كيف غطّى الإعلام المصري قضية قطع العلاقات مع قطر؟

كيف غطّى الإعلام المصري قضية قطع العلاقات مع قطر؟

07 يونيو 2017
+ الخط -

كانت الرابعة والنصف فجرًا، حين توالت البيانات عبر وسائل الإعلام العربية، تعلن المقاطعة الخليجية لدولة قطر "الشقيقة"، كما وصفتها الكلمات الدبلوماسية، في البيانات العربية. كانت هيئة الأرصاد الجوية قد أنذرت المصريين في الليلة السابقة بارتفاع درجة حرارة الجو، ووصولها لحدود الأربعين، وذلك لتعرض البلاد لموجة حارة قادمة من الجزيرة العربية، لكن أحدًا لم يعلن مسبقًا أن الموجة الحارة ستحمل معها موجات متلاطمة، من تسونامي سياسية، وإعلامية، اهتزت لها أجواء الدولة المصرية.

عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت التعليقات على بيانات المقاطعة، التي بدأتها البحرين، ثم السعودية فالإمارات، ثم أعقبتها مصر، ببيان لوزارة الخارجية قبل تمام الخامسة صباحًا، أعلنت فيه قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وسحب القنصل المصري، القائم بالأعمال بعد مغادرة السفير البلاد منذ شهور، في أعقاب الأزمات المتتالية بين البلدين، وتكليف إحدى السفارات العربية بدولة قطر بمتابعة شؤون المصريين هناك، وغلق المجال الجوي، ومنع رحلات الطيران، من وإلى الدولة الشقيقة.

حتى اليوم التالي، استمرت بيانات العزلة في التوالي، فأعلنت اليمن، ثم ليبيا، ثم جزر المالديف، ثم موريشيوس أنها على خطى السعودية في المقاطعة.

أشرقت شمس الإثنين، وسطع برنامج أحمد موسى في سماء ظهيرته، ليزيح البرامج الرمضانية على قناة صدى البلد الأولى جانبا، ويبدأ هو بثًا مباشرًا عما حدث في مطلع الفجر بين البلاد العربية، في ذكرى النكسة، أو في يوم الانتصار "العاشر من رمضان"، بتحليل استراتيجي قدمه صاحب برنامج "على مسؤوليتي"، يؤكد فيه "أن الأيام القادمة تحمل نذير المجاعة والحصار الاقتصادى للشعب القطري، إذا لم ينتفض في وجه نظامه المعادي لكافة الدول العربية"، وغيرها من الأكاذيب التي حاول الترويج لها، كقوله إنّ الدبابات والمدرّعات في قلب الدوحة الآن.

أكد موسى في البرنامج الممتد منذ الثانية عشرة ظهرًا لمتابعة الأحداث، أن آلاف القطريين يتوافدون على المتاجر والمولات لتخزين مستلزماتهم من السلع الغذائية لأطول فترة ممكنة، تحسبًا للإجراءات الإقتصادية التي أعلنت عنها السعودية، بوقف الصادرات إلى الإمارة الخليجية.

لم يتطرق موسى للبيان القطري ردا على حملة المقاطعة والذي وجهته قطر للدول الخليجية الثلاث، السعودية والإمارات والبحرين، في تجاهل تام لمصر وإعلانها، موجهًا رسالته للاعب كرة القدم المصري، أبو تريكة، قائلًا "أنت على المحك الآن، فإما بلدك أو قطر".

بوثائق "مسربة"، لم يحدد الإعلامي المصري كيفية وصولها إليه، استمر أحمد موسى، في متابعة مسائية أيضًا للمقاطعة العربية لقطر. قائمة بأسماء الإخوان المسلمين الملاحقين قضائيًا في مصر، والمطلوب تسليمهم من قطر، كانت هي أول المطالب التي طالب بها موسى قطر، "كي تعود للصف العربي، وإلا عليها أن تتحمل الويل والثبور وعظائم الأمور، من جراء ما ستفعله مصر"، والذي ظهرت بشائره في ما أذاعه الإعلامي عمرو أديب في برنامجه "كل يوم"، حيث نشر مجموعة من الصور تفيد بوجود أزمة حادة في السلع الغذائية في قطر، ونقص كبير في الأسواق، بعد هجوم من القطريين والمقيمين على شراء مستلزماتهم الغذائية، وتخزينها، وهو ما كذبته بعض الفيديوهات التي قام مصريون بتصويرها لايف من داخل المولات ونشرها عبر فيسبوك، تؤكد سير الأمور بشكل طبيعي، دون زحام أو نقص في السلع داخل أحد أكبر المولات القطرية.

