تونس: الأجهزة الأمنية تصطاد المدونين باستخدام تقنية "الفيشينغ"

تونس: الأجهزة الأمنية تصطاد المدونين باستخدام تقنية "الفيشينغ"

03 أكتوبر 2017
مكسب حرية التعبير في تونس بات "مهدّدا" (Getty)
+ الخط -

كثّفت الأجهزة الأمنية التونسية خلال الأشهر الأخيرة حملة مراقبتها على ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، لتقوم على إثر ذلك باستدعاء عدد من المدوّنين وإيقافهم تحت طائلة قانون الإرهاب.

وذكرت مصادر حقوقية، أن وزارة الداخلية التونسية أصبحت تشرف على عمليّات تصيّد المدوّنين وإحالتهم إلى القضاء، بسبب تدوينات ناقدة للرئيس التونسي وعائلته أو لمردود الأجهزة الأمنية وتجاوزاتها.

استدعاء رئيس حزب بسبب تدوينة
ومؤخرا، وجّهت فرقة الحرس التونسي (الدرك) استدعاء لرئيس حزب القراصنة صلاح الدين كشك للتحقيق معه بسبب تدوينة نعت فيها وزير الداخلية الجديد لطفي براهم بـ"السنكوح"، كما قامت في نفس الوقت بتهديد والديه واستدعاء والدته للمثول أمامها، كما وجّهت فرقة الحرس بباردو استدعاء لهشام الماجري أحد أصدقاء "كشك" لأنه شارك إحدى تدويناته.

وفي تعليقها على الحادثة، قالت الحقوقية التونسية مريم منور "لم نتمكن من الاطلاع على ملف صلاح الدين كشك لدى فرقة الحرس بالعوينة، لأنهم يضعون حضور والدته شرطاً، وبما أنه ليس قاصرا ومسؤولا عن أفعاله، فهي لن تتنقل إليهم".



وأضافت "سنرفع الأمر إلى وكالة الجمهورية بخصوص هذا الملف العجيب الخفي، خصوصا أن الأعوان قالوا للجار الذي أمضى على تسلم الاستدعاء من دون صفة، إنهم فقط ينوون "يكبسوها" (إخافتها).

فريق أمني خاص بمتابعة المدوّنين
بدوره كتب المحامي وسام عبد الله معلّقا على تكرّر استدعاء المدوّنين والتحقيق معهم من قبل الجهات الأمنية المختصّة "وزارة الداخلية كلّفت فريق أمني كامل بمتابعة الفيسبوك تحت تسمية خطة وطنية للتوقي من الإرهاب لكنها حقيقة خطة لمتابعة أفكارك وتدويناتك.. أصنام جديدة تحاصرنا كل يوم وتفرض علينا أداء الطاعة...".

وأكّد حزب القراصنة في بيان له أن تونس شهدت منذ خمس سنوات إحداث فرقة جديدة راجعة بالنظر لمؤسسة الحرس الوطني مختصة بمراقبة المجال الافتراضي حيث أوكلت لها مهمتين أساسيتين، وهما مراقبة جل رواد الشبكة العنكبوتية وتقفي خطى النشطاء والمواطنين بصفة عامة، وذلك تحت خانة مجابهة الخطر الإرهابي المحدق بالتراب التونسي، حيث تم تخصيص دورات تدريبية لأعضاء الفرقة المذكورة في دولة ألمانيا وتم تكوينهم على تقنية الاصطياد "الفيشينغ".

وعن هذه التقنية يقول الحزب "تسمح هذه التقنية لمستعمليها بالمراقبة والتجسس على الحواسيب والهواتف النقالة وهذا في حد ذاته اعتداء صارخ على المعطيات الخاصة للأفراد".

ولاحظ الحزب أن "تونس شهدت في الأشهر الستة الأخيرة حملة ممنهجة من قبل الفرقة المذكورة أعلاه، تجاه مواطنين بعينهم حيث تمت إحالتهم إلى القضاء جراء بعض التدوينات الفيسبوكية وفق فصول مجلة الاتصالات كالإساءة للغير عبر وسائل الاتصال العمومي والمجلة الجزائية كنسبة أمور غير قانونية لموظف عمومي، وفي قضايا الإرهاب كالإشادة وتمجيد تنظيم إرهابي وأحيانا التكفير".

تواتر الإيقافات
حالتا صلاح الدين كشك وهشام الماجري ليستا الأولى، ففي 30 من شهر آب/أغسطس الماضي، اعتقلت قوات الحرس التونسي المدوّن والناشط السياسي المُقعد الدكتور صحبي العمري على خلفية سلسلة من التدوينات المسيئة لعدد من الشخصيات السياسية، بينهم الرئيس الباجي قائد السبسي وأفراد من أسرته.

وبعد 9 أيام من الاعتقال، أفرج القضاء التونسي عن العمري، لأن "الجرم لا يستحق الإيقاف، ويدخل في إطار حرية التعبير" وفق قوله.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اعتقلت فرقة أمنية الكاتب الشاب حمادي الخليفي من وسط مدينته صفاقس، واقتادته إلى العاصمة للتحقيق معه بسبب نشره لصورة ساخرة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يظهر فيها الرئيس التونسي صحبة حارسيه الشخصيين، وكتب عليها تعليقا ساخرا مُستوحى من اغتيال السفير الروسي بأنقرة، لكن المحكمة الابتدائية بالعاصمة، أفرجت عن الخليفي بعد يومين.

منظمات حقوقية تحذّر
وفي مناسبات عديدة، حذّرت منظمات وجمعيات حقوقية من الاستهداف الممنهج لحريةّ التعبير من قبل وزارة الداخلية التونسية، كما نبّهت نقابة الصحافيين التونسيين إلى وجود مساع حكومية لإخضاع الإعلام.

وفي مايو/أيار الماضي، أصدرت 18 منظمة من بينها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية مراقبون وفرع تونس لمنظمة العفو الدولية ومراسلون بلا حدود والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، أصدرت بيانا بعنوان "تونس: مكسب حرية التعبير والإعلام مهدد" اعتبرت فيه تراجع تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2017 (احتلت المركز 97 من جملة 180 دولة شملها التصنيف) "مؤشرا على فشل السلطات التونسية في امتحان احترام وضمان حرية التعبير، وذلك في تناقض واضح مع صورة مثالية تسوقها لنفسها في المحافل الدولية الحقوقية والأممية"، وفق نص البيان.

وأشارت المنظمات إلى أن مكسب حرية التعبير في تونس بات "مهدّدا" خصوصا أمام تكرّر محاولات التضييق على الصحافة، وتعطّل تفعيل قانون النفاذ إلى المعلومة، وإعداد مشروع قانون حكومي سالب لصلاحيات الهيئة التعديلية للاتصال السمعي البصري واستقلالية قرارها.

المساهمون