لوحات الترقيم في الجزائر.."عنصرية" بأربع عجلات

لوحات الترقيم في الجزائر.."عنصرية" بأربع عجلات

27 نوفمبر 2016
(في الشوارع الجزائرية، تصوير: فايز نو الدين)
+ الخط -
تدلّ لوحات ترقيم السيارات في الجزائر، على الولايات التي ينتمي إليها ملّاك هذه المركبات، إذ يرمز كل رقم في بداية تسلسل الأرقام إلى المدينة التي قدمت منها هذه السيارة، ويتطلب بيع أو شراء سيارة بين متعاملين يقطنان في مدينتين مختلفتين، إجراءات إدارية تلزم المعني بشراء السيّارة تغيير ترقيم لوحة سيارته، إلى الرقم الرمزي المرتبط بمكان إقامته.

عادة ما يسمع مستعملو الطريق في الجزائر، ألفاظ "عنصرية" يوجّهها السائقون إلى بعضهم البعض في حال ما إذا ارتكب أحدهم مخالفة ما، فتجد من يقول مثلا "عد إلى ولايتك يا هذا"، أو يطلقون على السائق إسم الولاية التي ينتمي إليها كنوع من الإهانة، وهي مشكلة قد تصل حتى إلى الاعتداء على السائقين بحجّة أنهم غرباء عن مدينتهم، بسبب ترقيم لوحة السيّارات التي يملكونها، وتدل مباشرة على المدينة التي قدموا منها.

مؤخّرًا، جاء إعلان وزير الداخلية الجزائري، عن لوحات ترقيم السيارات بالنظام الجديد ودخولها حيّز الاستعمال مع بداية السنة القادمة، تأكيدًا على مشروع سبق طرحه قبل عامين من الآن، في إطار برنامج عصرنة الإدارة الجزائرية، حيث تقرّر إعطاء ترقيم وطني للسيارات يسهّل عمليات تداولها بين المالكين، لأن الرقم سيكون مدونًا في سجل وطني وانتقالها من ولاية لولاية جزائرية أخرى، لا يقتضي إعطائها ترقيمًا جديدًا.

وأضاف الوزير، أن تطبيق هذه الإجراءات سيتم تدريجيًا، حيث ستزوّد المركبات الجديدة بشكل ممنهج بهذا الترقيم؛ في المقابل فيما يخصّ المركبات القديمة، فإن التغيير سيتم مع كل معاملة بيع. حيث أنه لدى تزويد المركبة محل البيع بالبطاقة الرمادية الجديدة (الإلكترونية)، سيتم إدراجها في النظام الجديد.

علاوة على مساهمة نظام ترقيم السيارات الجديد في تسهيل المعاملات ومتابعة المركبات، فإنه سيقضي على ظاهرة، لطالما اشتكى منها مستعملو السيارات، حيث أن أرقام السيارات التي تبرز رقم الولاية تؤدي إلى تسهيل التعرّف على السيارات الغريبة عن الولاية التي تكون هدفًا لعمليات سطو في مرّات عديدة، لمعرفة اللصوص أن الوافد غريب عن المنطقة، ويحدث أن تقع مواجهات بين أنصار الفرق المتنافسة في كرة القدم عند خروجهم من الملاعب، ويسمح النظام القديم بالتعرّف على سيارات أنصار الفريق المنافس خلال لقاءات كرّة القدم، مما يؤدي في كثير من الأحياء إلى استهدافها وتحطيمها في الشارع من طرف الأنصار الغاضبين، أو إلى توقيف أصحابها في الشارع والاعتداء عليهم.

يجدر لفت النظر إلى أن دولًا مجاورة على غرار تونس تستخدم هذا النظام منذ سنوات طويلة، وقد أثبت فعاليته وسهولة تسيير المركبات فيه، حيث أن السجّل الوطني علاوة على تضمنه على معلومات عن السيارة : (سنة صناعتها، وسنة وضعها للسيّر أوّل مرة، اسم المالك)، فإنه يتضمّن معلومات مهمّة عن نوع الوقود، وكميّة الغازات التي تصدرها من أجل تقدير نسب التلوث في الجو.

ويتضمّن نظام لوحات ترقيم المركبات الحالي في الجزائر، سلسلة تتكوّن من ثلاثة أرقام، يُبرز الرقم الأوّل ولاية تسجيل السيارة والثاني السنة الأولى لبداية استخدامها، والرقم الثالث خاص بالتسجيل على مستوى الولاية، ولدى بيع السيارة وانتقالها من ولاية إلى أخرى، يتمّ تغيير الرقمين الأّول والثالث (رقم الولاية ورقم التسجيل).

في النهاية، لن يؤدي تغيير نظام ترقيم لوحات المركبات للقضاء على "الجهوية" كظاهرة اجتماعية، ولكن للتقليل من أعراضها، ويضع خطوة في طريق التخفيف من الأعراض، والأكيد أن منافع النظام الجديد أكثر من أيّة انتقادات يمكن أن يكون عرضة لها.

المساهمون