"عنتورة والحروف".. كي لا تدمّر الحرب لغتنا العربية

"عنتورة والحروف".. كي لا تدمّر الحرب لغتنا العربية

24 يونيو 2017
(برنامج التعليم عنتورة والحروف)
+ الخط -


الحرمان من التعليم، واحدة من أكبر المشاكل التي يعاني منها الأطفال السوريون، سواءٌ أكانوا في الداخل السوري أو خارجه. ففي الداخل، هناك العديد من العوامل التي أبعدت الأطفال عن التعليم، حيث دمّرت الحرب عددا كبيرا من المدراس، إضافةً إلى الظروف المعيشية الصعبة، وخطورة الوضع الأمني، الذي أجبر الأهالي في بعض الأماكن السورية على الامتناع عن إرسال أطفالهم إلى المدارس.

وأما في مخيّمات اللجوء التي نزح إليها السوريون في الدول المجاورة، فالحال ليس أفضل بكثير، ففي لبنان مثلًا، لا تسمح العديد من المدارس بتسجيل الأطفال السوريين، بسبب الأوراق القانونية اللازمة، إضافة إلى التكاليف الباهظة للأقساط المدرسية، وبسبب عدم قدرة المدارس اللبنانية على استيعاب الكم الكبير من الأطفال الوافدين من سورية، فحسب الإحصائية الأخيرة التي قامت بها الحكومة اللبنانية، فإن هناك أكثر من 250 ألف طفل سوري لا يحظى بالتعليم.

وفي بعض المخيّمات تحاول المنظمات مساعدة أطفال لاجئين بتعليمهم، إلا أن المنهج التعليمي المتبع فيه قد يضرّ الطفل أكثر من أن ينفعه، ففي هذه المنظّمات تمنع الحكومة اللبنانية إعطاء المنهج التعليمي اللبناني وفي الوقت نفسه يمنع أيضًا تدريس المنهج السوري، ليبقى الكادر التعليمي ضائعًا وبدون منهج متّفق عليه. ورغم أن المناهج التي يتعلّمها الأطفال، والتي تشابه المنهج اللبناني، تفيد الأطفال وتعلّمهم بعض أساسيات اللغتين الانكليزية والفرنسية، ولكنّها تهمل دور اللغة العربية تمامًا، مما خلف عددا كبيرا من الطلّاب السوريين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة بالعربية؛ وتميل المنظّمات إلى هذا النوع من المناهج، بهدف تسهيل انخراط الأطفال في المدارس اللبنانية، إذا ما كانوا محظوظين واستطاعوا أن يدخلوها فيما بعد.

وفي أوروبا التي تسعى الدول فيها لتأمين كل شيء، ويتمكن الأطفال فيها من دخول المدارس وتعلم لغاتها، يتم تهميش اللغة العربية بشكل كلي أيضًا. وتحاول المدارس أن ترغب الأطفال كي يتحدثوا ويتعاملوا باللغة الأوروبية، في محاولة لتسهيل اندماج الأطفال بالمستقبل، فينسوا ثقافتهم ولغتهم.

حاولت العديد من المنظّمات أن تعالج موضوع حرمان الأطفال السوريين من حقّ التعليم بشكل جدّي، وفكّرت بالخطر الذي قد تتسبّب به هذه الظروف لجيل كامل، وكان أحد تلك الحلول، هو المشروع الذي أطلقته الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي "نوارد"، والذي بدأته بصيغة مشروع تنافسي باسم" إبداع".

ويستهدف المشروع الأطفال في المناطق المتضرّرة والمنكوبة في العالم العربي، من غير القادرين على ارتياد المدرسة بسبب النزاعات القائمة في الأراضي الموجودين فيها، وكذلك للأطفال الموجودين في مخيمات النزوح، ضمن الفئة العمرية من سن الخامسة وحتى سن العاشرة.

وتقدّم للمنافسة ثمانية وسبعون مشروعًا، واختير منها مشروعان فقط، وهما: لعبة "عنتورة والحروف" ولعبة "إطعام الوحش"، اللتان تم إطلاقهما بشكل رسمي في المتاجر الإلكترونية في بداية العام، في مبنى "اليونسـكو" في العاصمة الفرنسية باريس، بحضور وزيرة الدولة النرويجية وعدد من الفنانين والخبراء التقنيين والتربويين. ومن بين الفنانين المشاركين كان الفنان السوري فارس الحلو، الذي كان له دور في المشروع، حيث وضع صوته في لعبة "عنتورة والحروف".

وتتميّز الألعاب بأنها مجانية ولا تتطلّب اتصالا مباشرا بالإنترنت، فبمجرد تحميلها يتمكّن الطفل من مواصلة اللعب فيها دون الحاجة للاتصال بالإنترنت لفتح مراحل جديدة أو كسب نقاط إضافية.

ففي تطبيق"عنتورة والحروف"، يتم التركيز على تعليم الحروف العربية وتغطية كامل المنهج الأساسي للغة العربية، إضافة إلى تنمية المهارات اللغوية للطفل وتدريبه على القراءة، وذلك من خلال التسلية واللعب مع الشخصية الكرتونية "عنتورة".

ولكن المفارقة، أن هذه التطبيقات يتمّ استخدامها في أوروبا على نطاق أوسع، حيث تساعد اللاجئين في الدول الأوروبية على تعليم أولادهم اللغة العربية، في حين لا تتيح لهم المدارس والحكومات المموّلة للمشروع إمكانية تعلم لغتهم الأم. فانتشار هذا النوع من الألعاب في الوقت الحالي، يبدو أن له دورا إيجابيا بحماية الثقافة واللغة العربية وإنعاشها، ولاسيما بالنسبة لأطفال اللاجئين العرب اللاجئين في أوروبا، فأهمية هذه التطبيقات أنها تسير بعكس الاتجاه السائد، وتعطي للطفل العربي إمكانية لبناء علاقة مع لغته الأم دون الحاجة للمدرسة.

المساهمون