المحاضرات الجامعية.. الجميع مصابٌ بالنعاس

المحاضرات الجامعية.. الجميع مصابٌ بالنعاس

25 ابريل 2017
+ الخط -

يرى عدد كبير من الطلاب أن المحاضرات الجامعية لا قيمة لها، فالمعلمون يسعَون فقط إلى تضخيم "الأنا" الأكاديمية، بينما يتظاهر الطلاب أنهم قد تعلموا شيئًا منهم، وفي النهاية يصاب الجميع بالنعاس، ويحاولون البقاء مستيقظين رغم التأثير "المنوم" للمحاضرات.

يدُفع الشباب يوميًا لحضور المحاضرات الجامعية لدى أبرز العلماء والباحثين في بلداننا من أجل التعلم منهم والسير على خطاهم، لكن النتيجة لا تكون مُرضية. منذ مئات السنين يتفق الجميع على أن الطريقة المثلى للتعليم ونقل الخبرات العلمية من شخصٍ إلى آخر هي المحاضرات، حيث يروي الباحثون والعلماء تجاربهم وخبراتهم، وينهمك الشباب في كتابة كلامهم من أجل أن يصبحوا نسخة عن المحاضرين.

لكن في الحقيقة يصاب الشباب باليأس وخيبة الأمل من كثرة المعلومات التي تُلقى عليهم في المحاضرات بطريقة إلكترونية مملة، إذ صُمم الدماغ البشري على العمل بفاعلية أكبر عند تنوع الفعاليات والنشاطات، إلا أن هذا ما ينقص المحاضرات، فسرعان ما يبدأ الطالب بالتفكير بأمور لا علاقة لها بموضوع المحاضرة.


هذا مهم للامتحان
يتعلم الطلاب بعد وقتٍ الانتباه فقط إلى الكلمات التالية: "هذا مهم للامتحان". "هنا يمكن أن تجدوا نسخة إلكترونية من المحاضرة". "أسئلة الدورات". وفي نهاية الفصل يدرس الطلاب بأقصى سرعة ممكنة من الملخصات والعروض التقديمية وأسئلة الامتحانات السابقة أو حتى ويكيبيديا، وبعد الامتحان ينسى الطلاب المعلومات التي درسوها بعد ساعات فقط من الامتحان، وتنتشر هذه الظاهرة في كل جامعات العالم تقريبًا، حيث يلوم بعض الخبراء الطلاب على هذه الظاهرة، مثل د. أكسل ماير أستاذ علم الأحياء التطوري في جامعة كونستانس، إذ يرى في إحدى مقالاته أن بعض الشباب حاليًا مهملون، لا يتمتعون بشخصية مستقلة لهم ويُشتتون بسهولة أثناء المحاضرات بسبب الهواتف الذكية.

لكن السبب الحقيقي وراء ذلك مختلفٌ تمامًا: فنحن البشر لا نستطيع الاستماع لشخص واحد لمدة تتجاوز 90 دقيقة وبشكل مستمر، وهذا ما يظهره هرم التعلم الذي صممته الأميركية إدكار داله، إذ نتلقى نحن معلوماتٍ أقل خلال النشاطات غير الفعالة (المُنفعلة) كالاستماع مثلا مقارنة بالنشاطات الفعّالة، لكن للأسف هذا الهرم ليس إلا نظرية بدون أي دليل علمي.

رغم ذلك توجد بحوث علمية عن هذا الأمر، ففي تقييم لأكثر من 225 دراسة توصل العالم سكوت فريمان إلى أن المحاضرات لا تقدم شيئًا للطلاب، والطلاب الذين أُجبروا على حضور المحاضرات يفشلون في الامتحانات أكثر من غيرهم.

يتمسك الأساتذة الجامعيون في كل دول العالم رغم ذلك بالمحاضرات، وهذا لا يمكن تفسيره إلا بأحد أمرين: إما أنهم لا يهتمون إذا نجح الطالب أم لا، أو أنهم لا يتمتعون بالكفاءة التدريسية الكافية، وإلا كيف يمكن تفسير إصابة مئات الطلاب بالملل في الوقت ذاته؟

تكمن المشكلة أن الأساتذة الجامعيين وُظفوا بناءً على شهاداتهم العلمية والبحثية، ولم يتم تأهيلهم وتدريبهم على إلقاء المحاضرات، في المقابل يتم تدريب الأساتذة في المدارس لمدة سنة ونصف على الأقل على التدريس وإعداد المحاضرات، وهذا ما يفتقده الأساتذة الجامعيون.

لكن يبقى السؤال عن سبب مواظبة الطلاب على حضور المحاضرات، حتى لو كانت متتالية، رغم كل الملل واليأس الذي يصيبهم؟ الجواب على ذلك هو تأنيب الضمير الذي يصيبهم في حال الغياب عن المحاضرات، بالإضافة إلى الكفاءات التي يمكن أن يكتسبها المرء خلال المحاضرات.

المساهمون