الأم العزباء.. بين البحث عن الأطفال و"شراء الرجال"

الأم العزباء.. بين البحث عن الأطفال و"شراء الرجال"

17 يونيو 2017
(من الفيلم المصري: بشتري راجل)
+ الخط -

إن مصطلح "الأم العزباء" أو "السنغل ماذر" ليس بغريب وبعيد عن فكرنا اليوم، فقد صُدّر إلينا هذا المصطلح عن طريق الأفلام والمسلسلات الغربية، وارتبط أيضًا بالعديد من نجمات وفنانات عالميات يتمتعن بشعبية في العالم العربي، أمثال أنجلينا جولي، شاكيرا، برتني سبيرز وغيرهن من الفنانات اللواتي أنجبن الأطفال دون زواج.

وعلى الرغم من تقبل وحب العرب لهن، إلا أن فكرة "السينغل ماذر" بقيت محظورة من التداول في الثقافة العربية، لخروجها وتمرّدها عن العادات والتقاليد التي تحكم المرأة في الوطن العربي.

وكذلك، لم تتجرأ الفنانات العربيات على الحديث عن الموضوع لحساسيته، وإن تم إحراجهن بسؤال يطرح فكرة من هذا النوع، تكون الإجابة غالبًا دون هوية واضحة، لتكون بـ"السيف سايد"، ولعل ما قالته أليسا حول الموضوع كان أكثر موقف واضح وصريح، إذ صرحت في عدد من المقابلات، أشهرها كانت مقابلة مع نيشان، بأنها مع فكرة "السينغال ماذر"، ولو كانت هناك قوانين مدنية تحمي المرأة في لبنان، وتمنحها الحق في الإنجاب أو تبنّي الأطفال دون زواج، لكانت هي أوّل من فعل ذلك، وبرّرت عدم تنفيذها الفكرة التي نالت إعجابها بوجودها ضمن مجتمع شرقي، وصرحت أنها ربما قد تلجأ للزواج بعد إنجاب الأطفال.

ومع بداية العام الجديد، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بقصّة الصحافية المصرية، هدير مكاوي، والتي أطلق عليها لقب أول "سينغل ماذر" في العالم العربي، وبدأت قصة هدير بتدوينة لها على الفيسبوك، شرحت فيها قصّة وقوعها بحب جنوني لشاب تزوجته عرفيًا، لرفض ذويهما تزوجيهما لأسباب معينة، وبعد أن حملت منه، رفض الشاب الاعتراف بالطفل، وطلب منها القيام بعملية إجهاض، إلا أن هدير رفضت، وما إن علم ذوو الفتاة بذلك حتى أصبحت الضغوطات والتهديدات تزداد، وختمت هدير تدوينتها بإصرارها ودفاعها عن الطفل وحقوقه، وحمّلت مسؤولية أي أذى تتعرّض له هي وطفلها لأهلها ولزوجها.

ورزقت هدير بطفلها واستطاعت أن تمنحه اسمها "آدم هدير مكاوي"، وأثارت تلك القضية ضجّة في الشارع المصري، بين من اتهم هدير بالزنا وإنجاب طفل من عقد عرفي باطل، وبين اتهامها بالترويج لفكرة "الأم العزباء"، وبين مؤّيدين لها ولجرأتها وشجاعتها في المطالبة بحقوقها.

تلك الضجّة ردت عليها الدكتورة والكاتبة نوال السعدواي في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث أيّدت السعداوي الفكرة، وطالبت بتعديل القوانين، بحيث تعطي المرأة التي هرب منها الرجل الحق بإعطاء اسمها للطفل، طالما لا يوجد رجل يسجّل الطفل باسمه.

وفي الوقت الذي لا تزال قصّة هدير تشغل الشارع المصري، ظهر فيديو آخر لفتاة اسمها شريهان نور الدين، تجاوزت الخامسة والثلاثين من العمر، عبرت فيه عن رغبتها بأن تصبح "سينغال ماذر"، وطلبت متبرعًا بحيواناته المنوية مقابل مبلغ كبير من المال، لكي تصبح أمًا، وتشير إلى أنها أنشأت صفحة على فيسبوك باسم "بشتري راجل"، وتسبب الفيديو باستفزاز شريحة كبيرة، قبل أن يتّضح بأنه جزء من الحملة الترويجية لفيلم يحمل نفس اسم الصفحة، والفيلم من بطولية نيللي كريم ومحمد ممدوح.

ويروي الفيلم قصّة الشخصية ذاتها، شريهان، والتي تريد أن تصبح أمًا بدون زواج، ويبدو أن الفيلم جاء بالتزامن مع قصة هدير كنوع من تسليط الضوء على تلك القضية، إلا أن محتوى الفيلم نسف أهمية القضية بسذاجة، وجعل من حب البطلة للرجل الذي اشترت منه الطفل بالنقود حلًا يرضي جميع الأطراف، ويحجم الجدل والقضية بقصّة عاطفية، قصة تتناسب مع عيد "الفالنتاين" الذي أطلق فيه الفيلم، ولا تناسب أي مناسبة أو عيد يخصّ المرأة وحريّتها.

المساهمون