في البرنامج الذي يعرض على القناة التي يملكها أبو هشيمة، أحد أبرز رجال الأعمال المقربين للنظام المصري، طالب أديب المصريين في قطر بتحمل تبعات المقاطعة التي أعلنتها مصر "احنا في حرب.. والأقباط بيموتوا والجنود بيتقتلوا والمصري في قطر مش أحسن من دول، لازم يتحمل هو كمان".

أما جريدة اليوم السابع، فقد انشغلت بمتابعة تطورات ما يحدث في دول الخليج، والعزلة العربية التي فرضت على قطر، التي كانت المانشيت الرئيسي على أخبار الموقع الإخباري الأول في مصر. أخبار وتقارير، ومتابعات ومنوعات وكاريكاتير، دون إيميل يكشف توجيهات رئيس التحرير لصحافيي الجريدة هذه المرة، كما حدث أخيرًا في تسريب عبر الفيسبوك، وهو ما عزاه صلاح لمؤامرة مخابرتية قطرية استهدفت اليوم السابع.

هكذا، استمر الهجوم الإعلامي المصري على قطر، رغم حالة الانقسام التي أصابت الشعب المصري، بين متعاطف مع قطر والمصريين هناك، وبين الشامت في ما حدث، وهو ما علقت عليه الدكتورة منال أبو الحسن، أستاذة الإعلام في الأكاديمية الدولية للإعلام، مؤكدة أن الإعلام في مصر دائمًا ما يحمّل الأحداث أكثر مما تحتمل، وأنها من متابعتها للإعلام السعودي والإماراتي، لم تجد حالة التشويه والهجوم المبالغ فيه ضد قطر كما يحدث في مصر، مؤكدة أن تلك الحالة من الهجوم ستعود على مصر بالسوء إذا ما تمت المصالحة بعد تدخل الكويت، ولن يجد مهاجمو قطر ما يردون به على جمهورهم.

أبو الحسن اعتبرت أن المبالغات والتهويل في حجم الإجراءات العربية ضد قطر، والتلويح بالحرب، وتجويع الشعب القطري، في الإعلام المصري، تمثل حالة من التسيب الإعلامي الذي يفرضه العداء السياسي، وليس المهنية أو الشفافية الإعلامية "الإعلام المصري تخلى عن مهنيته".

داخل قطر، أضحت سفارة اليونان هي المسؤولة عن عموم المصريين هناك، فإليها أوكلت مصر مهمة متابعة العمل على راحة أبنائها، وترتيب إجراءات الراغبين في العودة منهم، أما في مصر، وتزامنًا مع احتمالية عودة المصريين من قطر، فقد نشرت جريدة الوطن المصرية خبرًا مفاده انتحار مهندس مدني بعد عودته من السعودية، ومحاولته خلال 6 أشهر الحصول على عمل في مصر، وعندما دب اليأس فيه، وانقطع أمله، قرر الانتحار بتوصيل الكهرباء إلى جسده داخل غرفة نومه. نشر أحد المصريين في قطر الخبر، مصحوبًا بتعليقه "والله ما هرجع حتى لو اتحبست هنا".

قبل أن تمر 24 ساعة على القرارات العربية، كانت أخبار المقاطعة العربية مستمرة لقطر، لكن هذه المرة عبر اتحاد الكرة المصري، الذي قاطع التعاون مع نظيره القطري، بالإضافة لوقف التعامل مع قنوات بي إن سبورت الرياضية القطرية، محذرًا لاعبي المنتخب ومدربه من الظهور على شاشتها، وعلى المقيمين في مصر التوجه بأقمارهم الصناعية إلى شاشة نايل سبورت، بالإضافة لنشر أحمد موسى بيانًا كاذبًا، تابعًا لتنسيقية جبهة تحرير إمارة قطر، بقيامها بـ"عزل الأمير تميم، وانتخاب مجلس أعلى لإدارة شؤون البلاد، والاعتذار للبلدان العربية التي تضررت من قطر"، البيان الذي لم ينشر في أي وسيلة إعلامية دون المصرية، لم ينل حظه من الانتشار، بعد أن نشرت الخارجية الأميركية بيانها الجديد مع انتصاف ليل الإثنين، لرعاياها في مصر تحذرهم فيها من ضربات قادمة في مزارات دينية، لتبدأ ليلة جديدة من البيانات.

المساهمون