العنف ضد الأقباط.. "حاميها حراميها"

العنف ضد الأقباط.. "حاميها حراميها"

26 اغسطس 2017
(في القاهرة، تصوير: خربس)
+ الخط -



"الموت" أو "التهجير"، أمسى حال كثير من المسيحيين في مصر، وواقع ينخرطون في تفاصيله بشكل يومي، فلم يعد يختلف الوضع في سيناء عنه في محافظات مصر، سواءً في الصعيد والدلتا؛ حيث يتعرّضون لهجمات الجماعات المسلّحة، واستهدافهم بالاغتيالات والاعتداءات متكرّرة، في ظل غياب وتراخي الدولة، عن توفير الأمن وبسط سيطرتها، بل تساهم الدولة بدور مباشر، في تعزيز هذه الوجه الطائفي، الذي يفرضه نظام عبد الفتاح السيسي منذ تولّيه الحكم.

لا يمكن ردّ العدوان على المسيحيين إلى الجماعات المسلحة دون فهم الصلات العضوية، التي تربط بين وجود هذه التيارات والأنظمة السلطوية، في المجتمعات العربية، خاصّة، وملابسات الواقع الاجتماعي القلق والمحتقن، تبعًا للقرارات القمعية التي تشمل أفراده، وفي واقع كالذي نعانيه، جاء عقب هزيمة ثورة، حاولت إقامة دولة ديموقراطية حديثة، تحترم القانون والدستور والحرّيات.

إن غياب الضمانات الحقوقية والمساواة السياسية بين المواطنين، على أسس المواطنة والعدالة، سوف يسفر عن غياب الحرية الدينية سواءً للمسلمين أو المسيحيين واستمرار الصراع بينهما، طالما لا توجد دولة ذات مؤسّسات تضمن الحقوق الدستورية لمواطنيها، وهو ما يتسبّب في تفشي العنف والاضطهاد الطائفي بالإضافة إلى تعزيز خطاباته وانتشار مروجيه، وهو ما يتطلّب مثلًا إعادة النظر، في الإصلاحات القانونية لمعالجة تشييد الكنائس للمسيحيين، حيث كان يحتاج إعادة ترميم كنيسة موافقة رئاسية والتي كانت سببًا في اشتعال كثير من الاحتكاكات الطائفية الاعتداءات بين المواطنين وبعضهم.

ولا يمكن في هذا السياق أن نفلت مشهد الاعتداء الذي دبّرته ونفذته قوّات الشرطة والجيش في تشرين الأول/ أكتوبر 2011 ضد الأقباط، أمام اتحاد الإذاعة والتلفزيون ماسبيرو، واستخدام العنف المفرط ضدّهم بالأسلحة النارية والغاز المسيل للدموع ودهسهم بالمدرّعات.

ففي يوم الأحد 9 تشرين الأوّل/ أكتوبر، وبعد استهداف إحدى الكنائس في أسوان، احتشدت مجموعة كبيرة من الأقباط أمام مبنى "ماسبيرو"، للتنديد بتواطؤ المجلس العسكري في أعمال العنف ضدّ المسيحيين، وقبل وصول المحتجين إلى المبنى، اخترقت عربات الجيش الحشد، وساهم التلفزيون المصري بالتحريض ضدّهم وخروج المواطنين من منازلهم لحماية الجيش والشرطة، حيث زعم عدوان الأقباط عليهم، وأن المتظاهرين هم من بدأ أعمال العنف وحرّض المشاهدين على العدوان وتأييد القتل.

وقد بدأ البلطجية الذين كانوا يحتلون أسطح المنازل القريبة اعتداءاتهم بقذائف مولوتوف، وقُتل في تلك الحادثة سبعة وعشرون مدنيًا معظمهم من الأقباط، وبرّر المجلس العسكري عن نفسه هذه المجزرة بأن بعض الجنود أصيبوا بحالة من الذعر.

شارك مؤخرًا، في الاعتداء الطائفي على المسيحيين بالمنيا ومنعهم من الصلاة، قواّت الأمن والشرطة، حيث منع الأمن أقباط قرية نزلة النخل، التابعة للمحافظة، من إقامة قداس الأحد فيه أمس، وذلك بسبب شائعات روّجها بعض المواطنيين بأنه منزل لا يحمل رخصة كنيسة، بالرغم من تأكيد الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، أنها كنيسة يؤدي فيها سكان القرية المسيحيون الصلوات منذ ستة أشهر، وتحمل اسم مارمينا، وهو ما نفاه عدد من القيادات الأمنية وتسبّبوا في تصاعد الأزمة بهذا الشكل.

كما مُنع قس الكنيسة، بطرس عزيز، من دخول القرية، بسبب تخوّفات من تصاعد الاحتكاكات بين قوّات اﻷمن والعائلات القبطية، واضطر اﻷنبا مكاريوس ﻹقامة الصلوات، داخل أحد البيوت الخاّصة، لتفادي المواجهات وتخفيف حدّة الاحتقان الذي تسببت فيها قوّات الأمن، بسبب تعاملها المسيء والإهانات الشديدة، التي وجهتها للأقباط.

ترسيخ نظام سياسي فئوي بنزعة فاشية، تحميه أوليغاركية عسكرية وتقودها الأجهزة الأمنية، بينما تصرّ على فلسفة القمع والتعامل مع المواطنين بنوع من التعالي والازدراء، يخلق كافة العناصر التي تجعل الحوادث ظاهرة تنتج نفسها وتتكرّر مرارًا، وتضحي الدولة مشاركة في العدوان وحليفة مع المعتدين أو مجرّد متفرّج.

المساهمون