترجي التونسي والفرعون الصغير

31 يوليو 2017
+ الخط -


أن يخرج علينا مدرّب الترجّي الرياضي التونسي فوزي البنزرتي بتصريح عجيب من أرض عبد الفتاح السيسي الفرعون الصغير الذي يقود بلاده وشعبه إلى الهاوية، يشيد فيه بقائد الانقلاب العسكري الدموي ويزعم أن الشعب التونسي الذي كان السبّاق في الثورة على الظلم فرح بذلك، فذاك أمرٌ لن يجد العلم الحديث تفسيرًا مقنعًا له.

البنزرتي المعروف بمواقفه السياسية "المتطرّفة" وكرهه لكلّ ما يتعلّق بحركات الإسلام السياسي، وحنينه للحزب الحاكم المنحل، نسي خلال تصريحه لفضائية "أون سبورت" المصرية، عقب مباراة الترجي التونسي والمريخ السوداني أنه مدرّب ناد رياضي عريق، عرف عن جماهيره كرهها للظلم وثورتها ضدّ طغيان نظام بن علي البوليسي في مدرّجات ملعبي المنزّه ورادس الأولمبيين قبل 14 من يناير 2011.

المدرّب التونسي لم يكتف بمدح السيسي بل زاد من الشعر بيتًا، مضيفًا في تصريحه الذي تلقّفته جماهير الأحمر والأصفر باستغراب كبير أنه "لولا السيسي لذهب العالم العربي في داهية"، ونحن وإن كنا نعرف مقصد البنزرتي بهذا التصريح، إلا أن الجماهير الرياضية التونسية أصلحت الخطأ التعبيري الواقع في هذه الجملة وعدّلتها لتصبح "لولا السيسي لما ذهب العالم العربي في داهية".

لا عجب أن يتفوّه المدرّب فوزي النزرتي بتصريح يحنّ فيه إلى دكتاتورية مثل دكتاتورية السيسي التي قوامها الاعتقال والتصفية والتعذيب والإرهاب وقمع المعارضين، مثلما تؤكّد ذلك منظمات حقوقية، خاصّة وأن الرجل معروف في الأوساط الرياضية في تونس بأنه يمارس الدكتاتورية داخل كل الفرق التي درّبها، وكم من لاعب موهوب راح ضحيّة غطرسة وهوى ابن المنستير.

التصريح الصادم للرأي العام التونسي، يأتي بعد أقل من شهرين من رفع جماهير النادي الإفريقي التونسي لافتة سارت بها الركبان استنكرت الحصار الجائر على دولة قطر، حيث كتب أبناء رابطة مشجّعي "الليدرز": "كرهناكم يا حكام تحصارون قطر وإسرائيل في سلام"، ما أدّى لإيقاف ثلاثة من أنصار نادي باب الجديد قبل أن يطلق القضاء سراحهم في اليوم الموالي.

كان على فوزي البنزرتي قبل الحديث عن الشأن المصري، أن يزن كلامه جيّدًا وذلك من عدّة أوجه؛ أوّلها أن الرياضة المصرية كانت أبرز ضحايا حكم المشير عبد الفتاح السيسي الذي منع الجماهير من حضور مباريات الدوري والكأس لتشجيع فرقهم، وليس آخرها تنكيله بمحمد أبو تريكة أحد نجوم الكرة المصرية وأحد أفضل اللاعبين العرب.

السيسي كما لا يخفى على البنزرتي لم ينكّل بأبو تريكة فقط، بل قمع آلاف الشباب المصري الثائر من الذين خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، كما زجّ بالمئات منهم في السجون ومنع عنهم الزيارات والأكل والشرب علّهم يتخلّون عن وطنيتهم وحب بلدهم قبل الانتقال إلى مرحلة تصفيتهم خارج إطار القانون، بحجّة تكوينهم لوفاق إرهابي والانتماء لتنظيم ولاية سيناء.

تصريح البنزرتي لا يمثّل جمهور نادي باب سويقة الذي سارع عبر صفحاته الفيسبوكية للتعبير عن رفض ما أدلى به، ما أجبر إدارة الفريق على التدخّل وتوجيه توبيخ للمدرّب وتحذيره من عدم الحديث مجدّدًا عن الشأن السياسي في المناسبات الرياضية، لكنه في المقابل يمثّل رأيا دارجًا في صفوف النخب السياسية التونسية التي فشلت في استنساخ الانقلاب العسكري المصري في تونس.

ربّما نسي فوزي البنزرتي، أن التونسيين خرجوا قبل أكثر من ستّ سنوات للمطالبة بالديمقراطية والعدالة والكرامة، ما مهّد الطريق لغيرهم من الشعوب العربية للثورة ضدّ الظلم، وعليه ألا ينسى أن هؤلاء التونسيين رفضوا تولّي الجيش مقاليد الحكم في البلاد رغم كل الصعوبات التي مرّت بها نتيجة الاغتيالات السياسية، وفشل الحكومات المتعاقبة في قيادة البلاد إلى برّ الأمان بسبب الألغام المزروعة في كل مكان.

آن الأوان على المسؤولين التونسيين بمختلف انتماءاتهم وتوجّهاتهم السياسية والإيديولوجية أن يكونوا مسؤولين في تصريحاتهم، وألا يزيدوا من الاحتقان الاجتماعي والانقسام الداخلي خاصّة وأن البلاد تعرف صراعًا سياسيًا ملتهبًا، تهدف من خلاله مختلف الأطراف للفوز بالانتخابات الجهوية المقبلة.

المساهمون