الربيع في اسطنبول.. كوكب أزهار التوليب

لملم الشتاء بساطه الأبيض، وخرجت أشعة الشمس تُداعب البراعم لتزهر، ليُعلن الربيع عن قدومه بروائح الزهور العطرة. اسطنبول من أجمل المدن السياحية، تتزيّن كل ربيع بزهرة التوليب أو الخزامى أو المعروف لدى الأتراك باسم (اللالة - lale)، ويغطي جمالها على جمال القباب والمساجد ومضيق البوسفور، وكأنّ الجمال خُلق في الربيع فقط.

زهرة التوليب جزء من الثقافة التركية والعثمانية، أتى بها الأتراك من موطنهم الأصلي من آسيا الوسطي إلى الأناضول، وانتقلت بعد ذلك من الإمبراطورية العثمانية إلى أوروبا. أهدى السلطان سليمان القانوني إلى ملك هولندا زهرة التوليب فأحبّها وأمر بزراعتها، وبذلك انتقلت زراعتها إلى أوروبا وأصبحت هولندا الأولى في زراعتها وتصديرها خلال الفترة من 1718 إلى 1730، وسميّت هذه الفترة بعصر التوليب، وتم توقيع معاهدة بين تركيا والنمسا فتحت الطريق للاهتمام بفنون الزراعة.

حكايا التوليب
وروي في قصّة انتقال الزهرة إلى كندا الذي يعود إلى عام 1945 قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية،‏ ‏إذ استقبلت كندا في ذلك الوقت الملكة جوليا ملكة هولندا التي تركت بلدها إثر‏ اندلاع الحرب، واستقبلها الكنديون في بلادهم ومنحوها مساحة من الأرض لتكون أرضًا‏ ‏هولندية حتى تستطيع أن تنجب ولي العهد في أرض هولندية، كما ساهموا في تحرير هولندا. وعرفانًا منها بجميلهم أرسلت لهم الملكة 100 ألف زهرة من زهور التوليب.

تزرع تركيا ما يقرب من 200 نوع من أنواع زهرة التوليب في مختلف القرى والمدن التركية، ومن ثم يتمّ نقلها للمدينة ليتم بيعها. فتجارة بيع زهرة التوليب من التجارات الرابحة وذلك لإعجاب وتعلّق الشعب بها، فتجد الشرفات مع بداية أبريل تتدلى منها الزهور، كما تجتهد بلديات بتوزيع الزهور على البيوت احتفالًا بالربيع.

تأثّر الشعب التركي بهذه الزهرة، وأصبحت رمزًا خاصًا بهم، فتجدها على منتجاتهم، ويحمل كثير من الهدايا صورتها، ويحصل الأطفال على دروس داخل المدارس عن زهرة التوليب وزراعتها، كما ترجع كلمة توليب إلى كلمة "تولبنت"، وهي عمامة السلطان التي تشبه زهرة التوليب في شكلها.

مهرجان زهرة اللالة
نظرًا للمكانة التي تحتلها زهرة التوليب وسحرها الخاص، تقيم بلدية اسطنبول كل عام في فصل الربيع مهرجان اللالة، وهو احتفال رسمي وشعبي، يقام المهرجان في شهر نيسان/ أبريل لمدّة شهر كامل. ويمكنك أن تشاهد الزهور في كل الحدائق والمتنزّهات العامة، وقد استعدت البلدية لموسم الربيع 2017 بزراعة 15 مليون زهرة توليب، ومن أشهر حدائق التوليب Golhane park، وساحة السلطان أحمد الذي تمتد الزهور في ساحته على كامل مساحتها حيث يقام المهرجان، والذي يتضمّن معرضًا للوحات والصور وعروضا فنية وموسيقية ورسما على الزجاج والرخام ومسابقات لعرض أفضل صورة فوتوغرافية لزهرة التوليب.

يرجع عقد أول مهرجان لزهور التوليب في عام 2005، حيث تمت زراعة 900 ألف زهرة توليب، وفي عام 2009، قامت تركيا بزراعة حولي 9.3 ملايين زهرة توليب بتكلفة حوالي مليون دولار، بينما في عام 2014 زاد عدد الزهور المزروعة إلى 20 مليون زهرة توليب بتكلفة 2.35 مليون دولار، وفي عام 2015 تمت زراعة 30 مليون زهرة توليب، بالإضافة إلى تصميم سجّادة كبيرة مكونة من 545 ألف زهرة، هذا غير زراعة مساحات كبيرة من المدينة بالأشجار والأزهار على طول الشوارع والحدائق العامة.